التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, 2025

ماذا حقّق الأمريكيون فعلياً من ضرباتهم الليلية على ثلاثة مواقع نووية في إيران؟ وهم القوة… وحقيقة الفشل الاستراتيجي

في جنح الليل، شنّت الطائرات الحربية الأمريكية ضربات على ثلاثة مواقع مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. واعتُبرت العملية في واشنطن “رسالة حازمة” إلى طهران، وعُرضت كعرض للقوة. لكن خلف مشهد الانفجارات والخطاب الصاخب، يبقى سؤال بسيط وأساسي: ماذا حقق الأمريكيون فعلاً؟ 1. البنية التحتية الحيوية لا تزال قائمة رغم استخدام الذخائر الدقيقة والتكنولوجيا المتطورة، تبدو البنية التحتية النووية الأساسية في إيران غير متأثرة إلى حد كبير. تشير التقارير الأولية إلى أضرار طفيفة فقط في منشآت ثانوية، بينما بقيت المنشآت الحيوية، كأجهزة الطرد المركزي ومراكز التخصيب، سليمة وتعمل. 2. التخصيب مستمر – والهدف العسكري بات معلناً لم تعد طهران مضطرة للاختباء وراء خطاب “الطاقة النووية السلمية”. الآن، وبكل وضوح، أصبح إنتاج السلاح النووي هدفاً مشروعاً ومطلوباً. العدوان الأمريكي لم يوقف التخصيب، بل منح إيران مبرراً سياسياً وأخلاقياً لتسريعه. 3. دول مستعدة لتزويد إيران برؤوس نووية في الخفاء، تلوح إشارات واضحة من بعض الدول — مثل روسيا أو كوريا الشمالية أو حتى باكستان — بأنّها مستعدة لتقديم دعم مباشر لإيران، سواء عبر نقل الت...

موسكو بين الحليف والوسيط: قراءة تحليلية في موقف روسيا من الحرب الإيرانية – الإسرائيلية وآفاقه المستقبلية

في خضم التوترات المتصاعدة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، تبرز روسيا كفاعل محوري يوازن بين شراكة إستراتيجية مع طهران، وعلاقات حذرة ومصلحية مع تل أبيب. تصريحات القيادة الروسية الأخيرة، وعلى رأسها الرئيس فلاديمير بوتين والمتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، تؤكد على ما يبدو أنه موقف مزدوج دقيق، تسعى موسكو من خلاله إلى تجنّب الانزلاق في مواجهة مباشرة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على موقعها كقوة عظمى ذات نفوذ في معادلات الشرق الأوسط. أولاً: دعم سياسي ثابت دون ترجمة عسكرية أكد الكرملين صراحة أن إيران لم تطلب أي دعم عسكري من روسيا، وأن الشراكة بين البلدين لا تتضمن بنودًا دفاعية. ومع أن هذا النفي يبدو تقنياً، فإن مغزاه السياسي عميق: موسكو تسعى لتفادي الدخول في حرب بالوكالة ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة، وتُبقي على دعمها لطهران ضمن الحدود السياسية والرمزية، خاصة في ظل حرجها الجيوسياسي في الحرب الأوكرانية. في المقابل، لا تنكر موسكو وجود أكثر من 250 خبيرًا روسيًا في منشأة بوشهر النووية، ما يعكس ارتباطًا وثيقًا بالمشروع النووي الإيراني، لكن بوتين سارع إلى طمأنة تل أبيب بأن سلامتهم م...

الهجوم الإيراني على بئر السبع: ضربة نوعية في قلب المنظومة العسكرية الصهيونية

في تطور لافت ومفاجئ فجر الجمعة، استهدفت صواريخ إيرانية مركزاً عسكرياً في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، يضم مؤسسات عسكرية وأخرى متخصصة في الحرب السيبرانية. هذا الهجوم النوعي جاء متزامناً مع تصريح مباشر وذي دلالة سياسية من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، حيث كتب على منصة “إكس”: “العدو الصهيوني يُعاقب في هذه اللحظة.” تفاصيل الهجوم وأبعاده العسكرية بحسب وسائل إعلام عبرية، فإن صاروخاً إيرانياً سقط فجراً على مدينة بئر السبع، دون أن تتمكن أنظمة الدفاع الجوي الصهيونية من اعتراضه. وقد أشارت التحقيقات الأولية، وفق ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن الصاروخ كان مزوّداً برأس حربي يزن أكثر من 300 كيلوغرام، ما يُظهر حجم القوة التدميرية التي كانت تستهدف البنية التحتية العسكرية الحساسة في المنطقة. إصابات وأضرار جسيمة من جهتها، أفادت خدمات الإسعاف الإسرائيلية بأن القصف تسبب بأضرار مباشرة في 18 منزلاً على الأقل، وأسفر عن إصابة ستة أشخاص بجروح متفاوتة. هذه الحصيلة البشرية والمادية تُعدّ ثقيلة بالنسبة لهجوم واحد، وتشير إلى اختراق خطير في الجبهة الداخلية لمنظومة الاحتلال...

حين يسبق الشيك صوت المدافع: تمويل دول الخليج للحروب بالوكالة

ثمة ثابتة تتكرر في صراعات الشرق الأوسط منذ مطلع الألفية الثالثة: فالحرب ليست دائمًا من صنع من يعلنها، ولكن غالبًا ما يدفع تكلفتها أولئك الذين يموّلونها. من الحرب ضد نظام معمر القذافي في ليبيا سنة 2011، إلى التوترات الراهنة مع إيران، تلعب عدة دول خليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دور المموّل الصامت لحروب تنفذها أطراف أخرى، عادةً الولايات المتحدة أو حلفاؤها. السابقة الليبية: حرب بالوكالة نفذها الناتو ومولها الخليج في عام 2011، شُنّت الحملة العسكرية ضد القذافي بغطاء من مجلس الأمن وبقيادة حلف الناتو، لكنها كانت مدعومة ماليًا بشكل كبير من قبل بعض دول الخليج الفارسي. لعبت قطر دورًا مباشرًا من خلال دعم الجماعات المسلحة، في حين ساهمت الإمارات والسعودية في الدعم اللوجستي والسياسي. ورغم أن الحرب قُدّمت آنذاك كاستجابة إنسانية لقمع النظام، إلا أنها خدمت أهدافًا جيوسياسية واضحة: إزاحة زعيم غير منضبط إقليميًا، وإعادة تشكيل موازين القوى، وتأمين منافذ الطاقة. كان التمويل الخليجي إذن استثمارًا مدروسًا في مشروع إعادة هندسة المنطقة. ترامب، إيران، والمليارات السعودية: ...

هل تهدد إسرائيل الجزائر؟ قراءة في تصريحات مئير المصري المثيرة للجدل

أثارت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مئير المصري، المعلق السياسي الإسرائيلي المعروف بإطلالاته على قناة i24NEWS ومنشوراته على منصة X (تويتر سابقاً)، حالة من الاستغراب والقلق لدى المتابعين للشأن السياسي في الجزائر. إذ قال صراحة: “بعد أن ننتهي من إيران، ستكون الجزائر هدفنا التالي، فهي آخر معاقل الكراهية ضد إسرائيل في العالم العربي.” ورغم أن هذه التصريحات لا تصدر عن مسؤول رسمي في الحكومة الإسرائيلية، إلا أن طبيعتها التحريضية وخطورتها الرمزية تستوجب التوقف عندها وتحليل خلفياتها وأبعادها الجيوسياسية.  سياق التصريحات ومضمونها في مقابلة بثتها قناة i24NEWS، التي تُعرف بقربها من دوائر صنع القرار الإسرائيلي وتروّج غالباً للمواقف الرسمية الإسرائيلية بأسلوب إعلامي ناعم، أطلق مئير المصري تهديداً مباشراً ضد الجزائر، معتبراً إياها “عقبة أيديولوجية” أمام المشروع الإسرائيلي في المنطقة. لاحقاً، نشر المصري سلسلة تغريدات على حسابه في منصة X، اتهم فيها الجزائر بـ”تمويل الإرهاب”، و”التحريض ضد إسرائيل”، و”تهديد الاستقرار الإقليمي”. لماذا تُستهدف الجزائر تحديداً؟ الجزائر لا تُشكّل خطراً عسكرياً مباشراً عل...

تفكيك الادعاءات المغربية حول دعم الثورة الجزائرية: بين الواقع التاريخي والمزايدات الدعائية

عرفت العلاقات الجزائرية-المغربية خلال حرب التحرير الجزائرية (1954-1962) تعقيدات متشابكة، تتجاوز السرديات الرومانسية التي يروج لها البعض عن “وحدة المصير” و”التلاحم النضالي”. المقال الذي نشر مؤخرًا تحت عنوان “حرب التحرير الجزائرية في الصحافة المغربية: جوانب من الدعم المغربي للكفاح الجزائري من أجل الاستقلال”، يحاول تقديم المغرب كفاعل محوري في دعم الثورة الجزائرية. غير أن هذا السرد يغفل السياق الحقيقي، ويغطي على مواقف مغربية رسمية اتسمت في فترات عديدة بالمراوغة، بل وبالتواطؤ أحيانًا مع المستعمر الفرنسي لخدمة مصالح توسعية ضيقة. في هذا المقال الأكاديمي، نردّ، نقطة بنقطة، على الادعاءات الواردة في هذا الخطاب الدعائي، معتمدين على المصادر التاريخية الجزائرية والغربية، وشهادات قادة الثورة أنفسهم. أولًا: الصحافة المغربية والثورة الجزائرية: دعم لفظي لا يرقى إلى المساندة الفعلية يدّعي المقال أن الصحافة المغربية شكلت “منبرًا إعلاميًا خارجيًا” للتعريف بالثورة الجزائرية. صحيح أن بعض الجرائد المغربية مثل “العلم” و”التحرير” تحدثت عن الثورة، غير أن هذا لا يمكن بأي حال اعتباره دعمًا حقيقيًا. فقد كانت هذه ...

أسطورة يَهوديت: حين تتحكم الخرافة في عقيدة الاغتيال الإسرائيلي

رغم ما تُعرف به المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من تقدم تقني وقدرات تكتية عالية، إلا أن استراتيجيتها في بعض جوانبها لا تزال حبيسة تصورات ميثولوجية ضاربة في القدم، يتقدمها السرد الديني القديم عن يَهوديت وهولوفرنيس، والذي يحتل مكانة رمزية بارزة في المخيال الجمعي الإسرائيلي، خصوصاً خلال احتفالات “حانوكا”. يستند هذا السرد إلى واقعة ميثولوجية تُصور اغتيال قائد عسكري عظيم على يد امرأة يهودية متدينة باعتباره السبب المباشر لانهيار جيشه بأكمله. ورغم البعد الرمزي لهذا النص، فإن تبنيه كقاعدة غير معلنة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، ولا سيما في استراتيجية الاغتيالات المركزة، يكشف عن إيمان شبه غيبي بأن القضاء على رأس التنظيم يعني بالضرورة تفككه. لكن هذه الرؤية، المترسخة في لاوعي سياسي/ديني، تتناقض جذرياً مع منطق الحروب الحديثة، بل وقد تؤدي إلى نتائج عكسية تماماً. من الحكاية الدينية إلى العقيدة الأمنية في قصة يَهوديت، نجد امرأة تتقن التلاعب بخصمها، فتغويه، وتسقيه حتى الثمالة، ثم تقطع رأسه أثناء نومه، فتقع البلبلة في صفوف جيشه، وينهار أمام جموع “المقاومة اليهودية”. بهذا الفعل الفردي الحاسم، تغير امرأة...

المواجهة العسكرية بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية (12–13 يونيو 2025): لحظة مفصلية في إعادة تشكيل التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط

تمثل المواجهة العسكرية التي اندلعت بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال ليلتي 12 و13 يونيو 2025 نقطة تحول حاسمة في مسار الصراعات الجيوستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط. فخلف ما رُوّج له كنجاح تكتيكي إسرائيلي، تتوارى عملية معقّدة من حيث الأهداف، قد تكون في حقيقتها مقدّمة لفشل استراتيجي. إذ لم يكن الهدف مقتصرًا على إعادة ترسيخ الردع النووي ضد طهران، بل سعت تل أبيب، على ما يبدو، إلى استدراج ردّ إيراني عنيف قد يبرّر تدخلًا عسكريًا غربيًا، وربما يفتح الباب أمام تقويض النظام الإيراني من الداخل. وفي مواجهة هذه الضربة غير المسبوقة، جاءت الاستجابة الإيرانية محسوبة ومتقنة، عكست فهمًا عميقًا لمعادلات التصعيد وآلياته، وبرزت كجزء من استراتيجية احتواء متماسكة تهدف إلى تجنب الانجرار إلى حرب شاملة. 1. ضربة 12 يونيو: صدمة، رعب، ومحاولة لقطع الرأس في ليلة الثاني عشر من يونيو، شنّت قوات الدفاع الإسرائيلية سلسلة ضربات منسّقة شملت إطلاق ما يقارب 330 صاروخًا باليستيًا في خمس موجات متتالية. واستُخدمت في العملية صواريخ من طراز “غولدن هورايزن”، “سيلفر سبارو”، و”إير لورا”، واستهدفت مراكز قيادة رئيسية ف...

محدودية القوة الجوية الإيرانية: نقطة ضعف استراتيجية في مواجهة إسرائيل

في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، والتي تفاقمت بفعل الضربات الجوية المتكررة على الأراضي السورية، وأخيرًا على الأراضي الإيرانية نفسها، تبرز إحدى الثغرات الأخطر في بنية الدفاع الإيراني: الضعف البنيوي في سلاح الجو الإيراني. فرغم ما حققته طهران من تقدم في مجالات متعددة من الصناعات العسكرية، لا تزال قدراتها الجوية تشكل نقطة ضعف استراتيجية، خاصة في مواجهة خصم متفوق تكنولوجيًا كإسرائيل. سلاح جو متقادم تقنيًا منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 وفرض الحظر العسكري الغربي، لم تتمكن إيران من تحديث أسطولها الجوي بشكل حقيقي. فمعظم طائراتها القتالية تعود إلى حقبة ما قبل الثورة، مثل طائرات F-4 Phantom ، و F-5 Tiger ، و F-14 Tomcat الأمريكية، إضافة إلى بعض الطائرات الروسية مثل MiG-29 و Su-24 ، إلى جانب محاولات محلية محدودة مثل مقاتلة “كوثر”، التي تفتقر بدورها إلى القدرات القتالية الحديثة. وتُعد أكبر نقطة ضعف في هذه المقاتلات افتقارها إلى القدرة على الاشتباك خارج مدى الرؤية ( BVR )، وهي القدرة التي تُعتبر معيارًا رئيسيًا في الحروب الجوية الحديثة، حيث تعتمد على أنظمة رادار متقدمة وصواريخ ج...

من نافارين إلى 1830: كيف فتحت الجزائر أبوابها للاستعمار بنفسها؟

من خطأ بحري إلى كارثة استراتيجية… قراءة في تاريخ طويل من إهمال المصالح الحيوية في 20 أكتوبر 1827، دارت معركة نافارين (Navarino) في خليج صغير جنوب غرب البيلوبونيز (اليونان اليوم)، وخلّفت آثاراً عميقة على توازن القوى في البحر الأبيض المتوسط. لكن ما يهمنا، كجزائريين، ليس فقط ما جرى عسكريًا في تلك المواجهة، بل كيف انخرطت الجزائر، وهي آنذاك قوة بحرية مستقلة تابعة اسميًا للعثمانيين، في حرب لا تعنيها، لتدفع لاحقًا ثمنًا استراتيجيًا باهظًا ظلّت تعاني تبعاته قرنًا ونيفًا. أولاً: السياق التاريخي والسياسي لمعركة نافارين شهدت بدايات القرن التاسع عشر صعود حركات التحرر الوطني في أوروبا، ومن بينها الثورة اليونانية ضد الحكم العثماني التي اندلعت سنة 1821. هذه الثورة حظيت بدعم واسع من القوى الأوروبية، التي رأت فيها فرصة لإضعاف الدولة العثمانية وفتح المجال لنفوذها في شرقي المتوسط. في المقابل، كان الباب العالي يُقاتل لقمع التمرد، فاستنجد بمحمد علي والي مصر، الذي أرسل أسطولًا قويًا إلى اليونان بقيادة ابنه إبراهيم باشا. كما شاركت الجزائر بأسطول بحري إلى جانب العثمانيين، رغم أن الثورة اليونانية لم تهدد أمن ...

المغرب رابع أكثر الدول الإفريقية مديونية: هشاشة هيكلية وهروب إلى الأمام في سباق التسلّح ضد الجزائر

كشف تقرير حديث صادر عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (Afreximbank)، بتاريخ 28 ماي 2025، تحت عنوان “الوضع الراهن لعبء الديون في إفريقيا ومنطقة الكاريبي”، أن المغرب يحتل المرتبة الرابعة ضمن أكثر الدول الإفريقية مديونية، بدين خارجي بلغ 45.65 مليار دولار سنة 2023، أي ما يمثل 5.9% من إجمالي الدين الخارجي للقارة الإفريقية. ورغم محاولات تقديم الوضع على أنه مستقر، إلا أن هذه الأرقام تعكس هشاشة مالية متزايدة واعتماداً مفرطاً على الأسواق الخارجية، يُنذر بانزلاق اقتصادي خطير إذا لم يتم تدارك المسار الحالي. ارتهان خطير للأسواق المالية الدولية يعتمد المغرب بشكل كبير على الاقتراض من الأسواق المالية الدولية، لا سيما من الدائنين الخواص، ما يجعله عرضة للتقلبات في شروط التمويل الخارجي، كارتفاع أسعار الفائدة أو تشديد شروط الإقراض. وفي غياب ثروات طبيعية كبيرة تُعزز الضمانات السيادية، مثل النفط والغاز، فإن القدرة على الصمود المالي لدى المغرب تظل ضعيفة مقارنةً بدول أخرى في المنطقة. هذا الارتهان الخارجي لا يُهدّد فقط استقرار المالية العمومية، بل يحدّ من قدرة المغرب على وضع سياسات مستقلة بعيداً عن إملاءا...

ازدواجية المعايير: لماذا يدافع “الطيّبون” في فرنسا عن خائن جزائري ويصمتون عن نائبة فرنسية منتخبة؟

منذ أيام قليلة، ضجّت وسائل الإعلام الفرنسية ومنابرها الثقافية بحملة منظمة دفاعاً عن الكاتب الجزائري بوعلام صنصال. هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم “أصدقاء الحريات” يقيمون الدنيا ولا يقعدونها تنديداً بما يسمّونه “قمعاً” في الجزائر. لكن المفارقة الصادمة هي أن هؤلاء أنفسهم يلتزمون صمتاً مخزياً ومتعجرفاً تجاه الحملة العنصرية والشنيعة التي تتعرض لها النائبة الفرنسية من أصل فلسطيني ريما حسن، المنتخَبة ديمقراطياً في البرلمان الأوروبي. تُهان، تُهدد، وتُحاصر لأنها فقط تدافع عن القانون الدولي وعن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. لماذا إذن هذه الإزدواجية؟ لماذا تنهال الكلمات الرنّانة دفاعاً عن رجل اختار خيانة وطنه، في حين لا نسمع منهم كلمة واحدة دفاعاً عن نائبة فرنسية تتعرض لحملة كراهية في صلب الديموقراطية؟ 1. بوعلام صنصال: كاتب الإساءات المتكرّرة لنكن واضحين: بوعلام صنصال لا يمثل الجزائر ولا شعبها. هو منذ سنوات طويلة مجرد أداة تُستخدم في الحملات المعادية للجزائر. في كتاباته وفي مقابلاته مع وسائل الإعلام الفرنسية، لا يفوّت فرصة إلا ويُسيء إلى وطنه، يُكرّر خطابات استعمارية عفا عليها الزمن، ويُغذّي الأكاذ...

في مواجهة هندسة مغربٍ عربيًا زائف: الجزائريون في فرنسا مدعوون إلى اليقظة

في مدينة فرنسية متوسطة الحجم، عُرفت لعقود بحضورها الجزائري القوي في أحيائها الشعبية، مرّت مشهديةٌ خطيرةٌ في صمت، لكنها كشفت حرباً خفيةً عميقةً تُخاض على الهوية والرمزية. في الاحتفال السنوي الذي اعتاد فيه رئيس البلدية تكريم الوجوه الجمعوية الجزائرية التي أسّست النسيج الاجتماعي للمدينة منذ الثمانينيات، حضر هذه المرة مرفوقاً بقنصل المغرب. وتحت أنظار رموز الجالية الجزائرية التاريخية، تم تكريم المغاربة، الوافدين حديثاً إلى المدينة منذ خمس سنوات فقط، فيما أُقصي الجزائريون من المشهد. لم يكن ذلك مجرد سهو أو خطأ بروتوكولي. بل كان رسالة واضحة: محاولة لتحويل مركز الثقل المجتمعي. مسعىٌ لكتابة تاريخ الحي الشعبي الفرنسي بمداد مغربي. وهذا المشهد ليس إلا عرَضاً من أعراض حرب ناعمة تُشنّ اليوم في فرنسا: هندسة اجتماعية وسياسية خفية، تهدف إلى جعل المغرب “المرجع المغاربي الأول”، بل المرجع الوحيد المسموح به، في مختلف الميادين: الدين، الثقافة، الرياضة، الإعلام. استراتيجية حصان طروادة المغربي في مدن كبرى مثل مرسيليا، تولوز، وليون، حيث كان الجزائريون يشكلون الأغلبية لعقود، نشهد اليوم صعوداً ديموغرافياً ومؤسسات...

مباراة المغرب وتونس في فاس: بروفة فضائحية لما ينتظرنا في كأس إفريقيا المقبلة

لم تكن مباراة المغرب وتونس الودية في فاس مجرّد لقاء كروي عابر، بل كانت بروفة حيّة لِما يُحضّره النظام المغربي من مهازل تنظيميّة وفضائح رياضية خلال كأس إفريقيا للأمم المقبلة. من كان ينتظر مباراة رياضية نظيفة خرج مصدوماً بما رآه: أرضية ملعب كارثية، تحكيم فاسد، وفوز مغربي لا يمتّ للروح الرياضية بصلة. نبدأ بالمشهد الأوضح: أرضية الملعب. ما شاهدناه في فاس ليس ملعب كرة قدم بل قطعة أرض تصلح بالكاد لزراعة البطاطس. ومع اقتراب موعد البطولة القارية التي يُفترض أنها “فُرصة المغرب للتألّق القاري”، قدّم لنا المخزن عيّنة مبكّرة عن تلك “البُنى التحتيّة الحديثة” التي روّج لها عبر إعلامه المأجور. لكن، ومن باب الإنصاف، يجب أن نحيّي الجماهير المغربية الشجاعة التي فضحت هذا العبث وعرّت فشل رئيس اتحاد الكرة المغربي، سيّئ الصيت، فوزي لقجع. آه يا فوزي لقجع… هذا الاسم أصبح مرادفاً لكل أشكال الفساد الرياضي في القارة. الرجل الذي لا يفوّت فرصة لاستغلال كرة القدم لتلميع صورة نظام يرزح تحت أزمات اجتماعية خانقة. الملايير التي يُهدرها النظام على ترقيع ملاعب مهترئة، في بلد يئنّ فيه المواطن البسيط تحت وطأة الجوع والفقر،...

انسحاب “فاغنر” من مالي: انتصار استراتيجي للجزائر

بعد أربع سنوات من الوجود المثير للجدل، والذي اتّسم بالفظائع والإخفاقات الأمنية، حزمت مجموعة “فاغنر” الروسية شبه العسكرية حقائبها وغادرت مالي. جاء هذا الانسحاب المفاجئ بعد ضغوط دبلوماسية وأمنية مكثفة قادتها الجزائر، التي تؤكد مرة أخرى مكانتها كقوة إقليمية لا غنى عنها وضامنة للاستقرار في منطقة الساحل. ثقل الدبلوماسية الجزائرية منذ وصول مرتزقة “فاغنر” إلى مالي سنة 2021، لم تتوقف الجزائر عن التنديد بهذا الوجود الأجنبي في منطقة تعتبرها حيوية لأمنها القومي. وأكدت الجزائر على الدوام، وبثبات وحزم، رفضها القاطع لتحويل الساحل إلى ساحة صراع تتقاسمها القوى الخارجية والشركات العسكرية الخاصة. وبحسب الخبير في الشؤون الدفاعية ومؤسس موقع Menadefense ، أكرم خريف ، فإن قرار موسكو بسحب “فاغنر” يرتبط بشكل مباشر بتدهور العلاقات الجزائرية الروسية حول هذا الملف، بالإضافة إلى الفشل العسكري الذريع في “تينزاواتين” في يوليو 2024 — وهو نكسة كشفت عجز المجموعة الروسية عن فهم تعقيدات الساحة القتالية في الساحل. من خلال ممارسة ضغوط سياسية مستمرة، وتعزيز الأمن على حدودها، ودعم المطالب المشروعة لشعوب أزواد، سخّرت الجزائر...

مالي: انسحاب مرتزقة فاغنر بين الغموض والدعاية وإعادة تشكيل الحضور الروسي — ما مستقبل مكافحة الإرهاب في منطقة تحالف دول الساحل؟

لا يزال الغموض يحيط بمسألة وجود وانسحاب مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية من مالي. ففي الأوساط الرسمية في العاصمة باماكو، لم تؤكد أي من المصادر التي تواصلنا معها، ولم تنفِ، الأنباء حول هذا الانسحاب. موقف حذر يعكس الخطاب الذي اعتمدته السلطات العسكرية منذ البداية، حيث لم تعترف رسميًا بوجود مرتزقة، مفضلة استخدام تعبير أكثر دبلوماسية: «مدربون روس». على الجانب الروسي، الصورة أوضح بكثير. فقد بثّت قنوات الدعاية الموالية للكرملين فيديو تعلن فيه فاغنر: «لقد أدّينا مهمتنا. نحن عائدون إلى الوطن». بهذه الرسالة، يسعى التنظيم إلى تسويق حصيلة ثلاث سنوات من الحضور في مالي، بدأها عام 2021 بعد انسحاب عملية برخان الفرنسية التي دفعتها السلطة العسكرية إلى المغادرة. وتدّعي فاغنر، التي تصف نفسها بأنها «أقوى جيش خاص في العالم»، أنها قتلت «آلاف الإرهابيين» و«قضت على قادة المسلحين» بضربات حاسمة. بل وتذهب إلى اتهام القوات الغربية بـ «عدم محاربة الإرهاب» و«نهب ثروات مالي الوطنية بشكل منهجي». الواقع الميداني… صورة مغايرة لكن هذه الادعاءات تتناقض بشكل صارخ مع واقع الميدان. في مطلع يونيو الجاري، أعلنت جماعة نصرة الإسلام و...