التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف تاريخ الجزائر

الثورة الجزائرية في رؤية الجنرال جياب: دراسة تحليلية لأعظم ثورات القرن العشرين

وصف الجنرال الفيتنامي الشهير فو نغوين جياب الثورة الجزائرية بأنها أعظم ثورات القرن العشرين، وهو تقييم يعكس فهمه الاستراتيجي العميق لديناميات حركات التحرر الوطني. هذه الرؤية لا تقتصر على الجانب العسكري، بل تمتد لتشمل البُعد السياسي والدبلوماسي والإعلامي، مما يجعل الثورة الجزائرية نموذجًا استثنائيًا في تاريخ الصراعات ضد الاستعمار. أولاً: نقل المعركة إلى قلب المستعمر أبرز ما يميز الثورة الجزائرية هو قدرتها على إيصال الصراع إلى المدن الفرنسية الكبرى، كالعاصمة باريس ومرسيليا وليون، ما ألقى الضوء على عدم إمكانية فصل الحرب الجزائرية عن الواقع الفرنسي:  • العمليات المسلحة داخل فرنسا قلبت المفاهيم التقليدية للحرب الاستعمارية، حيث لم تعد المواجهة محصورة في المستعمرات.  • هذا التحول الاستراتيجي أسهم في تغيير الرأي العام الفرنسي وإجبار السلطات على مواجهة ضغوط داخلية متزايدة، مما أضعف موقعها السياسي والعسكري. ثانياً: معركة الرأي العام الدولي تميزت الثورة الجزائرية بقدرتها على تحويل القضية الوطنية إلى قضية عالمية:  • نجحت جبهة التحرير الوطني في عرض قضية الجزائر على مجلس الأمن والجمعية ...

تغيير إسم سلطنة فاس ومراكش وانعكاساته على التاريخ والهوية منطقة المغرب العربي

المغرب العربي، بأرضه الغنية بالهويات المتعددة وتاريخه المليء بالديناميات المعقدة، لم ينجُ من بصمات الاستعمار العميقة. ومن بين أخطر القرارات التي فرضتها القوى الاستعمارية، يبرز قرار تغيير اسم المغرب من “سلطنة فاس ومراكش” أو “المغرب الأقصى” إلى “المغرب” تحت الحماية الفرنسية، كخطوة لم تكن إدارية بريئة كما روّجوا لها، بل مؤامرة تاريخية محبوكة. فرنسا، التي كانت تخطط منذ القرن التاسع عشر لابتلاع الجزائر بالكامل ومسح وجودها كأمة، وجدت في هذا التغيير فرصة ذهبية لتزييف الوعي الجماعي في المنطقة. الهدف الخفي كان واضحًا: إعطاء المغرب غطاءً تاريخيًا أوسع، يسمح له بالسطو الرمزي على تاريخ الجزائر المجيد، وتبرير الاحتلال الفرنسي باعتباره “إعادة توحيد” أراضٍ مغربية مزعومة. أدى توحيد تسمية المغرب إلى تركيز الروايات التاريخية في المخيال الجماعي، مما أدى أحيانًا إلى طمس أو تقليل إسهامات الشعوب الأخرى في المغرب العربي، لا سيما الجزائر. وقد تسبب هذا الأمر في توترات حول تأويل التاريخ والمطالبة بشخصيات بارزة مثل طارق بن زياد، وسيدي بومدين الغوث، فضلًا عن باب المغاربة في القدس. السياق التاريخي والإداري قبل ...

حين يجعل القصور في تدريس التاريخ الجزائر عرضةً للحرب الهجينة التي يشنّها المغرب

إن النزعة الطبيعية للنظام الملكي المغربي للخيانة ليست جديدة، كما يتضح في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ فبراير 1873، اين يؤكد المقال أن هزيمة الأمير عبد القادر "لم تكن بسبب براعة السلاح الفرنسي"، بل بسبب الخيانة التي كان ضحية لها على يد السلطان المغربي عبد الرحمن الذي تحالف مع فرنسا لمحاصرته. الغرض من هذا المقال ليس تعداد القائمة الطويلة من الخيانات المغربية التي بدأت بخيانة بوخوس للملك الجزائري يوغرطة، مرورا بخيانة الأمير عبد القادر، وكان هناك أيضا دور الطابور المغربي في مجازر 8 مايو 1945 بسطيف، ڨالمة وخراطة، دون أن ننسى طائرة جبهة التحرير الوطني التي اختطفت في 22 أكتوبر 1956 أو الاستخدام المخزي للثورة الجزائرية من قبل السلطان محمد الخامس للضغط على فرنسا للحصول على مزايا للمغرب. كل الخيانات المذكورة أعلاه لا يتم تدريسها للأطفال الجزائريين في المدارس الجزائرية، لأن القادة الجزائريين أرادوا الحفاظ على الأخوة التي لم تكن موجودة أبدا بين الشعبين الجزائري والمغربي. هذه السذاجة الغير مفهومة من الجانب الجزائري تتناقض مع البرامج المدرسية المغربية التي أعدت الأطفال المغاربة عل...

لماذا لا تستحضر الجزائر الرسمية ملف الأراضي الجزائرية التي نهبتها فرنسا عام 1845 لصالح المغرب؟

منذ توحيد نوميديا ​​عام 202 قبل الميلاد ، امتدت الحدود الجزائرية دائمًا إلى واد ملوية في أقصى الغرب من أراضينا (Histoire des Berbères, W. M-G de Slane, tome III, page 180 et Histoire des Berbères. Traduction de Slane. Tome I, p. 194 et suiv.) كان وصول الفرنسيين إلى الجزائر عام 1830 سببًا لخسارة الجزائر لأراضٍ لا تقدر بثمن. في الواقع ، من أجل القضاء على مقاومة الأمير عبد القادر الذي قاد معارك بطولية ضد فرنسا بين عامي 1832 و 1847 ، وجدت فرنسا في شخص السلطان عبد الرحمن من المغرب حليفًا مثاليًا ، تزامنت مصالح عبد الرحمن مع فرنسا: تولى عبد الرحمن نظرة قاتمة للمآثر العسكرية للأمير عبد القادر المنحدر من أصل إدريسي ، أصبحت هيبة الأمير عبد القادر ذات أهمية متزايدة ، بما في ذلك في المغرب.  كان هناك خطر على عرشه الذي كان تحت التهديد من قبل العديد من القبائل البربرية الذين لم يعترفوا بقيادته للمغرب. هكذا تحالف السلطان المغربي مع فرنسا لخيانة الأمير عبد القادر وكمكافأة ، وقعت فرنسا مع عبد الرحمن على معاهدة لالا مغنية في 18 مارس 1845 والتي بموجبها تنازلت فرنسا للمغرب عن الأراضي الجزائرية شرق واد...

بوعلام صنصال: حين تتحول الكلمة إلى خنجر في ظهر الوطن

يوم الثلاثاء 24 جوان 2025، لم يكن يوماً عادياً في مسار السيادة القضائية الجزائرية، بل محطة حاسمة أكّدت أن الدولة الجزائرية لا تساوم حين يتعلّق الأمر بوحدتها الترابية وأمنها القومي. ففي هذا اليوم، مثل الكاتب المثير للجدل بوعلام صنصال أمام محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة، حيث التمس ممثل النيابة العامة عقوبة ثقيلة: عشر سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري، بتهم تمسّ قلب الدولة وسيادتها. حين يخون القلم الراية بوعلام صنصال، الذي ظل لسنوات يقدّم نفسه ككاتب ومثقف، تجاوز حدود الرأي والتعبير حين ظهر في أكتوبر الماضي على قناة فرنسية محسوبة على اليمين المتطرف، ليتفوّه بكلام خطير ينال من وحدة الجزائر الترابية ويسيء إلى تاريخها. لم يتردد في الادّعاء أن جزءاً من الغرب الجزائري “ينتمي تاريخياً إلى المغرب”، في تصريح يتقاطع بشكل صارخ مع أطماع توسعية لطالما روّجت لها دوائر معادية للجزائر. هذه ليست زلّة لسان، بل سلوك ممنهج ينبع من مشروع فكري خطير يسعى لتقويض ركائز الدولة الوطنية. هل نسي صنصال أن حدود الجزائر سُقيت بدماء الشهداء؟ هل اعتقد أن التاريخ يُعاد كتابته في صالونات باريس على أ...

تفكيك الادعاءات المغربية حول دعم الثورة الجزائرية: بين الواقع التاريخي والمزايدات الدعائية

عرفت العلاقات الجزائرية-المغربية خلال حرب التحرير الجزائرية (1954-1962) تعقيدات متشابكة، تتجاوز السرديات الرومانسية التي يروج لها البعض عن “وحدة المصير” و”التلاحم النضالي”. المقال الذي نشر مؤخرًا تحت عنوان “حرب التحرير الجزائرية في الصحافة المغربية: جوانب من الدعم المغربي للكفاح الجزائري من أجل الاستقلال”، يحاول تقديم المغرب كفاعل محوري في دعم الثورة الجزائرية. غير أن هذا السرد يغفل السياق الحقيقي، ويغطي على مواقف مغربية رسمية اتسمت في فترات عديدة بالمراوغة، بل وبالتواطؤ أحيانًا مع المستعمر الفرنسي لخدمة مصالح توسعية ضيقة. في هذا المقال الأكاديمي، نردّ، نقطة بنقطة، على الادعاءات الواردة في هذا الخطاب الدعائي، معتمدين على المصادر التاريخية الجزائرية والغربية، وشهادات قادة الثورة أنفسهم. أولًا: الصحافة المغربية والثورة الجزائرية: دعم لفظي لا يرقى إلى المساندة الفعلية يدّعي المقال أن الصحافة المغربية شكلت “منبرًا إعلاميًا خارجيًا” للتعريف بالثورة الجزائرية. صحيح أن بعض الجرائد المغربية مثل “العلم” و”التحرير” تحدثت عن الثورة، غير أن هذا لا يمكن بأي حال اعتباره دعمًا حقيقيًا. فقد كانت هذه ...

من نافارين إلى 1830: كيف فتحت الجزائر أبوابها للاستعمار بنفسها؟

من خطأ بحري إلى كارثة استراتيجية… قراءة في تاريخ طويل من إهمال المصالح الحيوية في 20 أكتوبر 1827، دارت معركة نافارين (Navarino) في خليج صغير جنوب غرب البيلوبونيز (اليونان اليوم)، وخلّفت آثاراً عميقة على توازن القوى في البحر الأبيض المتوسط. لكن ما يهمنا، كجزائريين، ليس فقط ما جرى عسكريًا في تلك المواجهة، بل كيف انخرطت الجزائر، وهي آنذاك قوة بحرية مستقلة تابعة اسميًا للعثمانيين، في حرب لا تعنيها، لتدفع لاحقًا ثمنًا استراتيجيًا باهظًا ظلّت تعاني تبعاته قرنًا ونيفًا. أولاً: السياق التاريخي والسياسي لمعركة نافارين شهدت بدايات القرن التاسع عشر صعود حركات التحرر الوطني في أوروبا، ومن بينها الثورة اليونانية ضد الحكم العثماني التي اندلعت سنة 1821. هذه الثورة حظيت بدعم واسع من القوى الأوروبية، التي رأت فيها فرصة لإضعاف الدولة العثمانية وفتح المجال لنفوذها في شرقي المتوسط. في المقابل، كان الباب العالي يُقاتل لقمع التمرد، فاستنجد بمحمد علي والي مصر، الذي أرسل أسطولًا قويًا إلى اليونان بقيادة ابنه إبراهيم باشا. كما شاركت الجزائر بأسطول بحري إلى جانب العثمانيين، رغم أن الثورة اليونانية لم تهدد أمن ...

وكالة المخابرات المركزية ترفع السرية عن وثيقة تسلط الضوء على الدوافع الحقيقية للمغرب في حرب الرمال عام 1963

في 23 أغسطس 1957، تم إعداد وثيقة سرية لوكالة المخابرات المركزية (CIA) تكشف عن عناصر حاسمة تتعلق بالسياسة الفرنسية تجاه الجزائر، التي كانت آنذاك في خضم حرب الاستقلال. بعد رفع السرية عنها مؤخرًا، تسلط هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على نوايا فرنسا فيما يخص المناطق النفطية الصحراوية واستراتيجياتها بعد الاستقلال. من خلال مناورات دبلوماسية واقتصادية وجيوسياسية، سعت باريس إلى الحفاظ على سيطرتها على هذه المنطقة الاستراتيجية. صحراء جزائرية ضرورية لفرنسا وفقًا لهذه الوثيقة، اعتبرت فرنسا الصحراء الجزائرية منطقة ذات أهمية قصوى، ليس فقط بسبب مواردها النفطية والغازية، ولكن أيضًا لموقعها الاستراتيجي في شمال إفريقيا. في هذا السياق، كانت باريس تسعى بأي ثمن إلى الحفاظ على نفوذها في المنطقة من خلال فصلها إداريًا عن بقية الجزائر. وقد تجسدت هذه السياسة في عام 1957 بإنشاء مقاطعتين صحراويتين منفصلتين، في خطوة تهدف إلى ضمان استمرار وصول فرنسا إلى حقول النفط والغاز، حتى في حالة استقلال الجزائر. استراتيجية البنية التحتية المدروسة تكشف الوثيقة أيضًا أن فرنسا لم تكن ترغب في بناء خطوط أنابيب للغاز أو النفط تربط الصحر...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...

أسطورة الدعم المغربي للثورة الجزائرية: تاريخ من الحسابات والانتهازية

 غالبًا ما يتم الترويج لعلاقة المغرب بالثورة الجزائرية من خلال رواية منحازة ، يغذيها الخطاب الرسمي المغربي الذي يصوّر محمد الخامس كحليف وفيّ للجزائر في نضالها من أجل الاستقلال. ومع ذلك، فإن تحليلًا دقيقًا للأحداث التاريخية يكشف أن هذا الدعم لم يكن مجانيًا ولا مدفوعًا بروح التضامن ، بل كان أداة سياسية بحتة استغلها العرش المغربي لتعزيز نفوذه وتحقيق أطماعه التوسعية على حساب الجزائر المستقلة حديثًا. دعم مشروط بمصالح استراتيجية عندما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية عام 1954، كان المغرب قد استعاد للتو استقلاله عام 1956. وفي ظل أوضاع داخلية غير مستقرة، سعى محمد الخامس إلى ترسيخ سلطته وإيجاد أوراق ضغط في مفاوضاته مع فرنسا. وهكذا، اعتبر دعم الثورة الجزائرية وسيلةً لتعزيز مكانته على الساحة الدولية، وأداة للمساومة للحصول على تنازلات من باريس، خاصةً فيما يتعلق بالحدود. قدم المغرب دعمًا محدودًا للثوار الجزائريين، مثل السماح لهم باستخدام أراضيه كقاعدة خلفية، لكنه لم يكن دعمًا غير مشروط . فقد كان هذا الموقف مرتبطًا بحسابات دقيقة، حيث حاول المغرب مقايضة هذا الدعم باعتراف جبهة التحرير الوطني الج...

المقاربة الفرنسية - المغربية: إنكار وجود الأمة الجزائرية

لطالما كانت الهوية الوطنية الجزائرية هدفًا لمحاولات الطمس والتشويه، سواء من قِبل الاستعمار الفرنسي الذي سعى إلى تبرير احتلاله للجزائر، أو من قِبل النظام المغربي اليوم الذي يستخدم خطابًا مشابهًا لتقويض الشرعية التاريخية والثقافية للدولة الجزائرية. هذه المحاولات ليست معزولة عن بعضها البعض، بل تحمل أوجه تشابه واضحة وتجسد تقاطع مصالح قديمًا وحديثًا بين القوى الاستعمارية وأطراف سياسية إقليمية. المقاربة الفرنسية: إنكار وجود الأمة الجزائرية سياسة الاستعمار الفرنسي: مع بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، تبنت فرنسا خطابًا استعماريًا يهدف إلى نفي وجود الأمة الجزائرية ككيان موحد. ركزت هذه السياسة على: تصوير الجزائر كمجموعة قبائل متناحرة: حيث حاول الاستعمار تصوير الجزائر على أنها تفتقر إلى مقومات الدولة مثل الوحدة السياسية أو الهوية الثقافية الموحدة. تهميش التاريخ الجزائري: عملت السلطات الفرنسية على طمس تاريخ الجزائر الممتد، متجاهلة إرثها الإسلامي والعربي والأمازيغي، ومن أبرز الأمثلة محاولتها محو رمزية الدولة الجزائرية العثمانية. إعادة صياغة الهوية: قامت فرنسا بتقسيم الجزائر إلى مناطق ...

الجزائر اليوم ليست سوى نوميديا الأمس: استمرارية تاريخية وثقافية

ترتكز فكرة أن الجزائر المعاصرة هي امتداد لنوميديا القديمة على تحليل الجذور التاريخية والثقافية والجغرافية المشتركة. يهدف هذا المقال إلى إثبات أن الجزائر الحديثة، رغم التحولات السياسية والاجتماعية والدينية، تحتفظ بعناصر أساسية موروثة من نوميديا. من خلال دراسة الديناميكيات التاريخية والجغرافية والهوية، سنبين كيف تظل نوميديا القديمة نموذجًا أساسيًا لفهم الجزائر الحالية. تعد نوميديا، المملكة الأمازيغية القديمة، حجر الأساس في تاريخ المغرب الكبير. تمركزت في الجزء الأكبر من الجزائر الحالية، وبرزت بدورها الاستراتيجي بين العالم المتوسطي وعمق القارة الأفريقية. تأسست نوميديا على يد شخصيات بارزة مثل ماسينيسا، وشكلت قوة سياسية وثقافية محلية تفاعلت مع قوى عظمى كقرطاج وروما. يدافع هذا المقال عن الفرضية التي ترى أن الجزائر الحديثة، في أبعادها الجغرافية والثقافية والهوياتية، تمثل امتدادًا لإرث نوميديا. 1. الاستمرارية الجغرافية: ارتباط مكاني ثابت يتطابق جزء كبير من مساحة الجزائر الحالية مع أراضي نوميديا القديمة. خلال حكم ماسينيسا (202-148 ق.م)، شملت نوميديا الشرقية السهول الخصبة والجبال التي لا تزال منا...