التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف الولايات المتحدة

الصحراء الغربية: القرار 2797 للأمم المتحدة منعطف جيوسياسي ذو تداعيات عميقة على الجزائر

في 31 أكتوبر 2025، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2797، الذي يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام إضافي، أي إلى غاية أكتوبر 2026. ورغم أن هذا القرار يبدو في ظاهره امتداداً إدارياً روتينياً، إلا أنه في جوهره يمثل منعطفاً دبلوماسياً حساساً قد يعيد رسم ملامح التوازن الجيوسياسي في منطقة المغرب العربي، ويمسّ بشكل مباشر بالمصالح الحيوية للجزائر. قرار غامض المضمون: لا قطيعة مع الشرعية، ولا استمرارية مطلقة تم اعتماد القرار بأغلبية 11 صوتاً مقابل 3 امتناعات (الصين، روسيا، باكستان)، وهو يمدد ولاية المينورسو مع التأكيد على مواصلة المسار السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، القائم على مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي. وعلى خلاف ما تروّجه بعض الأوساط الإعلامية، فإن القرار لا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بل يُبقي الباب مفتوحاً أمام الخيارات كافة، وعلى رأسها خيار الاستقلال. فالمرجعية القانونية الأممية ما تزال واضحة: الشعب الصحراوي هو وحده من يملك حق الاختيار الحر لمستقبله، سواء كان استقلالاً، أو حكماً ذاتياً، أو شكلاً آخر من تقرير ا...

الصحراء الغربية: لماذا لم يستطع ترامب تغيير وضع غوام أو جزر العذراء، بينما يظن المغرب أنه قادر على فعل ذلك في الصحراء الغربية؟

منذ عام 1963، تُدرج الصحراء الغربية ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي في الأمم المتحدة، أي ضمن الأراضي التي تنتظر استكمال مسار تصفية الاستعمار. ويعني هذا الوضع، قانوناً، أن مصير الإقليم لا يمكن أن يُحسم إلا عبر استفتاء لتقرير المصير تشرف عليه الأمم المتحدة، وفقاً لميثاقها ولقرارات جمعيتها العامة المتعاقبة. ورغم وضوح هذا المبدأ، أقدم المغرب سنة 2020 على استغلال اعتراف أحادي من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادته المزعومة على الإقليم، في صفقة سياسية مرتبطة باتفاقيات التطبيع المعروفة بـ”اتفاقيات أبراهام”. غير أن هذه الخطوة، رغم صخبها الإعلامي، لا تملك أي وزن قانوني دولي، خصوصاً إذا ما قورنت بعجز الرئيس نفسه عن تغيير الوضع القانوني لأقاليمٍ خاضعة للإدارة الأمريكية منذ عقود. الولايات المتحدة وأقاليمها غير المتمتعة بالحكم الذاتي: السيادة المعلّقة تدير الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من الأقاليم المصنّفة ضمن فئة “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، وهي: جزيرة غوام، جزر العذراء الأمريكية، ساموا الأمريكية، وبحسب الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، فإن الدول التي تدير...

الصحراء الغربية: إغراء «الحل الحصري» وآلية الجمود

 تحت أروقة مجلس الأمن، تراجعت واشنطن عن طموحها في جعل خطة الحكم الذاتي المغربية القاعدة الوحيدة للتفاوض. أمام اختبار موازين القوى، اصطدم هذا الطموح بحسابات الأمم المتحدة، وتهديدات الفيتو، وسوابق القانون الدولي، ليعود الخطاب إلى صيغة مألوفة: «حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف»، مع تمديد ولاية بعثة المينورسو دون أي تعديل جوهري. في الخلفية، يظل الحدث المفصلي هو اعتراف الولايات المتحدة في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب، في إطار صفقة دبلوماسية ضمن اتفاقات أبراهام، ما أزاح القضية عن إطارها الأممي دون أن يخلق توافقًا متعدد الأطراف. 1) خطة بلا أطراف: الجزائر خارج المشاورات، والصحراويون مهمّشون أكدت دورات 2024-2025 الانطباع بأن العملية تدار من خارج المنطقة : الجزائر انتقدت علنًا «انحياز» القلم الأمريكي وامتنعت عن التصويت عام 2024، فيما اكتفى المجلس بتمديد ولاية المينورسو لعام إضافي. والأهم أن الأطراف المعنية مباشرة —الصحراويين—لم يكونوا جزءًا من هندسة هذه الصفقات. جبهة البوليساريو رفضت رسميًا أي مسار يحدد مسبقًا النتيجة لصالح الحكم الذاتي، مؤكدة أن الصحراء الغربية لا تزال إقليمًا غير متم...

الجزائر وروسيا في مواجهة البلطجة الامريكية… والصحراء الغربية بين الحق والتواطؤ الدولي

شهد مجلس الأمن الدولي في جلسته الاستثنائية يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول انفجاراً جديداً للخلافات العميقة التي تعصف بالمؤسسة الأممية كلما ذُكرت القضية الصحراوية، هذه القضية التي تبقى أحد آخر ملفات تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية، رغم محاولات التمييع والالتفاف المستمرة. مشروع واشنطن… انقلاب على الشرعية الدولية الوثيقة التي تقدمت بها الولايات المتحدة لم تكن سوى محاولة فجة لإعادة كتابة التاريخ وتبييض الاحتلال المغربي تحت غطاء “الواقعية السياسية”. فالمشروع الأمريكي يسعى بوضوح إلى طمس مبدأ تقرير المصير، الركيزة الأساسية التي قامت عليها جميع قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1965 بشأن الصحراء الغربية. إن ما تطرحه واشنطن ليس “مشروع سلام” كما تدّعي، بل مشروع خضوع، يسعى إلى فرض منطق القوة على حساب منطق الحق، وتثبيت السيطرة المغربية على أرضٍ لا يملك فيها الاحتلال سوى شرعية القمع، بينما يملك الشعب الصحراوي شرعية التاريخ والقانون والدم. روسيا تكشف الزيف الأمريكي الرفض الروسي لمشروع القرار جاء واضحاً وصريحاً. فقد فضحت موسكو محاولات واشنطن تشويه الحقيقة وطمس الطابع الاستعماري للنزاع، مطالبةً بالعودة إلى ...

الرد على مقال “هسبريس”: محاولة جديدة لتزييف الحقائق حول الصحراء الغربية

من يقرأ المقال الدعائي الذي نشرته جريدة “هسبريس” المغربية بتاريخ 6 أوت 2025، يظن للوهلة الأولى أنّه أمام إعلان أمريكي رسمي جديد يغيّر معطيات النزاع في الصحراء الغربية لصالح المغرب. لكن التمحيص في المعطيات والسياق يكشف أنّ الأمر لا يعدو أن يكون إعادة تدوير لمواقف معروفة، مرفقة بقراءة مغرضة للأحداث، في محاولة لتسويق “انتصار دبلوماسي” وهمي. أولاً: مغالطات حول الموقف الأمريكي الصحيفة حاولت الإيحاء بأنّ تصريحات مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، تمثل “موقفاً ثابتاً” ونهائياً لواشنطن لصالح “مغربية الصحراء”. غير أن الحقيقة أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه هذا الملف اتسمت تاريخياً بالتذبذب وخضوعها لحسابات المصالح الآنية، وأن أي تصريحات من هذا النوع لا تلغي حقيقة أن الأمم المتحدة لا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وأن القضية ما تزال مدرجة في جدول أعمال لجنة تصفية الاستعمار. أما الحديث عن “اعتراف تاريخي” أمريكي، فهو انتقائي ومضلل، لأنّ الموقف الأمريكي الذي أعلنه ترامب في 2020 لم يحظَ بإجماع داخلي أمريكي، بل رفضته عدة مؤسسات وشخصيات سياسية وحقوقية في الولايات المتحدة، وأكدت الإد...

الوهم الدبلوماسي المغربي حول الصحراء الغربية: بين النشوة الإعلامية والحقيقة القانونية الثابتة

تسابقت وسائل الإعلام المغربية، في حالة من النشوة والانتصار المزعوم، للاحتفاء برسالة وجهها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش في صيف 2025، أعاد فيها التأكيد على اعتراف واشنطن المثير للجدل بـ”السيادة” المغربية على الصحراء الغربية، وهو الاعتراف الذي أعلنه لأول مرة في ديسمبر 2020 خلال ولايته الأولى. بالنسبة للخطاب الرسمي في الرباط، تمثل هذه الرسالة تأكيداً جديداً على ما يُسوّق له كـ”شرعية دولية” لضم الإقليم، وكخطوة أخرى نحو تثبيت الأمر الواقع. لكن خلف هذه الضوضاء الإعلامية والزخم الدبلوماسي، تبقى الحقيقة واضحة وثابتة: هذه الرسالة، مهما كانت رمزيتها، لا تغيّر شيئاً من الوضع القانوني للصحراء الغربية. فالقانون الدولي، المكرّس في قرارات الأمم المتحدة والمدعوم برأي محكمة العدل الدولية، لا يزال يؤكد أن الصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، يخضع لمسار تصفية استعمار لم يكتمل بعد. وهم الاعتراف كأداة لتغيير الواقع القانوني لو كان اعتراف عضو دائم في مجلس الأمن كافياً لتغيير الوضع القانوني لأي إقليم، لكانت فرنسا قد أخرجت منذ زمن طويل كاليدونيا الجديدة ...

التعاون الطاقوي الجزائري – الأمريكي: شراكة أم إحكام للقبضة الاستراتيجية؟

ما يصفه البعض بـ “التعاون الطاقوي الجزائري – الأمريكي” ليس سوى قناع يخفي خلفه استراتيجية أعمق وأكثر منهجية، بل وأكثر خبثاً. فالجزائر، بموقعها الجغرافي الفريد وثروتها الطاقوية الهائلة، ليست مجرّد مزوّد للغاز، بل هي ركيزة جيوستراتيجية في حرب نفوذ تمتد اليوم عبر ثلاث قارات. إعادة تشكيل الخريطة الطاقوية العالمية بعد القطيعة الروسية – الأوروبية منذ الانفصال الحاد بين أوروبا وروسيا، تسعى الولايات المتحدة إلى بناء هندسة طاقوية عالمية جديدة. المسألة ليست مجرد بحث عن الغاز، بل هي إعادة رسم شاملة لطرق الإمداد، ومسارات العبور، والتحالفات الدولية. في هذا المشهد، تصبح الجزائر قطعة محورية، لا باعتبارها شريكاً حرّاً، بل كمساحة يجب استمالتها، احتواؤها، ثم إحكام السيطرة عليها. مذكرات التفاهم: موطئ قدم أولي الاتفاقيات الأخيرة بين سوناطراك وعدد من الشركات الأمريكية الكبرى لا تعني شراء الغاز فقط، بل تمنح واشنطن: حق الوصول المباشر إلى مواقع الإنتاج والبنية التحتية الجزائرية. رؤية استراتيجية على القرارات العملياتية. تموضعاً لوجستياً في قلب شمال إفريقيا، المنطقة التي ما تزال خارج السيطرة الكاملة للمجمّعات ال...

مجالات طاقوية تفتح آفاق الشراكة بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية

تشهد العلاقات الجزائرية الأمريكية منعطفاً جديداً في مسار التعاون الثنائي، وهذه المرة عبر بوابة استراتيجية تتعلق بقطاعات الطاقة المتجددة والمحروقات والموارد المنجمية، وهي مجالات ترتقي إلى مصاف المصالح الحيوية لكلا البلدين في سياق عالمي متحوّل، تتزايد فيه الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة والتحكم في سلاسل الإمداد الاستراتيجية. زيارة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون اللقاء الذي جمع وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، السيد محمد عرقاب، بالمستشار الرفيع للرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، السيد مسعد بولس، لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل حمل مؤشرات واضحة على وجود إرادة سياسية أمريكية لدخول السوق الجزائرية من بوابة الاستثمار الاستراتيجي طويل الأمد. بولس لم يُخفِ اهتمام بلاده بثلاثة مجالات طاقوية بالغة الأهمية، وهي: المحروقات الطاقات المتجددة استغلال الموارد المنجمية وهي مجالات تعد ركيزةً من ركائز السيادة الوطنية الجزائرية، وتتقاطع في الوقت ذاته مع الرهانات العالمية للانتقال الطاقوي، ومواجهة التحديات الجيوسياسية المرتبطة بأمن الطاقة. التعاون القائم: نموذج سوناطراك – شيفرون و...

سكوت ريتر يفكك الضربات الأمريكية ضد إيران: مسرحية حرب بلا حرب

في 22 يونيو 2025، شنّت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية ضد ثلاثة مواقع إيرانية يُزعم ارتباطها بالبرنامج النووي: أصفهان، نطنز وفوردو. وقد تم تنفيذ العملية عبر قيادة “ستراتيجك كومانْد” (القيادة الاستراتيجية الأمريكية)، بمشاركة قاذفات الشبح B-2 واستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. واعتبر الرئيس دونالد ترامب هذه الضربات «نصرًا باهرًا» يُثبت تفوق القوة الجوية الأمريكية. لكن سكوت ريتر، المفتش السابق لدى الأمم المتحدة وضابط الاستخبارات العسكرية الأمريكي الأسبق، يرى في هذه العملية عرضًا مسرحيًا أكثر منها خطة عسكرية حقيقية. وفي تسجيل مصور حديث، انتقد بشدة ما وصفه بـ«الاستعراض العسكري الخالي من الأثر»، معتبرًا أن الأمر لا يعدو كونه «أداءً تلفزيونيًا» يفتقر إلى الجدية الاستراتيجية. أهداف فارغة ورمزية جوفاء بحسب تحليل ريتر، فإن المواقع التي تم استهدافها كانت في معظمها خالية من المعدات أو البنية التحتية ذات القيمة الاستراتيجية، إما بسبب ضربات إسرائيلية سابقة أو نتيجة إخلاء إيراني مدروس. فموقعي نطنز وأصفهان لم يكونا يحتويان على أي مواد حيوية، فيما تعرض موقع فوردو لقصف بست قنابل ضخم...

موسكو بين الحليف والوسيط: قراءة تحليلية في موقف روسيا من الحرب الإيرانية – الإسرائيلية وآفاقه المستقبلية

في خضم التوترات المتصاعدة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، تبرز روسيا كفاعل محوري يوازن بين شراكة إستراتيجية مع طهران، وعلاقات حذرة ومصلحية مع تل أبيب. تصريحات القيادة الروسية الأخيرة، وعلى رأسها الرئيس فلاديمير بوتين والمتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، تؤكد على ما يبدو أنه موقف مزدوج دقيق، تسعى موسكو من خلاله إلى تجنّب الانزلاق في مواجهة مباشرة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على موقعها كقوة عظمى ذات نفوذ في معادلات الشرق الأوسط. أولاً: دعم سياسي ثابت دون ترجمة عسكرية أكد الكرملين صراحة أن إيران لم تطلب أي دعم عسكري من روسيا، وأن الشراكة بين البلدين لا تتضمن بنودًا دفاعية. ومع أن هذا النفي يبدو تقنياً، فإن مغزاه السياسي عميق: موسكو تسعى لتفادي الدخول في حرب بالوكالة ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة، وتُبقي على دعمها لطهران ضمن الحدود السياسية والرمزية، خاصة في ظل حرجها الجيوسياسي في الحرب الأوكرانية. في المقابل، لا تنكر موسكو وجود أكثر من 250 خبيرًا روسيًا في منشأة بوشهر النووية، ما يعكس ارتباطًا وثيقًا بالمشروع النووي الإيراني، لكن بوتين سارع إلى طمأنة تل أبيب بأن سلامتهم م...

حين يسبق الشيك صوت المدافع: تمويل دول الخليج للحروب بالوكالة

ثمة ثابتة تتكرر في صراعات الشرق الأوسط منذ مطلع الألفية الثالثة: فالحرب ليست دائمًا من صنع من يعلنها، ولكن غالبًا ما يدفع تكلفتها أولئك الذين يموّلونها. من الحرب ضد نظام معمر القذافي في ليبيا سنة 2011، إلى التوترات الراهنة مع إيران، تلعب عدة دول خليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دور المموّل الصامت لحروب تنفذها أطراف أخرى، عادةً الولايات المتحدة أو حلفاؤها. السابقة الليبية: حرب بالوكالة نفذها الناتو ومولها الخليج في عام 2011، شُنّت الحملة العسكرية ضد القذافي بغطاء من مجلس الأمن وبقيادة حلف الناتو، لكنها كانت مدعومة ماليًا بشكل كبير من قبل بعض دول الخليج الفارسي. لعبت قطر دورًا مباشرًا من خلال دعم الجماعات المسلحة، في حين ساهمت الإمارات والسعودية في الدعم اللوجستي والسياسي. ورغم أن الحرب قُدّمت آنذاك كاستجابة إنسانية لقمع النظام، إلا أنها خدمت أهدافًا جيوسياسية واضحة: إزاحة زعيم غير منضبط إقليميًا، وإعادة تشكيل موازين القوى، وتأمين منافذ الطاقة. كان التمويل الخليجي إذن استثمارًا مدروسًا في مشروع إعادة هندسة المنطقة. ترامب، إيران، والمليارات السعودية: ...

ترامب وجنوب أفريقيا: دفاع عن البيض أم محاولة لإذلال مناصر لفلسطين؟

في مشهد أثار دهشة المتابعين حول العالم، تحوّل لقاء رسمي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا إلى لحظة مواجهة إعلامية مشحونة، بعدما فاجأ ترامب ضيفه بادعاءات حول “إبادة جماعية” تستهدف المزارعين البيض في جنوب أفريقيا، مدعومة بمقاطع فيديو مثيرة للجدل. هذا اللقاء، الذي كان يُفترض أن يُعيد ضبط العلاقات بين البلدين، تحوّل إلى ساحة اختبار للدبلوماسية الجنوب أفريقية أمام “قاحة” غير مسبوقة من سيد البيت الأبيض. لكن خلف هذا المشهد العلني، يبرز سؤال أساسي: ما الدوافع الحقيقية وراء موقف ترامب؟ هل هي حرص صادق على البيض من جنوب أفريقيا؟ هل للأمر علاقة بإعجابه المعلن بإيلون ماسك، الملياردير الجنوب أفريقي الأصل؟ أم أن ترامب وجد في دعم جنوب أفريقيا لفلسطين في محكمة العدل الدولية ذريعة لإذلالها على الساحة العالمية؟ بين المهاجرين والرفاق البيض: لماذا الآن؟ قبل أسبوع فقط من زيارة رامافوزا، وافقت الولايات المتحدة على استقبال 59 جنوب أفريقيًا أبيض كلاجئين، في خطوة فُهمت على أنها رسالة سياسية أكثر منها استجابة إنسانية. هذا القرار أثار غضب بريتوريا، خاصة أن غالبية هؤلاء اللاجئين...

من “الإسلام السياسي” إلى “الإسلام الاستثماري”: إعادة تشكيل هندسة الشرق الأوسط في ظل المقاربة الأمريكية الجديدة

شهدت السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط منذ عام 2017 تحوّلاً استراتيجيًا ملحوظًا، تجسّد في ابتعاد إدارة الرئيس دونالد ترامب عن الخطاب الذي روّج له سلفه باراك أوباما، والقائم على دعم “الإسلام السياسي الإصلاحي”، والاقتراب بدلًا من ذلك من نموذج “الإسلام الاستثماري” الذي يتمحور حول الشراكة مع الأنظمة الملكية الخليجية التقليدية. هذا التحوّل لم يكن مجرّد تغيير في اللغة الدبلوماسية، بل شكّل إعادة صياغة عميقة لأولويات واشنطن في المنطقة، على المستويات السياسية، الاقتصادية، والأمنية. يهدف هذا المقال إلى تحليل أبعاد هذا التحوّل، وتقييم تداعياته على بنية النظام الإقليمي، لا سيما في ظل تصاعد النفوذ السعودي، وتراجع أدوار قوى إقليمية كانت فاعلة في مرحلة “الربيع العربي”. كما يسعى المقال إلى التمييز بين المعطيات الموثوقة والتحليلات غير المدعومة بأدلة، في سياق الانتقال من مقاربة قائمة على الأيديولوجيا إلى أخرى قائمة على المصالح الاقتصادية والاستقرار السلطوي. أولًا: من أوباما إلى ترامب: تغير في فلسفة التدخل الأمريكي اعتمدت إدارة أوباما، خصوصًا في خطابي القاهرة وأنقرة عام 2009، مقاربة ترتكز على التواصل م...

الصحراء الغربية: منعطف تاريخي يُعيد قضية الصحراء الغربية إلى الواجهة ويقلب موازين النزاع

  نيويورك، 16 أبريل 2025. في قاعة مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وقف ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، وألقى خطابًا استثنائيًا، تميز بالرصانة والعمق، ورسم من خلاله صورة دقيقة لوضع معقّدٍ يتقاطع فيه الجمود السياسي مع تحولات دولية بدأت تُعيد تشكيل خريطة المواقف الإقليمية والدولية بشأن هذا الملف المزمن. في لحظة تبدو حاسمة بعد أكثر من خمسة عقود على اندلاع النزاع، سلّط دي ميستورا الضوء على ثلاثة محاور محورية تشكل، بحسب رأيه، الملامح الراهنة للموقف الأمريكي، وعلى الأرجح مستقبل العملية السياسية برمتها. أولاً: "حكم ذاتي حقيقي"… مطلب لتوضيح المبادرة المغربية منذ 2007، طرح المغرب مبادرة لمنح الصحراء الغربية "حكمًا ذاتيًا موسّعًا" تحت السيادة المغربية، واعتُبرت في حينها "واقعية وذات مصداقية" من قبل بعض العواصم الغربية. لكن دي ميستورا، في تقريره، أثار تساؤلات جوهرية بقيت بدون إجابة: ما طبيعة الصلاحيات التي ستُمنح فعليًا للسكان الصحراويين؟ هل هناك ضمانات لاستقلال السلطات المحلية؟ ما مدى حرية الشعب الصحراوي في تسي...