التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2025

الجزائر في مرآة اليمين الفرنسي: اتفاقية 1968 كرمزٍ للعدوّ الرمزي

في كل موسم انتخابي فرنسي، تعود الجزائر إلى واجهة الخطاب السياسي، لا باعتبارها شريكًا تاريخيًا أو جارًا متوسطيًا، بل كـ«شبح» يُستدعى لتفسير الأزمات الداخلية: من أزمة السكن إلى البطالة، ومن تفكك المنظومة الاجتماعية إلى ما يُسمّى بـ«الانهيار الجمهوري». وفي قلب هذا الاستدعاء المتكرر، تبرز اتفاقية 1968 بين الجزائر وفرنسا كرمز لما يسميه اليمين المتطرف «الغزو الجزائري»، وكأنها أصل كل الشرور. لكن الأرقام تكشف واقعًا مختلفًا تمامًا. ففي عام 2024، حصل 29,100 جزائري على أول بطاقة إقامة في فرنسا، بانخفاض قدره 9٪ مقارنة بعام 2023، بينما حصل 37,000 مغربي على نفس البطاقة، وهو رقم ثابت يضع المغرب في الصدارة منذ سنوات. أما بالنسبة لتجديد الإقامات، فقد سجّل الجزائريون حوالي 125,000 بطاقة مقابل 128,500 بطاقة للمغاربة . هذه المعطيات الرسمية تُظهر أن حجم الجالية المغربية أكبر، ومع ذلك، لا تُستدعى في الخطاب السياسي بنفس الحدة. الانتقائية السياسية: الجزائر في الواجهة والمغرب في الظل التمييز لا يرتبط بالأرقام ولا بالنصوص القانونية، بل ببنية المخيال السياسي الفرنسي. الجزائر، في هذا المخيال، ليست مجرد دولة، ...

الأول من نوفمبر 2025: يوم سيخلّد في الذاكرة حين توحّد الشجاعة بين أمتين

 الأول من نوفمبر، التاريخ المقدّس في الجزائر الذي يخلّد ذكرى الثورة، وجد صداه هذه السنة في أرض بريطانيا. في هذا اليوم، تحوّل رجل عادي، سمير زيتوني ، البالغ من العمر 48 سنة، موظف في شركة London North Eastern Railway (LNER) ، إلى بطل. أمام رعبٍ أثاره شخص مسلّح بسكين على متن قطار متجه من دونكاستر إلى لندن، خاطر سمير بحياته لإنقاذ الآخرين. بفضل شجاعته، تم تجنّب مجزرة، وأصبح هذا الرجل الجزائري الأصل رمزًا عالميًا للإنسانية والإقدام. حياة صاغتها قيم خالدة وُلد سمير في الجزائر، وعُرف بين زملائه باسم "سام"، ونشأ في ثقافة تقوم على الكرم والتضامن. حمل هذه القيم معه عندما هاجر إلى المملكة المتحدة في شبابه، حيث اندمج بسرعة في النسيج المتعدد الثقافات، وأتقن اللغة، وكسب الاحترام بفضل مهنيته ولطفه. اليوم، الصحافة البريطانية لا تتوقف عن الإشادة به كرمز للنزاهة والرحمة. متزوج وأب، عاش سمير حياة هادئة في كامبريدجشير، بين عمله وأسرته. يصفه أصدقاؤه بأنه رجل كريم، دائم الاستعداد للمساعدة، ومتشبّث بجذوره. وفي الأول من نوفمبر، تجلّت هذه الصفات في أبهى صورها البطولية. اليوم الذي غيّر كل شيء على...

المعنى الحقيقي لقرار 2797: بين دبلوماسية المماطلة وحق تقرير المصير

في خضم الضجيج الإعلامي والاحتفاء الرسمي الذي رافق صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797، تتبدّى محاولة مغربية حثيثة لتحويل وثيقة أممية روتينية إلى لحظة مفصلية في التاريخ الوطني، بل إلى "نصر دبلوماسي" يُروّج له باعتباره تتويجاً لمسار طويل من الكفاح السياسي. غير أن القراءة المتأنية للنص تكشف عن واقع مغاير، حيث لا يحمل القرار في طياته جديداً سوى تجديد ولاية بعثة المينورسو، والدعوة إلى استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة. أولاً: الشرعية الدولية لا تُختزل في سردية الاحتلال حين يتحدث الخطاب الرسمي عن "التقاء الشرعية الدولية بالمشروعية الوطنية"، فإنه يعيد تشكيل المفاهيم على نحو يطمس جوهر القانون الدولي. فالشرعية الدولية، كما كرّستها قرارات الأمم المتحدة، تقوم على مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهو حق غير قابل للتصرف. أما "المشروعية الوطنية" التي يُروّج لها، فهي بناء سردي قائم على فرض الأمر الواقع منذ 1975، عبر الاحتلال العسكري لا عبر التوافق القانوني أو الشعبي. كيف يمكن إذن التوفيق بين حق أممي واضح وسياسة فرض السيادة بقوة السلاح؟ ثانياً: من الاحتفاء إلى التوظيف العاطفي ت...

عيد “الوحدة” المغربي: حين تحتفل الأوهام لتُخفي العجز عن مواجهة الواقع

في الرابع من نوفمبر 2025، أعلن المغرب عن اعتماد يوم الحادي والثلاثين من أكتوبر عيدًا وطنيًا جديدًا تحت مسمى "عيد الوحدة". ويُراد لهذا اليوم أن يُخلَّد سنويًا باعتباره رمزًا لـ"انتصار" مزعوم في ملف الصحراء الغربية، كما تصفه السلطات المغربية. غير أن هذا الإعلان يثير تساؤلات جوهرية، إذ لا يستند إلى أي تحول ملموس على الصعيدين الميداني أو الدبلوماسي، ولا يرتبط بأي حدث تاريخي فارق يمكن اعتباره نقطة انعطاف حقيقية في هذا النزاع المستمر. فلا اتفاق حاسم تم توقيعه، ولا اعتراف دولي جديد تم انتزاعه، ولا تطور فعلي على الأرض يبرر هذا الاحتفاء. ومن هنا تنبع الرمزية العميقة – والمثيرة للجدل – لهذا القرار: فقد اختارت المملكة أن تحتفل بانتصار لم يتحقق، وأن تكرّس رمزًا لا يستند إلى واقع، وأن تستعيض بالسرد عن الحقيقة. إن تحويل الحادي والثلاثين من أكتوبر إلى عيد وطني لا يبدو احتفاءً بإنجاز فعلي، بقدر ما هو محاولة لترسيخ سردية وطنية تُقدّم الخيال على الحقيقة، والوهم على الإنجاز، والأسطورة على التاريخ. نصر بلا معركة: صناعة الوهم في الخطاب السياسي المغربي في هذا اليوم، لا يحتفل المغرب ب...

القرار 2797: بين القانون والدبلوماسية، المفارقة المقصودة في موقف مجلس الأمن من قضية الصحراء الغربية

أثار اعتماد القرار 2797 من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء الغربية موجة جديدة من التفسيرات المتباينة. فمن جهة، اعتبرته الرباط ومعها وسائل إعلامها المقرّبة انتصاراً دبلوماسياً يؤكد “واقعية” مخطط الحكم الذاتي المغربي. ومن جهة أخرى، رأت الجزائر ومعها العديد من المدافعين عن الشرعية الدولية أن القرار ليس سوى نص توافقي حافظ على المبدأ الأساسي للقضية، وهو حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. لكنّ الحقيقة تكمن في ما بين السطور: إنّ صياغة القرار تعبّر عن توازن دقيق بين منطق القانون الدولي وضغوط السياسة الواقعية، وتحديداً تحت تأثير دعمٍ واضح من الولايات المتحدة وفرنسا للموقف المغربي. 1. قرار وُلد من اختلال ميزان القوى جاء النص النهائي للقرار نتيجة ميزان قوى غير متكافئ. فمنذ بداية المفاوضات، مارست الولايات المتحدة وفرنسا ضغوطاً واضحة لفرض الاعتراف بمخطط الحكم الذاتي الذي يقدّمه المغرب منذ عام 2007 باعتباره “الحلّ الواقعي والوحيد”. وهذا الدعم لم يعد ضمنياً: الولايات المتحدة، منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ديسمبر 2020 اعترافها بـ“سيادة المغرب” على الصحراء الغرب...

القرار 2797: بين انتكاسة المخزن وثبات الموقف الجزائري في معركة الشرعية الدولية

يشكّل اعتماد مجلس الأمن للقرار 2797 محطة جديدة في مسار الصراع الدبلوماسي حول قضية الصحراء الغربية، إذ أعاد هذا القرار التأكيد على المعادلة الجوهرية: لا حلّ خارج إطار الشرعية الدولية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. ففي الوقت الذي سعت الرباط إلى تقديم النص باعتباره "انتصارًا دبلوماسيًا" يكرّس أطروحتها، جاءت القراءة الجزائرية، كما عبّر عنها وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف في حواره مع قناة الجزائر الدولية، لتضع الأمور في سياقها الصحيح وتكشف خلفيات القرار وموازين القوى التي أفرزته. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقابلة تمثّل أول ظهور رسمي لمسؤول جزائري عقب الخطاب الأخير لملك المغرب، الذي دعا فيه إلى فتح حوار مباشر مع الرئيس الجزائري. المثير للاهتمام أن الوزير عطاف لم يأتِ على ذكر هذا النداء إطلاقًا، في ما يعكس بوضوح محدودية الاهتمام والمصداقية التي توليها الجزائر لهذه "اليد الممدودة" المتكررة من الجانب المغربي، والتي تبدو في حقيقتها يدًا مسمومة تهدف أساسًا إلى التأثير على الرأي العام الدولي عبر الإيحاء بأن الجزائر هي الطرف الرافض للحوار، وأنها الطرف الرئيسي في ملف الصحرا...

بوريطة يتحدّث عن “إذلال جزائري”… والعار يسكن من صافح قتلة فلسطين!

‏مرّة أخرى، يخرج وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بخطابٍ متهافتٍ، محاولاً تغليف خضوعه السياسي بغلاف “الانتصار الدبلوماسي”، وهو الذي جعل من التطبيع مع الكيان الصهيوني بوّابةً للنجاة من أزماته الداخلية. يتحدّث بوريطة عن “عدم اعتبار قرار مجلس الأمن انتصاراً مُذلّاً”، وكأنّ الإذلال لا يُقاس بقرارات أممية، بل بمواقفٍ أخلاقية ومبدئية باعها النظام المغربي في مزاد التطبيع. ‏أيّ إذلالٍ أعظم من أن تُصافح من يغتصب أرض فلسطين، وتدّعي البطولة أمام الجزائر؟ أيّ شرفٍ تبقّى لدبلوماسيةٍ جعلت من رضى تل أبيب وتوجيهات واشنطن سقفاً لسياستها الخارجية؟ المغرب الذي كان يوماً ما يرفع لواء العروبة والمقاومة، صار اليوم قاعدةً خلفيةً للموساد وجسراً لتمرير المشاريع الصهيونية في قلب المغرب العربي. ‏حين يتحدّث بوريطة عن “اليد الممدودة نحو الجزائر”، فإنّنا لا نرى سوى يدٍ ملوّثةٍ برائحة التطبيع، امتدّت أولاً نحو قتلة الأطفال في غزة قبل أن تحاول أن تلامس يد الجزائر. فالحوار لا يكون مع من يهاجمك في الخفاء ويبتسم في العلن، ولا مع من يفتح مجاله الجوي لرحلات الاحتلال ويغلق قلبه أمام القضايا العربية. ‏ثمّ أيّ حوارٍ يتحدّث...

الجزائر وروسيا وقضية الصحراء الغربية: بين الواقعية الإستراتيجية ومبدأ المعاملة بالمثل

يتساءل بعض الجزائريين عن الموقف المتحفظ لروسيا تجاه قضية الصحراء الغربية، وعن سبب امتناعها عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. هذا التساؤل، وإن كان نابعاً من الغيرة الوطنية، يتجاهل أحياناً طبيعة العلاقات الدولية التي تُبنى على توازن المصالح لا على العواطف أو الذاكرة التاريخية. فالدبلوماسية ليست مسألة شعارات، بل فنّ تحديد الأولويات وفقاً لموازين القوى ومقتضيات المرحلة. المنطق الروسي: ترتيب الأولويات وحساب التوازنات روسيا اليوم منشغلة بصراع مفتوح مع الغرب في أوكرانيا، وتعيد تشكيل سياستها الخارجية على أساس الواقعية والانتقائية في إدارة الأزمات. لذلك فهي تتعامل مع الملفات الدولية حسب قربها أو بعدها من مصالحها الحيوية. وقضية الصحراء الغربية، رغم رمزيتها الكبرى، لا تُعدّ من ضمن الملفات ذات الأولوية القصوى بالنسبة لموسكو، مقارنة مثلاً بأوكرانيا أو البحر الأسود أو الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن حياد روسيا لا يعني تجاهلاً أو بروداً تجاه الجزائر. بل إن موسكو تدرك تماماً أن الجزائر قوة محورية في شمال إفريقيا، وصوت مستقلّ في العالم العربي، وشريك عسكري واقتصادي يُعتدّ به. لذلك تحرص روسيا على ال...

الامتناع الروسي والصيني في مجلس الأمن: قراءة دبلوماسية تفنّد الأوهام المغربية

أثار تصريح وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عقب صدور قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية (31 أكتوبر 2025)، جدلاً واسعاً لما تضمّنه من مزاعم غير دقيقة حول خلفيات الموقفين الروسي والصيني. فقد حاول الوزير المغربي أن يُقدّم امتناع موسكو وبكين عن التصويت باعتباره ثمرة “تحرّك مباشر” من الملك محمد السادس، و”اعترافاً” بموقف المغرب من الحرب في أوكرانيا. غير أن قراءة متأنّية للسياقات الدبلوماسية وللتصريحات الرسمية للدول المعنية تكشف زيف هذه الادعاءات وافتقارها لأيّ أساس واقعي أو سياسي. أولاً: وقائع التصويت وسياق القرار اعتمد مجلس الأمن، بتاريخ 31 أكتوبر 2025، قراراً يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، وقد حظي القرار بـ 11 صوتاً مؤيداً مقابل ثلاث امتناعات (روسيا، الصين، باكستان) ودون أيّ معارضة. في الأعراف الدبلوماسية للأمم المتحدة، لا يُعدّ الامتناع عن التصويت موقفاً داعماً، بل يعكس تحفّظاً أو اعتراضاً جزئياً على صياغة القرار أو على توازناته السياسية. وعليه، فإن امتناع روسيا والصين لا يمكن تفسيره كـ«انتصار» للمغرب، بل كمؤشّر على وجود تحفظات عميقة بش...

الصحراء الغربية: القرار 2797 للأمم المتحدة منعطف جيوسياسي ذو تداعيات عميقة على الجزائر

في 31 أكتوبر 2025، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2797، الذي يقضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة عام إضافي، أي إلى غاية أكتوبر 2026. ورغم أن هذا القرار يبدو في ظاهره امتداداً إدارياً روتينياً، إلا أنه في جوهره يمثل منعطفاً دبلوماسياً حساساً قد يعيد رسم ملامح التوازن الجيوسياسي في منطقة المغرب العربي، ويمسّ بشكل مباشر بالمصالح الحيوية للجزائر. قرار غامض المضمون: لا قطيعة مع الشرعية، ولا استمرارية مطلقة تم اعتماد القرار بأغلبية 11 صوتاً مقابل 3 امتناعات (الصين، روسيا، باكستان)، وهو يمدد ولاية المينورسو مع التأكيد على مواصلة المسار السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، القائم على مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي. وعلى خلاف ما تروّجه بعض الأوساط الإعلامية، فإن القرار لا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بل يُبقي الباب مفتوحاً أمام الخيارات كافة، وعلى رأسها خيار الاستقلال. فالمرجعية القانونية الأممية ما تزال واضحة: الشعب الصحراوي هو وحده من يملك حق الاختيار الحر لمستقبله، سواء كان استقلالاً، أو حكماً ذاتياً، أو شكلاً آخر من تقرير ا...