إعلان نشر قدرة صناعية إسرائيلية لإنتاج الطائرات المسيّرة في المغرب يمثّل نقطة تحوّل في ميزان القوى العسكري بالمغرب الكبير. هذا التطوّر يثير سؤالًا جوهريًا: كيف يمكن للجزائر أن تردّ على هذا التصعيد التكنولوجي لدى الجار الغربي؟
الخيارات موجودة، خصوصًا في ظلّ التعاون العسكري الوثيق بين الجزائر وروسيا.
سياق إقليمي متغيّر: المسيّرات كأداة استراتيجية
لم تعد الطائرات المسيّرة مجرّد وسيلة تكتيكية، بل أصبحت أداة استراتيجية قادرة على تنفيذ ضربات عميقة، إغراق الدفاعات، وإعادة صياغة العقائد القتالية. بالنسبة للرباط، إدماج الخبرة الإسرائيلية في الإنتاج المحلي يفتح الباب أمام استقلالية تشغيلية وقدرة على المناورة غير المتكافئة في النزاع المستمر حول الصحراء الغربية.
في المقابل، قد تتجه الجزائر نحو الاهتمام بمنظومات الطائرات المسيّرة الروسية بعيدة المدى، مثل «غيران-2» التي أثبتت فعاليتها في بيئات ذات كثافة دفاعية عالية.
لماذا «غيران»؟ منطق التكامل مع الصواريخ الباليستية
قد يتساءل البعض: لماذا تلجأ الجزائر إلى المسيّرات الانتحارية وهي تمتلك صواريخ باليستية وكروز (إسكندر وغيرها)؟ الجواب في ثلاث نقاط:
- الحجم والتشبع: الأهداف الاستراتيجية كثيرة، وصواريخ إسكندر باهظة ومحدودة العدد. المسيّرات تتيح ضربات كثيفة بتكلفة أقل.
- تخفيف الضغط عن الأنظمة عالية القيمة: تخصيص الصواريخ للأهداف الحرجة، بينما تتكفل المسيّرات بالبنية التحتية للطاقة واللوجستيات والرادارات.
- الأثر التراكمي: أسراب المسيّرات تجبر الدفاع المغربي على التشتت، ما يقلّل من فعاليته ويفتح الطريق أمام ضربات أكثر تعقيدًا.
الأهداف المحتملة في حال اندلاع نزاع: خريطة استراتيجية
- البنية التحتية للطاقة: خزانات الوقود، شبكات التوزيع وخطوط النفط في الدار البيضاء، المحمدية وسيدي قاسم. تعطيلها سيشكّل صدمة اقتصادية.
- إنتاج الكهرباء: محوّلات المحطات الحرارية في الجرف الأصفر، المحمدية والقنيطرة.
- اللوجستيات الصحراوية: ميناء الداخلة، محور الإمداد نحو الأراضي المتنازع عليها.
- الرادارات ومحطات الكشف: خصوصًا في المناطق قليلة السكان بالصحراء الغربية.
- القواعد الجوية: ليس لتدمير الطائرات، بل لشلّ البنية التحتية الحيوية (مدارج، مستودعات، أنظمة اتصال).
الأثر العملياتي: المسيّرات كعامل مضاعف للقوة المشتركة
- تشبع الدفاعات: إطلاق كثيف للمسيّرات يجبر الدفاع الجوي المغربي على استهلاك الذخائر وكشف مواقع البطاريات.
- إرباك الطيران المغربي: سيضطر لمطاردة المسيّرات بدل تنفيذ مهام هجومية.
- التنسيق مع القوات البرية والجوية: تخفيف الضغط الدفاعي يسهل عمل الألوية الميكانيكية وأسراب القصف.
القيود المغربية: عمق استراتيجي محدود
على عكس إسرائيل التي تستفيد من عمق جغرافي ودعم غربي واسع لاعتراض المسيّرات الإيرانية، يفتقر المغرب إلى كثافة دفاعية عالية ويعاني من هشاشة بنيوية: تركّز البنية التحتية الحيوية وقربها من مناطق الإطلاق المحتملة.
الخلاصة: أداة ردع قبل كل شيء
إدماج «غيران» في الترسانة الجزائرية لن يكون مجرد ردّ تقني، بل إشارة استراتيجية: القدرة على الضرب في العمق، تشبع الدفاعات، وإلحاق كلفة اقتصادية باهظة. والمفارقة أن هذه القدرة قد تعزّز الاستقرار الإقليمي، إذ ستقلّ رغبة المغرب في التصعيد أو القيام باستفزازات في الصحراء الغربية.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
تعليقات
إرسال تعليق