تشهد الساحة الإعلامية المغربية، كما هو متوقع، موجة جديدة من الأكاذيب الممنهجة، تستهدف تشويه صورة الجزائر والنيل من مواقفها الثابتة تجاه قضية الصحراء الغربية وحقوق الشعب الصحراوي. آخر هذه الحملات ما نشرته جريدة هسبريس المغربية، نقلاً عن تقارير تزعم أن الجيش الجزائري نفذ “غارات جوية” على مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، في محاولة مكشوفة لترويج سردية كاذبة تهدف إلى تقويض مصداقية الجزائر دوليًا، وتبرير الاحتلال المغربي للأراضي الصحراوية.
أولًا: كذب فاضح وتضليل ممنهج
إنّ الزعم بأن الجيش الجزائري نفّذ هجمات بطائرات مسيّرة على مناطق مدنية في تندوف لا يستند إلى أي دليل ميداني موثوق. ولا يمكن اعتبار نقل تقارير صحفية بدون تحقيقات مستقلة أو شهادات حيّة من المنظمات المحايدة مرجعية ذات مصداقية. فصحيفة إلباييس التي تم الاستناد إليها لم تصدر أي تقرير رسمي موثق بهذه المزاعم، بل نقلت أقاويل ومصادر مجهولة، وهو ما يكشف هشاشة هذا البناء الإعلامي المسيس.
والأدهى من ذلك، أن هسبريس تجعل من هذه الأكاذيب منصة لاتهام الجزائر بانتهاك حقوق الإنسان، متناسية أن المخيمات في تندوف تقع تحت إشراف مباشر من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (HCR)، ومنظمات أممية أخرى، تعمل بشفافية وتقدم تقارير دورية عن الوضع الإنساني هناك، ولم تسجل أي حالة “قصف” كما تدعي الجريدة المغربية.
ثانيًا: توظيف إعلامي لأجندة الاحتلال
ليس من الغريب أن تتقاطع هذه الحملة الإعلامية مع التصعيد المغربي ضد الجزائر على الصعيدين الدبلوماسي والإعلامي. فالسلطات المغربية، التي تواجه عزلة إقليمية متزايدة إثر فشلها في كسب شرعية لاحتلالها للصحراء الغربية، تلجأ إلى تضخيم الأوضاع في تندوف لتبرير موقفها الاستعماري، متناسية أنها تحتجز آلاف الصحراويين في مدن محتلة كالعيون والسمارة، حيث تُمارس سياسة التمييز والتفقير والقمع اليومي.
إنّ كل المتابعين الموضوعيين للملف يعلمون أن الجزائر لا تتدخل عسكريًا في تندوف، ولا في شؤون البوليساريو، بل تدعم حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهو موقف ثابت تؤكده الجزائر في كل المحافل الدولية، من منطلق التزامها بمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ثالثًا: من المستفيد من نشر الفوضى؟
إن السؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح هنا: من المستفيد من إشاعة أخبار كاذبة عن الوضع في تندوف؟ الجواب واضح: المغرب. فبعد أن فشل في إخضاع سكان الصحراء الغربية المحتلة رغم الدعم الفرنسي والصهيوني، وبعد أن عجز عن إقناع العالم بشرعية احتلاله، يحاول الآن تشويه صورة الجزائر لتبرير مشروعه الاستعماري. وتأتي تصريحات “الخبراء” مثل الحسن أقرطيط وسامح العلي لتكرّر نفس الخطاب الرسمي المغربي، دون أي قيمة تحليلية حقيقية، بل مجرّد أبواق موجهة لترديد ما تمليه أجهزة المخزن.
رابعًا: الجزائر ومخيمات تندوف… مسؤولية إنسانية لا عبء
تحاول هسبريس أن تصوّر وجود المخيمات في تندوف كـ”عبء ثقيل” على الجزائر. في الواقع، تحتضن الجزائر عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين منذ 1975، وتوفر لهم الأمن والتعليم والصحة، برغم الصعوبات الاقتصادية والتحديات الأمنية. وهو ما تعترف به المنظمات الأممية بوضوح، في تقارير سنوية، آخرها تقرير المفوضية السامية للاجئين الذي أشاد بدور الجزائر في حماية اللاجئين.
وإذا كان هناك من عبء، فهو العبء الأخلاقي والسياسي الذي تتحمله الجزائر، دفاعًا عن مبدأ أممي، بينما تنخرط الرباط في تطبيع مشين مع الاحتلال الإسرائيلي، وتسوّق لأكاذيب إعلامية بدل البحث عن حل سلمي حقيقي للقضية الصحراوية.
خامسًا: لا حديث عن أزمة جزائرية… بل عن تصعيد مغربي
الحديث عن “انسداد سياسي جزائري” مجرد وهم تروّجه الدعاية المغربية للهروب من فشلها الذريع. الجزائر، رغم التحديات، تظل دولة ذات مؤسسات سيادية، تقودها رؤية دبلوماسية متزنة تجاه الجوار، لكنّها في الوقت ذاته لا تتسامح مع محاولات المساس بسيادتها أو استهداف أمنها القومي، كما هو الحال مع الاستفزازات المغربية المتكررة في ملف الصحراء.
خاتمة
ما تنشره هسبريس ليس صحافة، بل بروباغندا سياسية في ثوب صحفي، تسعى لتبرير الاحتلال وتمييع نضال الشعب الصحراوي. أما الجزائر، فستبقى وفية لمبادئها، ثابتة في دعمها لقضية الصحراء، ولن تنجرّ إلى الرد على كل هراء إعلامي، بل تترك الميدان والشرعية الدولية هما الفيصل.
وفي الأخير، فإن التاريخ لن يرحم من يخلط بين الاحتلال والتحرير، ولا من يسوّق للظلم تحت مسمى الواقعية السياسية. فصوت الشعوب لا يُقمع بالدعاية، والحرية لا تُقصف بالطائرات المسيّرة… كما يفعل الاحتلال في غزة وليس في تندوف.
✍️ بلقاسم مرباح
شكرا
ردحذفهيسبريس المخزنية الصهيونية مهمتها البىوباغاندا والكذب ،استقلال جمهورية الصحراء الغربية قريب جدا بإذن الله تعالى
ردحذف