التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تفجيرات فرنسا بالجزائر.. لا نسيان ولا سقوط بالتقادم

 جريمة دولة مطمورة تحت الرمال والجزائريون متمسكون بالاعتراف تفجيرات فرنسا بالجزائر.. 
لا نسيان ولا سقوط بالتقادم









تمر هذا الاثنين، الذكرى الـ63 لأولى التفجيرات النووية التي قامت بها السلطات الاستعمارية الفرنسية بالجنوب الجزائري، والتي تعد نتائجها بمثابة إبادة جماعية بمفهوم القانون الدولي، وهذا في سياق المساعي الرامية إلى إخراج هذا الملف من دائرة النسيان.
وتسعى دوائر الحنين للماضي الاستعماري، والتي تحاول مقاومة مبدأ إقامة علاقة طبيعية وندية مع الجزائر، إلى اختلاق حوادث هامشية في مسار المعالجة المسؤولة للملفات المتعلقة بالذاكرة، حيث إنه وبعد مرور أزيد من نصف قرن من وقوع هذه الجريمة الاستعمارية في حق سكان عدة مناطق بالجنوب الجزائري وما تبعها من إنكار، فإن القضية طرحت خلال الدورة التاسعة من المشاورات السياسة الجزائرية-الفرنسية التي جرت أشغالها في نهاية الشهر المنصرم بالجزائر العاصمة.
وقد التزم الجانب الفرنسي حينها بـ”تسريع مسار إعادة الأرشيف ومعالجة مسألة مواقع التجارب النووية التي ينبغي إعادة تأهيلها، وبالتالي الإسهام في التعامل مع المستقبل في جو من الهدوء والاحترام المتبادل”.
وقد تمت خلال المشاورات مناقشة هذه المسألة من بين عدة محاور أخرى تضمنها “إعلان الجزائر” الذي وقع عليه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في نهاية الزيارة الرسمية لرئيس الدولة الفرنسية إلى الجزائر شهر أوت الماضي.
وقد نص الإعلان على إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين تكون مسؤولة عن العمل على جميع أرشيفاتهم التي تشمل الفترة الاستعمارية وحرب التحرير بهدف معالجة جميع القضايا بما فيها تلك المتعلقة بالتجارب النووية، كما اتفق الطرفان على تشجيع “قراءة موضوعية وصادقة لجزء من تاريخهما المشترك”.
ويحرص الجانب الجزائري على “معالجة مسؤولة” لكل القضايا المتعلق بالذاكرة، مثلما أكد عليه رئيس الجمهورية في عدة مناسبات، حيث اعتبر أن الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري “لن يطالها النسيان ولن تسقط بالتقادم”، وأنه “لا مناص من المعالجة المسؤولة والمنصفة والنزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أجواء المصارحة والثقة”.
وفي تصريح سابق للصحافة، قال رئيس الجمهورية إن الجزائريين “ينتظرون اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية”.
وبخصوص التفجيرات النووية، أكد الرئيس تبون، على ضرورة قيام فرنسا “بتنظيف المواقع النووية ومعالجة ضحايا التجارب النووية“، مضيفا أن “العالم احتشد من أجل كارثة تشيرنوبيل، في حين أن التجارب النووية في الجزائر تثير ردود فعل قليلة رغم أنها حدثت علنا وبالقرب من التجمعات السكنية”.
وفي إطار تسريع الدولة للإجراءات الهادفة إلى تدارك المخاطر التي تمثلها مخلفات هذه التفجيرات، تم إنشاء الوكالة الوطنية لإعادة تأهيل المواقع القديمة للتجارب والتفجيرات النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري سنة 2021، حيث إنه رغم مرور ستة عقود عن أولى التجارب النووية إلا أن النشاط الإشعاعي البيئي في المناطق التي شهدت هذه الجريمة يبقى مرتفعا بسبب استمرار مخلفات الإشعاعات.
وفي تلك الفترة، ادعت قوات الاحتلال الفرنسي أن ما سمته “التجارب” تجرى في مناطق غير آهلة وصحراوية وهي رقان (أدرار) وعين ايكر (تمنراست) في الوقت الذي كانت هذه المناطق تأوي قرابة 20 ألف مواطن مدني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب. لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع العلاقات القنصلية مع المغرب في أسرع وقت ممكن ، لأن الغالبية العظمى من الشعب المغربي يشتركون في نفس الأطروحات التوسعية مثل ن...

دعم فرنسي للخطة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية

 أعربت الجزائر، يوم الخميس، عن "استنكارها الشديد" للقرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وقد وصف هذا الموقف بأنه "غير متوقع، وغير مناسب، وغير مجدي" من قبل وزارة الخارجية الجزائرية. وقد أكدت الحكومة الجزائرية بوضوح أنها ستستخلص جميع العواقب المترتبة عن هذا القرار، محملة الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة. وقد أثار الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تُعتبر إضفاءً للشرعية على السيادة المتنازع عليها للمغرب على الصحراء الغربية، رد فعل حاد في الجزائر. ونددت وزارة الخارجية الجزائرية بهذا القرار باعتباره عملاً داعماً "لفعل استعماري"، يتعارض مع مبادئ إنهاء الاستعمار التي تدعمها المجتمع الدولي. ويعتبر هذا الموقف أكثر إثارة للجدل بالنظر إلى أنه صادر عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي من المفترض أن يحترم ويعزز الشرعية الدولية. وتعتبر الجزائر هذا القرار عائقاً أمام الحل السلمي لقضية الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي المغربية قد أدت إلى مأزق مستمر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً. وأعربت الوزارة عن أ...

لماذا الحديث عن "اتفاقية سلام" بين الجزائر والمغرب في حين لا توجد حرب؟

الإعلان الأخير بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص الأمريكي المعيَّن من قبل دونالد ترامب، يسعى إلى “إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب” أثار العديد من ردود الفعل والتساؤلات. ووفقًا لتصريحاته، يأمل في التوصل إلى «اتفاق سلام» بين البلدين خلال الشهرين المقبلين، مؤكّدًا في الوقت نفسه أنه يعمل بالتوازي على مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. لكن هذه العبارة — «اتفاق سلام» — تطرح سؤالًا جوهريًا: عن أي حرب نتحدث؟ قراءة خاطئة للوضع الجزائر والمغرب ليسا في حالة حرب. لا يوجد نزاع مسلح ولا مواجهة مباشرة بين الدولتين. ما يفصل بينهما هو أزمة سياسية عميقة، ناتجة عن مواقف متناقضة حول قضايا السيادة والأمن الإقليمي والاحترام المتبادل. اختزال هذه الحقيقة المعقدة في مجرد “خلاف” يمكن تسويته بوساطة ظرفية يعكس إما سوء فهم لطبيعة النزاع، أو محاولة متعمدة لوضع البلدين على قدم المساواة أخلاقيًا ودبلوماسيًا، وهو ما ترفضه الجزائر رفضًا قاطعًا. الموقف الجزائري واضح وثابت شروط أي تطبيع مع المغرب معروفة، وقد جرى التأكيد عليها بقوة من قبل وزير الخارجية رمطان لعمامرة عند إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية في 24 أغس...