كاتبُ بلاطٍ مغربيّ لا يملك أيّ مشروعية ليعطي دروساً للجزائر
ليس غريباً أن يختار الطاهر بن جلون منبر لوفيغارو الاستعماري ليهاجم الجزائر.
الغريب هو أن يتجرّأ رجلٌ بلا شجاعة، عاش نصف حياته يُبرّر جرائم الحسن الثاني، على الحديث عن “الجهل والعنف والقسوة”.
لو كان في هذا العالم شيء اسمه السخرية السوداء، فهو أن يتحوّل أحد كتّاب القصور الملكية المغربية إلى واعظ في الديمقراطية.
أولاً: من هو بن جلون حتى يتحدث عن الحرية؟
يكفي أن نتذكر:
- لم يكتب حرفاً واحداً ينتقد فيه جرائم الحسن الثاني.
- لم يتضامن يوماً مع معتقلي تزمامارت أو سنوات الرصاص.
- لم يفتح فمه حين كانت الأجهزة المخزنية تخطف وتقتل وتدفن الناس في المقابر الجماعية.
- تحوّل إلى كاتب رسمي للملكية، يعيش من ريعها ومن جوائزها ومن صالوناتها.
هذا الرجل لا يدافع عن صنصال، بل يدافع عن السردية المغربية الموجّهة من القصر، ويستغلّ أي فرصة للطعن في الجزائر، لأن هذا هو الدور الموكول له منذ عقود: تسويق “ديمقراطية المغرب” التي لا وجود لها إلا في مقالاته المدفوعة الثمن.
ثانياً: استغلال قضية صنصال—دعاية مخزنية بغطاء أدبي
كل ما كتبه بن جلون ليس حرصاً على حرية الكاتب بل:
- محاولة يائسة لضرب مصداقية الدولة الجزائرية.
- استغلال سياسي رخيص لخدمة المخزن.
- إعادة تدوير الأسطورة العجيبة حول “تبعية الغرب الجزائري للمغرب”.
لو كان بن جلون حريصاً على المثقف المغاربي، لسأل نفسه:
- لماذا يعيش عشرات الصحافيين والكتّاب المغاربة في المنافي؟
- لماذا يُسجن المغاربة اليوم لأنهم انتقدوا الملك أو حتى نشروا تدوينة؟
- لماذا تصمت أنت يا بن جلون عن عشرات الممنوعين من الكتابة داخل بلدك؟
ثالثاً: حول أكذوبة “الغرب الجزائري كان تابعاً للمغرب”
هذه أكبر عملية تضليل تاريخي قام بها المخزن منذ الاستقلال.
فلا المغرب كان دولة بحدود ثابتة، ولا الغرب الجزائري كان “تابعاً”، ولا صنصال مؤهّل أساساً للحديث عن تاريخ لا يعرف عنه سوى ما لقّنته له الصالونات الباريسية.
إذا فتحنا دفاتر الماضي كما يريد بن جلون، فليستعد لابتلاع الحقيقة:
- الجزائر أنقذت المغرب في معركة وادي المخازن.
- السلاطين العلويون طلبوا دعم إيالة الجزائر أكثر من مرة.
- قبائل الغرب الجزائري لم تخضع يوماً لسلطة المخزن بل كانت جزءاً من الفضاء الجزائري.
التاريخ لا يُكتب بالحكايات التي تخدم الملكية.
رابعاً: حين يتهم بن جلون الجيش الجزائري… ويصمت عن ملكيته المقدسة
أكبر نكتة في مقاله هي حديثه عن “العسكر الجزائري”.
يا له من رجل غريب:
يهاجم الجيش الجزائري، لكنه يرتجف حتى من ذكر اسم الملك المغربي!
ينتقد نظاماً جمهورياً، لكنه يقدّس نظاماً ملكياً مطلقاً لا يُنتخب ولا يُحاسب ولا تُراجع صلاحياته.
فأين كانت “شجاعته” حين سُحقت انتفاضات الدار البيضاء وطنجة وفاس؟
أين كان لسانه حين اعتُقل الصحافي أبو بكر الجامعي، أو حين اختُطف المهداوي، أو حين كُسرت أقلام الريف؟
إنه ليس مثقفاً حراً، بل موظّف بالقلم لدى مؤسسة المخزن.
خامساً: الجزائر لا تحتاج شهادة من كاتبٍ خاضعٍ للمغرب وللصالونات الفرنسية
الجزائر ليست بحاجة إلى أن يرضى عنها الطاهر بن جلون.
الجزائر دولة لها سيادة، لها تاريخ، لها ذاكرة، لها جيش حرّر البلاد وواجه الإرهاب، وليس جيشاً لحراسة القصور كما في الرباط.
إذا كان بن جلون يريد الحديث عن القمع، فليبدأ من بلده:
من سجن الصحافيين؟
من يشتري المثقفين؟
من يخنق الحياة السياسية بقبضة حديدية؟
من يحكم الشعب المغربي بقرارات لا تُناقش ولا تُحاسَب؟
ليس الجيش الجزائري.
بل الملكية التي يخدمها بن جلون دون خجل.
الخلاصة
الطاهر بن جلون لا يهاجم الجزائر لأنه يحب الحرية.
بل لأنه يخدم أجندة المخزن وباريس.
ولا يهاجم الجيش الجزائري لأنه ديمقراطي.
بل لأنه جبانٌ لم يجرؤ يوماً على نقد ملكٍ واحدٍ من ملوك بلاده.
فمن عاش حياته تابعاً للسلطة لا يملك حقّ تقديم الدروس لشعب حرّ ولدولة حرّة ولجيش حرّ.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
تعليقات
إرسال تعليق