لقد عانت جاليتنا الجزائرية في فرنسا منذ عقود من الانقسامات والاغتراب الكامل. الجمعيات الجزائرية في فرنسا، التي كانت تشكل سابقًا صروحًا للتلاحم والتضامن، اختفت تدريجيًا، تاركة فراغًا استغله الآخرون بسرعة. في المقابل، المغرب، بمساعدة ضمنية من فرنسا، قام بالتغلغل في جاليتنا، واستهدف الإسلام في فرنسا وهياكلنا الجمعياتية عبر منظمات مثل الاتحاد الإسلامي الأوروبي (UOIF)، التي تُعد ذراعًا مغربية متنكرة في زي مؤسسات دينية.
الحقيقة واضحة: الجزائريون لم يكونوا مستعدين لهذا الصراع، في حين أن المغاربة، الذين تربوا منذ طفولتهم على كراهية الجزائر، أصبحوا اليوم منظمين وجاهزين للهجوم علينا حتى في ديارنا.
غفلة النظام التعليمي وطيبة قياداتنا
منذ الاستقلال، فشل التعليم الجزائري في أداء مهمته الأساسية: إعداد المواطنين لفهم المخاطر المحيطة بهم. الجيل الحالي تربى على وهم أن الشعب المغربي “أخوي”، وهو تصور تم ترويجه حتى أعلى مستويات الدولة. ولكن، هل يمكن اعتبار شعب يطالب بصحرائنا وولاياتنا كتي يـتدوف وبشار، ويستولي على تراثنا الثقافي والديني، ويهين شهدائنا على وسائل التواصل الاجتماعي، أخًا لنا؟
الغفلة لها ثمن. بينما نربي على الأخوة، يزرعون الكراهية. بينما نغض الطرف، يخططون لإضعافنا.
إقرأ أيضاً: وهم الأخوّة: ستة عقود من السذاجة الجزائرية أمام الإستراتيجية المغربية
الجالية المغربية في فرنسا: خصم معلن
أتجرؤون الحديث عن الأخوة مع المغاربة؟ فأين هؤلاء “الإخوة” في فرنسا، في الوقت الذي تتعرّض فيه جاليتنا لهجمات عنيفة؟ ليسوا هنا لدعمنا؛ بل يقفون إلى جانب من يعتدون علينا، ويزيدون الطين بلة على شاشات التلفزيون، ويسعون جاهدين لتشويه صورتنا.
مشكلة هذه الأخوة ذات الجانب الواحد هي أنها دائمًا على حساب الجزائر. الجزائريون الذين يروّجون لـ”الخواويزم” غالبًا ما يلتزمون الصمت عندما يهاجم “إخوتهم” المغاربة الجزائر: المغربي، يستطيع مهاجمة بلادنا بلا حدود، بينما الجزائري لا يفعل ذلك أبدًا، لأن انتقاد المغرب أو ملكه خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه.
عندما يتعرّض المغرب للهجوم، يدعو المغاربة إلى مساعدة “إخوتهم” الجزائريين. أما عندما تُهاجم الجزائر، فلا يظهرون أبدًا. هذه الأخوة غير المتكافئة ليست عادلة، وتجعل من الجزائري مجرد ضحية. واليوم، بينما تتعرض جاليتنا لهجمات عنيفة في فرنسا، أين هؤلاء “الإخوة” المغاربة؟ ليسوا فقط غائبين، بل يقفون أيضًا إلى جانب اليمين المتطرف وحنينيي الجزائر الفرنسية.
اليوم، تتصرف الجالية المغربية في فرنسا كعدو مباشر للجزائر:
- الفئة الصهيونية منهم، مثل النائبة الفرنسية-المغربية حنان منصوري، تهاجم الجزائريين لفظيًا وسياسيًا. أما دريس غالي، المعروف بـ “الزمور المغربي”، فيستخدم الإعلام اليميني الفرنسي لتشويه سمعة الجزائر.
- حتى من يدعون أنهم ضد الصهيونية، يظلون أوفياء للملك المغربي وقراراته السياسية، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل. وهم ينشرون أخبارًا كاذبة لتشويه الجزائر وزرع البلبلة بين أبناء جاليتنا.
هذه العداءات ليست جديدة، بل هي نتاج استراتيجية طويلة منذ السبعينات، تم ترسيخها في أجيال المغاربة في فرنسا، مما حولهم إلى خصوم منظمين ومهيئين للهجوم.
إقرأ أيضاً: الوحدة المغاربية: وهمٌ باهظ الثمن على الجزائر
نداء للحذر والتحرك
بات من الضروري أن تستيقظ الجالية الجزائرية. لا يمكننا الاستمرار في الثقة بمن يريد هدمنا. حان وقت استعادة جمعياتنا، وإعادة بناء هياكلنا، وتقوية تماسكنا.
يجب أن يُدرس التاريخ بحقيقتة، وأن تُذكر حدودنا الصحيحة — حتى وادي ملوية ووادي نون — وأن يُستعاد الوعي بأن مدنًا مثل وجدة وفجيج كانت جزائرية يومًا ما. مناهجنا التعليمية يجب أن تُعد أبنائنا للدفاع عن وطنهم، هويتهم وسيادتهم.
أكثر من 100 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الجزائرية ما زالت تحت الاحتلال المغربي. طالما استمر هذا الظلم، ستبقى استقلاليتنا ناقصة. لقد انتهى زمن الأوهام. حان الوقت لننقل لأبنائنا الحقيقة، ونقوي مجتمعنا، وندافع عن وطننا بوعي وعزيمة.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
تعليقات
إرسال تعليق