في الوقت الذي يعاني فيه المواطن المغربي من أسوأ خدمات الكهرباء في المنطقة، ويحيا ثلث سكان البلاد في ظلام أو شبه ظلام بسبب الانقطاعات اليومية وغلاء الفواتير، لم يتورع المخزن عن إطلاق أكذوبة إعلامية مثيرة للسخرية: ادّعى رسميًا، عبر وسائله الإعلامية، أن المغرب زوّد إسبانيا بالكهرباء خلال “الاباغون” – الانقطاع الواسع للكهرباء الذي ضرب جنوب إسبانيا في أواخر أبريل.
لكن هذه المزاعم لم تمرّ دون رد. فقد قوبلت بسيل من السخرية والتكذيب من الصحافة الإسبانية، والمختصين، وحتى المواطنين، معتبرين الأمر دعابة إعلامية بائسة هدفها التغطية على اتهامات أخطر قد تطال المخزن في ملف الهجوم السيبراني الذي شلّ شبكة الكهرباء الإسبانية.
1. واقع الكهرباء في المغرب: هشاشة وبؤس
بحسب تقارير منظمة الطاقة العالمية، فإن شبكة الكهرباء المغربية تُعدّ من بين الأضعف عالميًا، حيث:
- تشهد نصف المدن المغربية انقطاعات يومية متكررة.
- ثلث السكان لا يستعملون الكهرباء إلا في الليل بسبب فواتيرها المرتفعة.
- ربع السكان، خصوصًا في الأرياف، ما زالوا يجهلون الكهرباء تمامًا.
في ظل هذا الوضع المتردي، يصبح الادعاء المغربي بتزويد دولة صناعية مثل إسبانيا بالطاقة الكهربائية محض خيال أو استغباء للرأي العام.
2. الإعلام الإسباني يفضح البروباغاندا المخزنية
لم يمرّ الخبر مرور الكرام في الجارة الشمالية. فقد سخر كبار الصحفيين والإعلاميين من هذا الادعاء، وفي مقدمتهم الصحفي إغناسيو سمبريرو، الذي كتب في El Confidencial بتاريخ 29 أبريل:
كيف لدولة تستورد الكهرباء من إسبانيا، أن تدّعي أنها ساعدت إسبانيا على استعادة الكهرباء؟ المغرب كان في وقت الانقطاع يستورد 778 ميغاواط/ساعة من إسبانيا، أي ما يمثل 12% من استهلاكه اليومي!
وبحسبه، فإن الشبكة المغربية كانت بحاجة لإنقاذ لا العكس، مؤكداً أن الانقطاع الإسباني دفع السلطات هناك لتعديل طارئ في نظام الربط مع المغرب، وليس لتلقي مساعدات منه.
3. تصريحات الخبراء تجهض الكذبة
شبكة COPE الإسبانية استضافت الخبير الطاقوي خورخي موراليس، الذي صرّح يوم 29 أبريل في برنامج “إلبارتيدازو”:
الربط الكهربائي مع المغرب ضعيف للغاية، وغير موثوق به… ما قيل ليس إلا دعاية، واستعادة الكهرباء في الأندلس تم بفضل محطات الطاقة الكهرومائية المحلية.
وهو نفس ما أكّدته صحيفة La Gaceta بتاريخ 30 أبريل، عندما كشفت أن إسبانيا واصلت تصدير الكهرباء إلى المغرب، وفرنسا، والبرتغال أثناء فترة الانقطاع، وهو ما اعتُبر “فضيحة أخلاقية” في الداخل الإسباني، حيث حُرم ملايين الإسبان من الكهرباء بينما استمر النظام الإسباني في تصديرها.
4. ما وراء البروباغاندا: اتهامات سيبرانية للمخزن
السخرية من الكذبة المغربية لم تكن وحدها في المشهد. فقد تزامنت مع اتهامات متزايدة من الشارع والإعلام الإسباني للمغرب بالوقوف وراء الهجوم السيبراني الذي عطّل شبكة الكهرباء.
تضخم هذه الاتهامات دفع المحكمة الأوروبية لفتح تحقيق مستقل حول الحادثة، للبحث في احتمال حدوث هجوم إلكتروني منظم، وهو ما يُفسر، وفق محللين، محاولة المخزن للتغطية على الاتهامات بصنع “بطولة وهمية” في شكل مساعدة كاذبة لإسبانيا.
خلاصة: كذبة تكشف هشاشة النظام
حاول المخزن أن يصنع لنفسه صورة “المنقذ” وهو في الواقع “المُنقَذ”، فوقع في فضيحة إعلامية كبرى جلبت له السخرية لا التقدير. وبينما تغرق القرى المغربية في الظلام، وتئن الأسر تحت وطأة فواتير الكهرباء، يتلهّى النظام بخلق أوهام البطولة الإقليمية.
لكن ما لم يحسبه المخزن هو أن الحقائق لا تحجبها الدعاية، والشبكات لا يُصلحها الكذب، والمصداقية لا تُشترى بالافتراء.
✍️ بلقاسم مرباح
إمبراطورية 12قرن 🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣
ردحذف