التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

تصريحات ماكرون حول الصحراء الغربية: بين الكلمة الرئاسية والالتزام الرسمي للدولة

خلال الأشهر الماضية، أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الصحراء الغربية جدلاً واسعاً على الصعيدين الدبلوماسي والدولي. وبينما يرى البعض فيها مؤشراً على تحول محتمل في السياسة الفرنسية، يبقى التساؤل الجوهرى: هل تلزم هذه التصريحات الدولة الفرنسية قانونياً، أم أنها مجرد تعبير عن موقف سياسي أو رؤية استراتيجية؟ 1. الدور الدستوري للرئيس الفرنسي على الصعيد الدولي ينص الدستور الفرنسي في مواده 5 و52 على أن رئيس الجمهورية هو الرمز الرسمي للدولة الفرنسية في الخارج وضامن استمراريتها. ويملك صلاحيات واسعة في السياسة الخارجية، تشمل التفاوض وتوقيع المعاهدات، وتمثيل فرنسا في المحافل الدولية، وتوجيه دبلوماسيتها بما يضمن حماية مصالح الدولة. ومع ذلك، فإن إلزام الدولة رسمياً يتوقف على توفر شروط محددة: أن يكون التصريح رسمياً، ويفصح عن إرادة واضحة وصريحة للدولة، وأن يُتبع بالإجراءات القانونية اللازمة، مثل المصادقة البرلمانية أو الإدراج في وثائق رسمية. 2. طبيعة تصريحات ماكرون حول الصحراء الغربية تعددت تصريحات ماكرون حول الصحراء الغربية في مؤتمرات صحفية واجتماعات دبلوماسية مع المغرب، وقد فسّرها بع...

الصحراء الغربية: لماذا لم يستطع ترامب تغيير وضع غوام أو جزر العذراء، بينما يظن المغرب أنه قادر على فعل ذلك في الصحراء الغربية؟

منذ عام 1963، تُدرج الصحراء الغربية ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي في الأمم المتحدة، أي ضمن الأراضي التي تنتظر استكمال مسار تصفية الاستعمار. ويعني هذا الوضع، قانوناً، أن مصير الإقليم لا يمكن أن يُحسم إلا عبر استفتاء لتقرير المصير تشرف عليه الأمم المتحدة، وفقاً لميثاقها ولقرارات جمعيتها العامة المتعاقبة. ورغم وضوح هذا المبدأ، أقدم المغرب سنة 2020 على استغلال اعتراف أحادي من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادته المزعومة على الإقليم، في صفقة سياسية مرتبطة باتفاقيات التطبيع المعروفة بـ”اتفاقيات أبراهام”. غير أن هذه الخطوة، رغم صخبها الإعلامي، لا تملك أي وزن قانوني دولي، خصوصاً إذا ما قورنت بعجز الرئيس نفسه عن تغيير الوضع القانوني لأقاليمٍ خاضعة للإدارة الأمريكية منذ عقود. الولايات المتحدة وأقاليمها غير المتمتعة بالحكم الذاتي: السيادة المعلّقة تدير الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من الأقاليم المصنّفة ضمن فئة “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، وهي: جزيرة غوام، جزر العذراء الأمريكية، ساموا الأمريكية، وبحسب الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، فإن الدول التي تدير...

الجزائر لا تنحني: دبلوماسية الكرامة في وجه وساطة الإذعان

في التاسع عشر من أكتوبر الماضي، أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عبر شبكة “CBS” أن واشنطن تعمل على إبرام “اتفاق سلام بين المغرب والجزائر خلال ستين يوماً”. تصريحٌ أثار ضجة في وسائل الإعلام الدولية، وتلقّفته الأبواق الإعلامية المغربية كـ”إنجاز دبلوماسي” جديد. غير أن الحقيقة مغايرة تماماً: ما يسمى بـ”المبادرة الأمريكية” ليس سوى طلب مغربي مستميت صادر عن نظام يختنق تحت وطأة العزلة الإقليمية والأزمة الاقتصادية الخانقة التي فاقمها الحصار الجزائري المفروض منذ عام 2021. وما يُسوَّق اليوم على أنه “وساطة من أجل السلام” ليس إلا مناورةً يائسة تهدف إلى انتزاع تنازلات من الجزائر، بعدما فشل النظام المغربي في الحصول عليها عبر الضغط أو الدعاية أو المكر السياسي. والحقيقة التي يجب أن تُقال بوضوح: الجزائر ليست في موقع تفاوض، بل في موقع قوة. أولاً: الجزائر في موقع قوة… فلماذا التراجع؟ منذ قطع العلاقات الدبلوماسية في 24 أغسطس 2021، انتهجت الجزائر سياسة مدروسة ومحكمة في التعامل مع الجار الغربي. إغلاق الحدود البرية، وقف الغاز عبر أنبوب المغرب–أوروبا، تجميد المبادلات التجارية… كل خطوة كانت جزءاً من استراتيجية ...

الصحراء الغربية: تراجعٌ أمريكي وانتصارٌ دبلوماسي جزائري

مع اقتراب موعد التصويت الحاسم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والمقرر في 31 أكتوبر 2025، بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، تتكثف النقاشات حول هذا الملف وتكشف عن استقطابٍ متزايد داخل المجتمع الدولي. وقد أثار مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة – بصفتها القلم التقليدي في هذا الملف – جدلاً واسعاً، كاشفاً خطوط الانقسام المستمرة بين القوى الكبرى والفاعلين الإقليميين. تأسست بعثة المينورسو سنة 1991 لتشرف على وقف إطلاق النار بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، وللتحضير لتنظيم استفتاء لتقرير المصير. غير أن هذا الاستفتاء لم يُجرَ قطّ، وأصبحت البعثة اليوم تعاني من ضعفٍ متزايد نتيجة القيود المالية – خاصة الأمريكية – والانسدادات السياسية المتكررة.  وفي هذا السياق الحساس، أوصى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتمديد ولاية البعثة لمدة عامٍ إضافي، إلى غاية 31 أكتوبر 2026، لإتاحة الفرصة لمبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا لإحياء العملية السياسية المتعثّرة. منعطف في المقاربة الدولية شكّل الاجتماع الأخير لمجلس الأمن منعطفاً في مسار التعا...

ماكرون وظل نابليون: روسيا تتهم فرنسا بالتحضير لتدخل عسكري في أوكرانيا

في بيان شديد اللهجة، اتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي (SVR) الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتفكير في تدخل عسكري مباشر في أوكرانيا، في خطوة قد تُعد تصعيدًا محتملاً في تورط الغرب بالصراع. ووفقًا للمعلومات التي نشرها الجهاز، يسعى الرئيس الفرنسي إلى نشر قوة عسكرية تصل إلى ألفي جندي، معظمهم من الفيلق الأجنبي الفرنسي، لدعم نظام كييف. ورغم أن باريس لم تؤكد هذه المعلومات، إلا أن هذا الإعلان جذب اهتمام المراقبين الدوليين وأعاد فتح النقاش حول دور فرنسا في الحرب الأوكرانية. مناورة سياسية أم رهانات عسكرية؟ يصف البيان الروسي إيمانويل ماكرون بأنه مُنهك داخليًا ويسعى لاستعادة هيبته المفقودة عبر مغامرة عسكرية خارجية. وبحسب موسكو، يأمل الرئيس الفرنسي، الذي يواجه أزمة اجتماعية واقتصادية متفاقمة، أن يدخل التاريخ كقائد عسكري على غرار نابليون بونابرت. وتُعد هذه الاتهامات جزءًا من الخطاب التقليدي للكرملين، الذي يسعى إلى تصوير القادة الغربيين على أنهم جهات غير عقلانية مدفوعة بالطموح الشخصي. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن فكرة تدخل عسكري فرنسي، حتى محدودة، ليست مستبعدة بالكامل. ففي الأشهر الماضية، كثفت ...

الصحراء الغربية: إغراء «الحل الحصري» وآلية الجمود

 تحت أروقة مجلس الأمن، تراجعت واشنطن عن طموحها في جعل خطة الحكم الذاتي المغربية القاعدة الوحيدة للتفاوض. أمام اختبار موازين القوى، اصطدم هذا الطموح بحسابات الأمم المتحدة، وتهديدات الفيتو، وسوابق القانون الدولي، ليعود الخطاب إلى صيغة مألوفة: «حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف»، مع تمديد ولاية بعثة المينورسو دون أي تعديل جوهري. في الخلفية، يظل الحدث المفصلي هو اعتراف الولايات المتحدة في ديسمبر 2020 بسيادة المغرب، في إطار صفقة دبلوماسية ضمن اتفاقات أبراهام، ما أزاح القضية عن إطارها الأممي دون أن يخلق توافقًا متعدد الأطراف. 1) خطة بلا أطراف: الجزائر خارج المشاورات، والصحراويون مهمّشون أكدت دورات 2024-2025 الانطباع بأن العملية تدار من خارج المنطقة : الجزائر انتقدت علنًا «انحياز» القلم الأمريكي وامتنعت عن التصويت عام 2024، فيما اكتفى المجلس بتمديد ولاية المينورسو لعام إضافي. والأهم أن الأطراف المعنية مباشرة —الصحراويين—لم يكونوا جزءًا من هندسة هذه الصفقات. جبهة البوليساريو رفضت رسميًا أي مسار يحدد مسبقًا النتيجة لصالح الحكم الذاتي، مؤكدة أن الصحراء الغربية لا تزال إقليمًا غير متم...

رد على مقال الدعاية المغربية: «إقرار مجلس الأمن بوجاهة الحكم الذاتي يبعثر أوراق الجزائر والبوليساريو»

ليس جديداً أن تحاول المنابر الإعلامية المغربية ترويج أوهام الانتصار الدبلوماسي الوهمي كلما اقترب موعد مناقشة مجلس الأمن لملف الصحراء الغربية. مقالة هسبريس الأخيرة ليست سوى تكرار للخطاب الدعائي المعتاد، الذي يسعى إلى إيهام الرأي العام المغربي بأن المجتمع الدولي تبنى ما يسمّيه النظام «مقترح الحكم الذاتي»، في حين أن النصوص الرسمية للأمم المتحدة لا تتضمن أي اعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، بل تؤكد دوماً على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقاً للقرارات الأممية ذات الصلة. 1. مغالطة «الإجماع الدولي» تحدث المقال عن «توافق أممي» و«إجماع دولي» حول مشروع الحكم الذاتي، وهذه مغالطة فاضحة. فمجلس الأمن لم يعتمد يوماً أي قرار يصف المقترح المغربي بأنه «الحل الوحيد» أو «النهائي». كل القرارات، بما في ذلك الأحدث، تشدد على حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، أي الجزائر وجبهة البوليساريو، بما يضمن حق تقرير المصير. هذا المبدأ غير قابل للتأويل، وهو جوهر الموقف الأممي منذ 1965. 2. استغلال تصريحات المسؤولين الأميركيين يحاول المقال إضفاء شرعية على الموقف المغربي عبر استدعاء تصريحات لمسؤولين ...