رد على مقال الدعاية المغربية: «إقرار مجلس الأمن بوجاهة الحكم الذاتي يبعثر أوراق الجزائر والبوليساريو»
ليس جديداً أن تحاول المنابر الإعلامية المغربية ترويج أوهام الانتصار الدبلوماسي الوهمي كلما اقترب موعد مناقشة مجلس الأمن لملف الصحراء الغربية. مقالة هسبريس الأخيرة ليست سوى تكرار للخطاب الدعائي المعتاد، الذي يسعى إلى إيهام الرأي العام المغربي بأن المجتمع الدولي تبنى ما يسمّيه النظام «مقترح الحكم الذاتي»، في حين أن النصوص الرسمية للأمم المتحدة لا تتضمن أي اعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، بل تؤكد دوماً على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقاً للقرارات الأممية ذات الصلة.
1. مغالطة «الإجماع الدولي»
تحدث المقال عن «توافق أممي» و«إجماع دولي» حول مشروع الحكم الذاتي، وهذه مغالطة فاضحة. فمجلس الأمن لم يعتمد يوماً أي قرار يصف المقترح المغربي بأنه «الحل الوحيد» أو «النهائي». كل القرارات، بما في ذلك الأحدث، تشدد على حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين، أي الجزائر وجبهة البوليساريو، بما يضمن حق تقرير المصير. هذا المبدأ غير قابل للتأويل، وهو جوهر الموقف الأممي منذ 1965.
2. استغلال تصريحات المسؤولين الأميركيين
يحاول المقال إضفاء شرعية على الموقف المغربي عبر استدعاء تصريحات لمسؤولين أميركيين سابقين أو وهميين، مثل «مسعد بولس» الذي لا يملك أي صفة رسمية مؤثرة في إدارة السياسة الخارجية الأميركية. إن محاولة تقديم رأي فردي على أنه «موقف واشنطن الرسمي» لا تعدو كونها تضليلاً مقصوداً. فالولايات المتحدة، رغم الاعتراف الرمزي الذي أصدرته إدارة ترامب سنة 2020، لم تنجح في تحويله إلى سياسة دائمة، ولم يصدر أي قرار أممي يعكس هذا التوجه.
3. الموقف الجزائري ثابت وواضح
الجزائر ليست طرفاً في النزاع بمعنى المطالبة بالأرض، بل طرف داعم لحق تقرير المصير وفق الشرعية الدولية. الموقف الجزائري لم يتغير منذ عقود: إنه موقف مبدئي منسجم مع قيم التحرر الوطني التي قامت عليها الدولة الجزائرية، ومع ميثاق الأمم المتحدة نفسه. محاولة الرباط إقحام الجزائر في كل تفاصيل الملف هي محاولة للهروب من الحقيقة الأساسية: أن النزاع قائم بين المغرب والشعب الصحراوي الذي يمثله جبهة البوليساريو، وليس بين المغرب والجزائر.
4. بعثة المينورسو ومأزق الرباط
ما تسميه الصحافة المغربية «هدوءاً دبلوماسياً» داخل الأمم المتحدة هو في الحقيقة جمود سببه غياب أي تقدم في تنظيم الاستفتاء الذي وُجدت من أجله بعثة المينورسو منذ 1991. المغرب هو الطرف الذي يعرقل هذا المسار لأنه يدرك أن الشعب الصحراوي سيرفض السيادة المغربية إذا أتيح له التعبير الحر. لذلك يحاول النظام المغربي تحويل طبيعة البعثة من بعثة لتقرير المصير إلى بعثة لتسيير الوضع القائم، وهو ما ترفضه الجزائر ومعظم الدول الحرة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
5. الدعاية لا تصنع شرعية
قد تنجح وسائل الإعلام الموجهة في خلق وهم داخلي حول «انتصارات دبلوماسية»، لكنها لا تستطيع تغيير الحقائق القانونية والسياسية. فالقضية الصحراوية لا تزال مدرجة في قائمة الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار، وكل القرارات الدولية تعتبر الإقليم غير متمتع بعد بالحكم الذاتي. هذه الحقيقة هي التي تزعج الرباط وتدفعها إلى إنتاج مثل هذه المقالات المضللة كلما اقترب موعد التصويت على قرار جديد.
6. الجزائر ستبقى وفية لمبادئها
الجزائر، التي دفعت ثمناً غالياً من أجل استقلالها، لن تتخلى عن مبدأ تقرير المصير في الصحراء الغربية. فهي لا تبحث عن نفوذ ولا عن توسع، بل عن احترام القانون الدولي وإنهاء آخر حالة استعمار في إفريقيا. وكل محاولات تشويه الموقف الجزائري أو ربطه بصراعات إقليمية مصطنعة لن تغيّر هذه الحقيقة الثابتة.
خلاصة
إن ما تنشره هسبريس وغيره من أبواق النظام المغربي لا يعكس واقع المداولات داخل مجلس الأمن، بل مجرد رغبة سياسية في خلق انطباع زائف بالانتصار. أما الحقيقة فهي أن الأمم المتحدة لا تزال تعتبر القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار لم تُحل بعد، وأن الجزائر ستظل تقف إلى جانب الشعب الصحراوي حتى يمارس حقه المشروع في تقرير مصيره بحرية وشفافية.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
Western Sahara 🇪🇭 free and independent
ردحذف