المقال المنشور في هسبريس بتاريخ 28 نوفمبر 2025 تحت عنوان: «الأمم المتحدة تحسم جدل تأويل الحل السياسي لنزاع الصحراء المغربية» لا يرقى إلى مستوى التحليل السياسي الرصين، بل ينحدر إلى مستوى الدعاية الموجّهة، إذ يسعى إلى إيهام الرأي العام المغربي بأن المنظمة الأممية قد حسمت النزاع لصالح المغرب.
غير أنّ الحقيقة الصارخة تكمن في نص القرار 2797، الذي لا يختلف في جوهره عن عشرات القرارات السابقة: تأكيد الثوابت ذاتها، أي حل سياسي متفاوض عليه، قائم على قبول الطرفين، ويضمن حق تقرير المصير. هذا هو الإطار القانوني الوحيد منذ سنة 1991، ولا وجود فيه لما يصفه الإعلام المغربي بـ«الحل الوحيد» أو «الإطار الحصري».
أولاً: تحريف المعنى في ترجمة القرار
المقال يقدّم نشر النسخة العربية وكأنها «صفعة للجزائر» أو «حسم للجدل»، بينما الواقع أن:
- الأمم المتحدة تصدر قراراتها رسمياً بست لغات دون أي تغييرات جوهرية.
- القرار 2797، كسابقيه، لم يعتمد الحكم الذاتي كـ«حل وحيد»، بل أدرج جميع المقترحات ضمن إطار التفاوض.
- لم يرد في أي سطر أنّ الجزائر «طرف رئيسي»، إذ الطرفان الأساسيان هما المغرب والبوليساريو، فيما تُدعى الجزائر وموريتانيا كدول جوار للمشاركة.
كل ما ورد في المقال يدخل في إطار التضخيم الإعلامي وصناعة انتصار وهمي موجّه للاستهلاك الداخلي.
ثانياً: المغالطة الكبرى — «الحكم الذاتي هو الحل الوحيد»
القرار 2797، مثل كل قرارات مجلس الأمن منذ 2007، استخدم الصيغة المعتادة:
«يبدي مجلس الأمن ترحيبه بالجهود الجدية وذات المصداقية التي يبذلها الطرفان».
هذه العبارة لا تعني أبداً أن مقترح الحكم الذاتي هو الحل الوحيد، بل هي لغة دبلوماسية تُبقي جميع الخيارات مفتوحة، وعلى رأسها:
✔ حق تقرير المصير بكل صِيَغه، بما فيها الاستفتاء.
أما الحديث عن «إقبار الاستفتاء»، فهو تكرار مُمِل للدعاية الرسمية التي تتجاهل حقيقة واضحة: أن تعطيل الاستفتاء يعود إلى رفض المغرب تنفيذ خطة التسوية بعد أن وافق عليها رسمياً سنة 1991.
ثالثاً: محاولة التغطية على الأزمة الداخلية المغربية
نبرة الانتصار في المقال ليست سوى محاولة للهروب من واقع مأزوم:
- توتر اجتماعي واقتصادي.
- انسداد سياسي.
- تراجع الاعترافات الدولية التي يروّج لها الإعلام بلا سند قانوني.
- خلافات داخلية حول ملف الصحراء بعد أحداث الكركرات.
لذلك يتم توظيف كل قرار أممي — مهما كان روتينياً — كـ«فتح مبين» لتهدئة الداخل.
رابعاً: الجهود الدبلوماسية الجزائرية واضحة ومستمرة
الجزائر، خلافاً للخطاب المغربي، لا تسعى إلى «التقليل من شأن الحكم الذاتي»، بل تدافع عن المبدأ الذي قامت عليه الأمم المتحدة نفسها: حق الشعوب في تقرير المصير. وهي تنسّق مع:
- الاتحاد الإفريقي،
- دول عدم الانحياز،
- الأمم المتحدة،
- ومبعوث الأمين العام،
للحفاظ على إطار قانوني يمنع شرعنة احتلال أمر واقع أو فرض حل أحادي.
خامساً: تغليط الرأي العام حول «تحوّل في الموقف الدولي»
العالم اليوم أكثر وعياً بأن:
- النزاع في الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار.
- المغرب طرف يحتل الإقليم ويستغل موارده خارج القانون الدولي.
- محكمة العدل الأوروبية أكدت أن الصحراء إقليم منفصل عن المغرب.
- أي حل لا يضمن الاختيار الحر للصحراويين سيكون تسوية زائفة لا تصمد.
ولا توجد أي دولة كبرى اليوم — بما في ذلك الدول التي افتتحت قنصليات — تعترف رسمياً بسيادة المغرب على الإقليم.
الخلاصة: القرار 2797 لم يغيّر شيئاً
الدعاية المغربية ضخّمت قراراً روتينياً:
- لم يمنح المغرب أي شرعية جديدة.
- لم يعترف بالحكم الذاتي كحل نهائي.
- لم يسقط خيار الاستفتاء.
- لم يَصِف الجزائر كطرف رئيسي.
- ولم يُغيّر شيئاً في مسار النزاع الذي يبقى محكوماً بقواعد واضحة: التفاوض، حق تقرير المصير، وحضور كل الأطراف المعنية.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
شكرا سي بلڨاسم على توضيح الأمور للشعب الجزائري و كشف المؤامرات التى تحاك ضد أمنا الجزائر
ردحذف