التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موقف الجزائر بشأن أحكام محكمة العدل الأوروبية المتعلقة بالصحراء الغربية

أشاد مؤخرًا وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج في الجزائر بالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية (CJUE) في 4 أكتوبر 2024، بشأن الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي (UE) والمغرب. تضمنت هذه الاتفاقيات الأراضي الصحراوية، في انتهاك لحقوق سيادة الشعب الصحراوي على موارده الطبيعية. ولهذا القرار القضائي تداعيات عميقة على الوضع القانوني لهذه المنطقة غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وكذلك على إدارة مواردها الطبيعية.

السياق القانوني والسياسي

تُعتبر الجزائر هذا القرار بمثابة انتصار دبلوماسي، حيث يؤكد على عدم شرعية الاتفاقيات التجارية التي تشمل الصحراء الغربية، وهي منطقة مصنفة كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي من قبل الأمم المتحدة. هذا التصنيف يعني أن الموارد الطبيعية لهذه المنطقة يجب أن تُدار لمصلحة شعبها، وأن أي استغلال خارجي دون موافقتهم يشكل انتهاكًا للقانون الدولي. ومن خلال هذا القرار، تعزز محكمة العدل الأوروبية موقف الجزائر، التي تدافع عن الحق الثابت للشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإدارة موارده.

يشير البيان الجزائري إلى أن هذه الأحكام تتماشى مع مبدأ الأمم المتحدة بشأن سيادة الشعوب على ثرواتها الطبيعية في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي. كما تؤكد على ضرورة حماية هذه الثروات من أي استغلال أو نهب قد تتعرض له.

الاعتراف بجبهة البوليساريو

جانب آخر مهم من أحكام محكمة العدل الأوروبية هو الاعتراف الضمني بشرعية جبهة البوليساريو كالممثل القانوني للشعب الصحراوي. يعزز هذا الاعتراف شرعية مطالب الشعب الصحراوي في تقرير المصير وإدارة موارده. كما يؤكد القرار أن محاولات بعض الدول الأوروبية دعم السيطرة المغربية على الصحراء الغربية لا يمكن أن تغير من الحقيقة القانونية للوضع.


 ردود الفعل الأوروبية

أعربت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية عن أسفها لموقف بعض الدول الأوروبية التي تبدو وكأنها تتجاهل أو تعارض أحكام محكمة العدل الأوروبية. بدعمهم الضمني للموقف المغربي، تتعارض هذه الدول مع القوانين الدولية والمبادئ المتعلقة بحماية الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي. ويثير هذا التحدي لأحكام محكمة العدل الأوروبية، التي تعد نهائية وغير قابلة للطعن، تساؤلات حول التزام تلك الدول بحكم القانون وشرعية القوانين الدولية.


 الخلاصة

تدعو الجزائر جميع المؤسسات الأوروبية، بما في ذلك المفوضية الأوروبية  ومجلس الاتحاد الأوروبي، إلى الامتثال الكامل لأحكام محكمة العدل الأوروبية. وتصر الجزائر على ضرورة احترام القانون الدولي، وأن أي استغلال لموارد الصحراء الغربية دون موافقة شعبها يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية. هذه الأحكام تمثل خطوة مهمة في الدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي ومحاربة الاستعمار الاقتصادي لأراضيه.


بلقاسم مرباح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب. لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع العلاقات القنصلية مع المغرب في أسرع وقت ممكن ، لأن الغالبية العظمى من الشعب المغربي يشتركون في نفس الأطروحات التوسعية مثل ن...

دعم فرنسي للخطة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية

 أعربت الجزائر، يوم الخميس، عن "استنكارها الشديد" للقرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وقد وصف هذا الموقف بأنه "غير متوقع، وغير مناسب، وغير مجدي" من قبل وزارة الخارجية الجزائرية. وقد أكدت الحكومة الجزائرية بوضوح أنها ستستخلص جميع العواقب المترتبة عن هذا القرار، محملة الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة. وقد أثار الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تُعتبر إضفاءً للشرعية على السيادة المتنازع عليها للمغرب على الصحراء الغربية، رد فعل حاد في الجزائر. ونددت وزارة الخارجية الجزائرية بهذا القرار باعتباره عملاً داعماً "لفعل استعماري"، يتعارض مع مبادئ إنهاء الاستعمار التي تدعمها المجتمع الدولي. ويعتبر هذا الموقف أكثر إثارة للجدل بالنظر إلى أنه صادر عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي من المفترض أن يحترم ويعزز الشرعية الدولية. وتعتبر الجزائر هذا القرار عائقاً أمام الحل السلمي لقضية الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي المغربية قد أدت إلى مأزق مستمر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً. وأعربت الوزارة عن أ...

لماذا الحديث عن "اتفاقية سلام" بين الجزائر والمغرب في حين لا توجد حرب؟

الإعلان الأخير بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص الأمريكي المعيَّن من قبل دونالد ترامب، يسعى إلى “إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب” أثار العديد من ردود الفعل والتساؤلات. ووفقًا لتصريحاته، يأمل في التوصل إلى «اتفاق سلام» بين البلدين خلال الشهرين المقبلين، مؤكّدًا في الوقت نفسه أنه يعمل بالتوازي على مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. لكن هذه العبارة — «اتفاق سلام» — تطرح سؤالًا جوهريًا: عن أي حرب نتحدث؟ قراءة خاطئة للوضع الجزائر والمغرب ليسا في حالة حرب. لا يوجد نزاع مسلح ولا مواجهة مباشرة بين الدولتين. ما يفصل بينهما هو أزمة سياسية عميقة، ناتجة عن مواقف متناقضة حول قضايا السيادة والأمن الإقليمي والاحترام المتبادل. اختزال هذه الحقيقة المعقدة في مجرد “خلاف” يمكن تسويته بوساطة ظرفية يعكس إما سوء فهم لطبيعة النزاع، أو محاولة متعمدة لوضع البلدين على قدم المساواة أخلاقيًا ودبلوماسيًا، وهو ما ترفضه الجزائر رفضًا قاطعًا. الموقف الجزائري واضح وثابت شروط أي تطبيع مع المغرب معروفة، وقد جرى التأكيد عليها بقوة من قبل وزير الخارجية رمطان لعمامرة عند إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية في 24 أغس...