التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجزائر وبنك البريكس: عهد جديد من التعاون والتنمية

أعلنت وزارة المالية مساء السبت 31 أوت 2024 عن موافقة البنك الجديد للتنمية التابع لمجموعة "بريكس" على انضمام الجزائر إلى المؤسسة. تم اتخاذ القرار خلال الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي البنك في كيب تاون بجنوب إفريقيا. وأوضحت الوزارة أن انضمام الجزائر يمثل خطوة كبيرة نحو الاندماج في النظام المالي العالمي، حيث أصبحت الجزائر الدولة التاسعة التي تنضم إلى البنك. وأشارت الوزارة إلى أن هذا الانضمام جاء نتيجة تقييم صارم يعتمد على قوة مؤشرات الاقتصاد الكلي في الجزائر. كما أكدت رئيسة البنك ديلما روسيف أن الجزائر حصلت على الموافقة لتصبح عضواً في البنك، وذلك بعد لقاء وزير المالية لعزيز فايد معها في أفريل الماضي خلال اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أعلن في جويلية 2023 عن تقديم طلب رسمي للانضمام إلى البنك، مع استعداد الجزائر للمساهمة بمبلغ 1.5 مليار دولار.

يشكل الإعلان الأخير عن انضمام الجزائر إلى بنك البريكس نقطة تحول مهمة في السياسة الاقتصادية والدبلوماسية للبلاد. مجموعة البريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، أسست هذا البنك لتعزيز التعاون المالي والتنمية المستدامة بين الدول الأعضاء وشركائها. إن انضمام الجزائر إلى هذا التحالف يفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد الجزائري، ويعزز دور الجزائر على الساحة الدولية. يتناول هذا المقال الدوافع وراء هذا الانضمام، والفوائد المحتملة للجزائر، والتحديات التي ستحتاج البلاد إلى مواجهتها للاستفادة الكاملة من هذه الفرصة.


أولاً: السياق والدوافع لانضمام الجزائر إلى البريكس

يأتي انضمام الجزائر إلى بنك البريكس في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية. وهذه الخطوة ناتجة عن عدة عوامل رئيسية:

  1. تنويع مصادر التمويل: يعتمد الاقتصاد الجزائري بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط والغاز. من خلال الانضمام إلى بنك البريكس، تحصل الجزائر على موارد مالية بديلة لتمويل مشاريع التنمية والبنية التحتية والتصنيع، مما يقلل من اعتمادها على الأسواق التقليدية والمؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

  2. البحث عن شركاء اقتصاديين جدد: تمثل دول البريكس اقتصادات ديناميكية تشهد نمواً، مما يوفر فرصاً تجارية كبيرة. بالنسبة للجزائر، تمثل هذه الدول أسواقًا محتملة لصادراتها، وكذلك مصادر للواردات التكنولوجية والصناعية. يتيح الانضمام تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة مع هذه الدول.

  3. تعزيز النفوذ الجيوسياسي: من خلال الانضمام إلى مجموعة مؤثرة مثل البريكس، تزيد الجزائر من ثقلها الدبلوماسي على الساحة العالمية. يتيح هذا الانضمام لها المشاركة بشكل فعال في المناقشات حول القضايا الاقتصادية والمالية الدولية الكبرى، مما يسهم في بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب وأكثر توازناً.

  4. التوافق الاستراتيجي مع الاقتصادات الناشئة: تشترك دول البريكس، باعتبارها تحالفًا للاقتصادات الناشئة، في أهداف مشتركة تتعلق بالتنمية وإصلاح المؤسسات الاقتصادية العالمية. بالنسبة للجزائر، الانضمام إلى هذه الدول يعني أن تكون جزءًا من حركة عالمية تهدف إلى تعزيز صوت ومصالح الاقتصادات النامية.


ثانياً: فوائد انضمام الجزائر إلى بنك البريكس

قد يوفر انضمام الجزائر إلى بنك البريكس العديد من الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية:

  1. الوصول إلى تمويلات للتنمية: يمول بنك البريكس، المعروف أيضًا باسم البنك الجديد للتنمية (NDB)، مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء والشركاء. ستتمكن الجزائر من طلب تمويل لمشاريع رئيسية، مثل تحسين البنية التحتية للنقل، وتطوير الطاقات المتجددة، وتحديث قدراتها الصناعية.

  2. نقل التكنولوجيا والمعرفة: تعتبر دول البريكس، وخاصة الصين والهند، قادة عالميين في مجالات التكنولوجيا والابتكار. يتيح انضمام الجزائر إلى البنك فرصًا للشراكات التكنولوجية، وتبادل المعرفة، والتدريب، مما يمكن أن يحفز تطوير المهارات المحلية والابتكار التكنولوجي في الجزائر.

  3. تعزيز الروابط التجارية: تمثل دول البريكس سوقًا تضم أكثر من ثلاثة مليارات شخص. يمكن أن يسهل الانضمام إلى البنك دمج الجزائر في سلاسل القيمة العالمية، وزيادة صادراتها إلى دول البريكس، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاعات مختلفة من الاقتصاد الجزائري.

  4. دعم الاستقرار الاقتصادي: في أوقات الاضطرابات الاقتصادية العالمية، يمكن أن يوفر الوصول إلى منصة مثل بنك البريكس شكلًا من أشكال الأمان الاقتصادي والاستقرار. سيمكن ذلك الجزائر من إدارة الأزمات الاقتصادية بشكل أفضل والاستفادة من الدعم متعدد الأطراف عند الحاجة.

ثالثاً: التحديات والاعتبارات بالنسبة للجزائر

رغم أن الانضمام إلى بنك البريكس يوفر فوائد لا شك فيها، يجب على الجزائر أيضًا التغلب على بعض التحديات لتحقيق أقصى استفادة من هذا الانضمام:

  1. الإصلاحات الاقتصادية الداخلية: لجذب الاستثمارات والاستفادة الكاملة من التمويلات المتاحة، يجب على الجزائر مواصلة إصلاحاتها الاقتصادية، وتحسين مناخ الأعمال، وضمان الشفافية والحكم الجيد. يشمل ذلك تنويع الاقتصاد إلى ما هو أبعد من قطاع المحروقات، وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار.

  2. الاستقرار السياسي: يشكل الاستقرار السياسي عاملاً حاسمًا للحفاظ على ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين. يجب على الجزائر التأكد من أن انتقالاتها السياسية سلمية وشاملة، وأنها تؤدي إلى مؤسسات ديمقراطية قوية وقادرة على الصمود.

  3. التكامل الإقليمي: بصفتها دولة في شمال إفريقيا، تلعب الجزائر دورًا مهمًا في تعزيز التكامل الإقليمي. يمكن أن يكون الانضمام إلى البريكس محفزًا لتعزيز الروابط الاقتصادية مع دول أفريقية أخرى وتعزيز المبادرات الإقليمية للتنمية والأمن.

خاتمة

يمثل انضمام الجزائر إلى بنك البريكس فرصة استراتيجية للبلاد لتعزيز موقعها الاقتصادي والسياسي على الساحة الدولية. من خلال تنويع شراكاتها والحصول على مصادر تمويل جديدة، يمكن للجزائر تحقيق مشاريع تنموية طموحة، وتعزيز نموها الاقتصادي، وتقوية دورها كلاعب مؤثر بين الاقتصادات الناشئة. ومع ذلك، لضمان النجاح الكامل لهذا التكامل، يجب على الجزائر الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الداخلية، والحفاظ على الاستقرار السياسي، ولعب دور نشط في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. بمواجهة هذه التحديات، يمكن للجزائر أن تستفيد ليس فقط من مزايا انضمامها إلى البريكس، بل تساهم أيضًا في بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر عدلاً وشمولاً.

بلــڨاســم مربـــاح

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

  سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب.  لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ لماذا لا تفرض الدولة الجزائرية تأشيرة دخول على هذا البلد العدو لمراقبة التدفقات السكانية بشكل أفضل بين الجزائر والمغرب؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع ال

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء الجا

ما هي المشاكل بين الجزائر والمغرب ؟ لماذا لن يتم استعادة العلاقات مع المغرب ؟ ولماذا لا تقبل الجزائر أي وساطة مع المغرب ؟

في 24 أغسطس 2021، اتخذت الجزائر قرارًا تاريخيًا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، الذي واصل القيام بأعمال عدائية وغير ودية وخبيثة ضد بلدنا منذ استقلال الجزائر. في هذا المقال لن نتطرق للخيانات المغربية العديدة والممتدة عبر الازمنة و كذلك التي طالت الجزائر قبل الاستقلال (-اختطاف طائرة جبهة التحرير الوطني - خيانة الأمير عبد القادر - قصف مآوي المجاهدين الجزائريين من قاعدة مراكش الجوية - مشاركة المغاربة في مجازر سطيف، قالمة وخراطة عام 1945. الخ)، لأن الموضوع يستحق عدة مقالات ولأن الأفعال الكيدية عديدة، ولا يتسع المجال لذكرها، ومنذ وصول السلالة العلوية عام 1666 في سلطنة مراكش وفاس وهو الاسم الحقيقي للمملكة، قبل أن يقرر الحسن الثاني تغيير اسمها الرسمي بالاستيلاء دون وجه حق، عام1957(بينما كانت الجزائر تحارب الاستدمار الفرنسي) على اسم منطقة شمال إفريقيا: "المغرب" والذي يشمل كل من تونس و ليبيا والجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية وسلطنة فاس ومراكش. 1ــ بماذا تتهم الجزائر المغرب؟ للإجابة على هذا السؤال ودون الخوض فى الخيانات المغربية العديدة قبل استقلال الجزائر، فإن الوثيقة الأكثر ا