الأول من نوفمبر، التاريخ المقدّس في الجزائر الذي يخلّد ذكرى الثورة، وجد صداه هذه السنة في أرض بريطانيا. في هذا اليوم، تحوّل رجل عادي، سمير زيتوني، البالغ من العمر 48 سنة، موظف في شركة London North Eastern Railway (LNER)، إلى بطل. أمام رعبٍ أثاره شخص مسلّح بسكين على متن قطار متجه من دونكاستر إلى لندن، خاطر سمير بحياته لإنقاذ الآخرين. بفضل شجاعته، تم تجنّب مجزرة، وأصبح هذا الرجل الجزائري الأصل رمزًا عالميًا للإنسانية والإقدام.
حياة صاغتها قيم خالدة
وُلد سمير في الجزائر، وعُرف بين زملائه باسم "سام"، ونشأ في ثقافة تقوم على الكرم والتضامن. حمل هذه القيم معه عندما هاجر إلى المملكة المتحدة في شبابه، حيث اندمج بسرعة في النسيج المتعدد الثقافات، وأتقن اللغة، وكسب الاحترام بفضل مهنيته ولطفه. اليوم، الصحافة البريطانية لا تتوقف عن الإشادة به كرمز للنزاهة والرحمة.
متزوج وأب، عاش سمير حياة هادئة في كامبريدجشير، بين عمله وأسرته. يصفه أصدقاؤه بأنه رجل كريم، دائم الاستعداد للمساعدة، ومتشبّث بجذوره. وفي الأول من نوفمبر، تجلّت هذه الصفات في أبهى صورها البطولية.
اليوم الذي غيّر كل شيء
على مدى أكثر من عشرين عامًا، عمل سمير في LNER كمضيف لخدمة العملاء، مجسّدًا اللطف والانضباط المطلوبين في التعامل المباشر مع الجمهور. زملاؤه يشيدون بروحه المرحة، وانضباطه، وقدرته على تهدئة التوتر بابتسامة. "كان سام يعرف دائمًا الكلمات المناسبة لتهدئة الموقف"، يقول أحد سائقي القطارات.
في ذلك اليوم، كان القطار المتجه إلى محطة كينغز كروس في لندن مكتظًا. وبين بيتربورو وهنتينغدون، نهض رجل، عُرف لاحقًا باسم أنتوني ويليامز، وهو يحمل سكينًا، وبدأ في مهاجمة الركاب. انتشر الذعر في ثوانٍ معدودة، وهنا تقدّم سمير لمواجهة الخطر.
عمل بطولي أنقذ الأرواح
تشير شهادات الركاب وصور كاميرات المراقبة إلى أن سمير وقف بين المهاجم وعدة مسافرين، وحمى فتاة صغيرة بجسده. ورغم إصابته بجروح خطيرة في الرأس والعنق، واصل توجيه الركاب نحو العربات الخلفية. بفضل شجاعته، تمكنت الشرطة من التدخل قبل أن تتحول الحادثة إلى مأساة.
نُقل سمير على وجه السرعة إلى مستشفى أدينبروك، وخضع لعملية جراحية معقدة، وحياته الآن خارج الخطر، لكن بطولته ستظل خالدة.
أمة ممتنة، وعالم مبهور
تدفقت رسائل الإشادة من كل حدب وصوب. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أشاد في البرلمان بـ"شجاعة موظفي السكك الحديدية الذين وقفوا في وجه الخطر لإنقاذ الأرواح". أما وزيرة النقل هايدي ألكسندر فقد وصفته بـ"بطل الحياة اليومية". على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت الوسوم #ThankYouSam و #RailwayHero بالملايين، فيما أطلقت حملات لجمع التبرعات لدعم أسرته خلال فترة التعافي.
بالنسبة للكثيرين، يجسد عمله أفضل ما في بريطانيا متعددة الثقافات: رجل جاء من بعيد، وأصبح حامي الجميع. أما بالنسبة للجزائر، فإن الأول من نوفمبر 2025 يصدح كدليل على أن روح الثورة – الشجاعة، التضحية، والكرامة – تتجاوز الحدود والأجيال.
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
احييك اخي بلقاسم على كل المجهودات المبذوله المواصله والمثابره لنشر كافه المعلومات والاخبار التي تكاد تنفع الجزائريين بصفه خاصه وبقية القراء بصفه عامة.
ردحذف