التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأول من نوفمبر 2025: يوم سيخلّد في الذاكرة حين توحّد الشجاعة بين أمتين

 الأول من نوفمبر، التاريخ المقدّس في الجزائر الذي يخلّد ذكرى الثورة، وجد صداه هذه السنة في أرض بريطانيا. في هذا اليوم، تحوّل رجل عادي، سمير زيتوني، البالغ من العمر 48 سنة، موظف في شركة London North Eastern Railway (LNER)، إلى بطل. أمام رعبٍ أثاره شخص مسلّح بسكين على متن قطار متجه من دونكاستر إلى لندن، خاطر سمير بحياته لإنقاذ الآخرين. بفضل شجاعته، تم تجنّب مجزرة، وأصبح هذا الرجل الجزائري الأصل رمزًا عالميًا للإنسانية والإقدام.

حياة صاغتها قيم خالدة

وُلد سمير في الجزائر، وعُرف بين زملائه باسم "سام"، ونشأ في ثقافة تقوم على الكرم والتضامن. حمل هذه القيم معه عندما هاجر إلى المملكة المتحدة في شبابه، حيث اندمج بسرعة في النسيج المتعدد الثقافات، وأتقن اللغة، وكسب الاحترام بفضل مهنيته ولطفه. اليوم، الصحافة البريطانية لا تتوقف عن الإشادة به كرمز للنزاهة والرحمة.

متزوج وأب، عاش سمير حياة هادئة في كامبريدجشير، بين عمله وأسرته. يصفه أصدقاؤه بأنه رجل كريم، دائم الاستعداد للمساعدة، ومتشبّث بجذوره. وفي الأول من نوفمبر، تجلّت هذه الصفات في أبهى صورها البطولية.

اليوم الذي غيّر كل شيء

على مدى أكثر من عشرين عامًا، عمل سمير في LNER كمضيف لخدمة العملاء، مجسّدًا اللطف والانضباط المطلوبين في التعامل المباشر مع الجمهور. زملاؤه يشيدون بروحه المرحة، وانضباطه، وقدرته على تهدئة التوتر بابتسامة. "كان سام يعرف دائمًا الكلمات المناسبة لتهدئة الموقف"، يقول أحد سائقي القطارات.

في ذلك اليوم، كان القطار المتجه إلى محطة كينغز كروس في لندن مكتظًا. وبين بيتربورو وهنتينغدون، نهض رجل، عُرف لاحقًا باسم أنتوني ويليامز، وهو يحمل سكينًا، وبدأ في مهاجمة الركاب. انتشر الذعر في ثوانٍ معدودة، وهنا تقدّم سمير لمواجهة الخطر.

عمل بطولي أنقذ الأرواح

تشير شهادات الركاب وصور كاميرات المراقبة إلى أن سمير وقف بين المهاجم وعدة مسافرين، وحمى فتاة صغيرة بجسده. ورغم إصابته بجروح خطيرة في الرأس والعنق، واصل توجيه الركاب نحو العربات الخلفية. بفضل شجاعته، تمكنت الشرطة من التدخل قبل أن تتحول الحادثة إلى مأساة.

نُقل سمير على وجه السرعة إلى مستشفى أدينبروك، وخضع لعملية جراحية معقدة، وحياته الآن خارج الخطر، لكن بطولته ستظل خالدة.

أمة ممتنة، وعالم مبهور

تدفقت رسائل الإشادة من كل حدب وصوب. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أشاد في البرلمان بـ"شجاعة موظفي السكك الحديدية الذين وقفوا في وجه الخطر لإنقاذ الأرواح". أما وزيرة النقل هايدي ألكسندر فقد وصفته بـ"بطل الحياة اليومية". على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت الوسوم #ThankYouSam و #RailwayHero بالملايين، فيما أطلقت حملات لجمع التبرعات لدعم أسرته خلال فترة التعافي.

بالنسبة للكثيرين، يجسد عمله أفضل ما في بريطانيا متعددة الثقافات: رجل جاء من بعيد، وأصبح حامي الجميع. أما بالنسبة للجزائر، فإن الأول من نوفمبر 2025 يصدح كدليل على أن روح الثورة – الشجاعة، التضحية، والكرامة – تتجاوز الحدود والأجيال.


✍️ بلقاسم مرباح

وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.



تعليقات

  1. احييك اخي بلقاسم على كل المجهودات المبذوله المواصله والمثابره لنشر كافه المعلومات والاخبار التي تكاد تنفع الجزائريين بصفه خاصه وبقية القراء بصفه عامة.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب. لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع العلاقات القنصلية مع المغرب في أسرع وقت ممكن ، لأن الغالبية العظمى من الشعب المغربي يشتركون في نفس الأطروحات التوسعية مثل ن...

دعم فرنسي للخطة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية

 أعربت الجزائر، يوم الخميس، عن "استنكارها الشديد" للقرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وقد وصف هذا الموقف بأنه "غير متوقع، وغير مناسب، وغير مجدي" من قبل وزارة الخارجية الجزائرية. وقد أكدت الحكومة الجزائرية بوضوح أنها ستستخلص جميع العواقب المترتبة عن هذا القرار، محملة الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة. وقد أثار الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تُعتبر إضفاءً للشرعية على السيادة المتنازع عليها للمغرب على الصحراء الغربية، رد فعل حاد في الجزائر. ونددت وزارة الخارجية الجزائرية بهذا القرار باعتباره عملاً داعماً "لفعل استعماري"، يتعارض مع مبادئ إنهاء الاستعمار التي تدعمها المجتمع الدولي. ويعتبر هذا الموقف أكثر إثارة للجدل بالنظر إلى أنه صادر عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي من المفترض أن يحترم ويعزز الشرعية الدولية. وتعتبر الجزائر هذا القرار عائقاً أمام الحل السلمي لقضية الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي المغربية قد أدت إلى مأزق مستمر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً. وأعربت الوزارة عن أ...

لماذا الحديث عن "اتفاقية سلام" بين الجزائر والمغرب في حين لا توجد حرب؟

الإعلان الأخير بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص الأمريكي المعيَّن من قبل دونالد ترامب، يسعى إلى “إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب” أثار العديد من ردود الفعل والتساؤلات. ووفقًا لتصريحاته، يأمل في التوصل إلى «اتفاق سلام» بين البلدين خلال الشهرين المقبلين، مؤكّدًا في الوقت نفسه أنه يعمل بالتوازي على مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. لكن هذه العبارة — «اتفاق سلام» — تطرح سؤالًا جوهريًا: عن أي حرب نتحدث؟ قراءة خاطئة للوضع الجزائر والمغرب ليسا في حالة حرب. لا يوجد نزاع مسلح ولا مواجهة مباشرة بين الدولتين. ما يفصل بينهما هو أزمة سياسية عميقة، ناتجة عن مواقف متناقضة حول قضايا السيادة والأمن الإقليمي والاحترام المتبادل. اختزال هذه الحقيقة المعقدة في مجرد “خلاف” يمكن تسويته بوساطة ظرفية يعكس إما سوء فهم لطبيعة النزاع، أو محاولة متعمدة لوضع البلدين على قدم المساواة أخلاقيًا ودبلوماسيًا، وهو ما ترفضه الجزائر رفضًا قاطعًا. الموقف الجزائري واضح وثابت شروط أي تطبيع مع المغرب معروفة، وقد جرى التأكيد عليها بقوة من قبل وزير الخارجية رمطان لعمامرة عند إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية في 24 أغس...