فُجعت الجزائر يوم الجمعة 15 أوت بحادث مأساوي أليم في وادي الحراش، حيث سقطت حافلة مكتظّة بالمسافرين، مخلفةً 18 شهيدًا و24 جريحًا، وفق الحصيلة النهائية التي أعلنتها الحماية المدنية. الرئيس عبد المجيد تبون أعلن الحداد الوطني، وأمر بتنكيس العلم الوطني ترحّمًا على أرواح الضحايا.
هذا المصاب الجلل وحّد الجزائريين في الحزن والتضامن. غير أنّ ما يثير الغضب والاشمئزاز هو ما صدر من الجهة الغربية، حيث تحوّل دم أبنائنا إلى موضوع شماتة وسخرية علنية من طرف مئات المغاربة.
شماتة علنية من “الأشقاء”
بدل أن يلتزم هؤلاء الصمت أو على الأقل الحياد الإنساني، شهدت منصات التواصل ليلة الحادث موجة بثوث مباشرة من طرف مغاربة على “تيك توك” و”فيسبوك” و”يوتيوب”، عبّروا خلالها عن فرحهم بموت الجزائريين.
الضحايا نُعِتوا بأبشع الألفاظ، فسمّاهم بعضهم “شهداء مجاري الحراش”، فيما قال آخر إنه كان يتمنى أن “يُشوى هؤلاء الأبرياء على مشواة”. الأسوأ من ذلك أنّ عشرات المغاربة تجمعوا بمدينة السعيدية على مقربة من الحدود، لا لشيء إلا للسخرية من الجزائريين المفجوعين.
هذه الممارسات ليست حوادث فردية معزولة، بل تعبّر عن ثقافة كراهية آخذة في الانتشار داخل المجتمع المغربي، بتغاضٍ واضح من سلطاتهم الإعلامية والسياسية.
تساهل المنصات الرقمية: ميزان أعوج
المثير للاستغراب أنّ هذه الخطابات المشينة لم تُقابل بأي ردع من المنصات العالمية. “تيك توك” و”يوتيوب” و”فيسبوك” يغضّون الطرف حين يتعلق الأمر بخطاب كراهية صادر عن مغاربة ضد الجزائريين، بينما يسارعون إلى حذف أي بث أو حساب جزائري لمجرد الرد أو الدفاع عن كرامة الوطن.
وقد عايش كاتب هذه السطور هذه الممارسات الظالمة مرارًا، حيث أُغلِق له أكثر من عشر قنوات على “يوتيوب” فقط، بينما ظلّ الخطاب المغربي التحريضي طليقًا بلا محاسبة. هذا الكيل بمكيالين يُحوّل الفضاء الرقمي إلى سلاح ضد الجزائريين بدل أن يكون فضاءً للتواصل.
قنبلة ديموغرافية: 1.2 مليون مغربي غير شرعي
أمام هذا السيل من الكراهية، يصبح من المشروع والضروري طرح سؤال وطني: لماذا نسمح بوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي يعيشون بطريقة غير قانونية فوق ترابنا؟
ألا يُشكّل هذا الوضع قنبلة موقوتة تهدد أمننا واستقرارنا؟ إنّ الوقت قد حان لإجراءات صارمة:
- الترحيل الفوري لكل المغاربة في وضع غير قانوني.
- مراجعة دقيقة لوضعية المغاربة المقيمين بصفة قانونية وانتقاء من يشكّل خطرًا على أمن الدولة.
- التدقيق في ملف “الجزائريين بالورق” (SNP)، الذين قد يشكّلون منفذًا خطيرًا لاختراق مغربي من الداخل.
إنّ تساهلنا السابق لم يُقابل بالاحترام، بل بالعداء، ولا بدّ من غلق هذا الباب فورًا.
إنذار للمستقبل
ما حدث ليس موجّهًا للدولة الجزائرية أو للجيش الوطني الشعبي، بل أصاب مواطنين أبرياء. وهذا دليل خطير: الحقد المغربي اليوم لا يفرّق بين مؤسسات الدولة والشعب الجزائري نفسه.
إنّ هذا الواقع يجب أن يكون إنذارًا واضحًا لنا جميعًا: الخطر المغربي دائم، حقيقي، ومتجذّر. يظهر في الخطاب الإعلامي، ويتغذى من الحملات الرقمية، ويتجسد حتى في ردة الفعل تجاه مآسينا الوطنية.
الخاتمة: كفى !
الجزائر في حداد، نعم، لكنها ليست ضعيفة. هذه المأساة يجب أن تكون جرس إنذار نهائيًا. لا يمكن أن نقبل بعد اليوم أن يتحوّل دم أبنائنا إلى مادة شماتة لدى الجار الغربي، ولا أن نحتضن ملايين من رعاياه فوق أرضنا بينما يُمطروننا بالعداء.
لقد آن أوان الوضوح: لا أخوّة، لا تساهل، لا أوهام. يجب أن نقول بصوت واحد: بَسْطَا !
✍️ بلقاسم مرباح
وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.
تعليقات
إرسال تعليق