التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خطاب العرش المغربي… يد ممدودة بالسمّ وخنجر في الظهر

منذ ستين عاماً، لم تتغير لعبة المخزن قيد أنملة: خطابات ودّ و«أخوّة» أمام الكاميرات، وفي الخفاء دسائس ومؤامرات ضد الجزائر. في أكتوبر 1963، وبعد شهور قليلة من استقلال الجزائر، خرج الملك الحسن الثاني بخطاب يطالب فيه بـ«حوار أخوي» لتجاوز ما سمّاه «سوء الفهم» بين البلدين… وكان مدفع جيشه في الوقت نفسه يقصف تندوف وبشار في حرب الرمال.

اليوم، في يوليو 2025، يعيد محمد السادس المشهد نفسه، بنفس العبارات المنمّقة، بنفس النبرة «المتصالحة»، وبنفس النية الخبيثة. التاريخ يثبت أن كل يد ممدودة من المخزن كانت دائماً تحمل خنجراً في الظل.

الكلام يتكرر… والعداء لا يتوقف

في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، دعا محمد السادس إلى «فتح صفحة جديدة» و«حل توافقي يحفظ ماء الوجه» و«حوار صريح ومسؤول». لكن هذه الجمل العاطفية لم تمنع المغرب، طوال العقود الماضية، من:
  • التمسك باحتلال الصحراء الغربية ورفض استفتاء تقرير المصير.
  • شن حملات إعلامية ودبلوماسية معادية ضد الجزائر.
  • دعم جماعات معادية لأمننا واستقرارنا.
الجديد هذا العام هو توظيف عبارة «لا غالب ولا مغلوب» لإيهام الرأي العام الدولي بمرونة سياسية، بينما يتجاهل الملك حقيقة ثابتة: الجزائر لن تدخل في مفاوضات ثنائية حول الصحراء الغربية، لأنها قضية تصفية استعمار بين المغرب والشعب الصحراوي الممثل بجبهة البوليساريو.

واشنطن في الخلفية… وتنسيق واضح

خطاب محمد السادس جاء مباشرة بعد جولة المستشار الأمريكي مسعد بولوص في شمال إفريقيا، والذي صرّح أن قرار ترامب عام 2020 بالاعتراف بـ«سيادة» المغرب على الصحراء الغربية «ليس نهائياً» وأن «الباب مفتوح لحل يرضي الطرفين».

تشابه العبارات بين بولوص ومحمد السادس يكشف عن سيناريو مُعد مسبقاً: واشنطن تمنح الرباط صيغة خطابية ناعمة، ليظهر المغرب كوسيط سلام، بينما الهدف الحقيقي هو دفع الجزائر إلى طاولة مفاوضات بشروط مائلة لصالح الاحتلال المغربي.

رصيد الغدر المخزني منذ الاستقلال

الجزائريون لا ينسون، والتاريخ شاهد:
  • 1963 – حرب الرمال: غزو مسلح لتندوف وبشار بعد أشهر من الاستقلال.
  • دعم الانفصال والإرهاب: من السبعينيات إلى اليوم، دعم منظم لجماعات تهدد أمن الجزائر.
  • التحالف مع الكيان الصهيوني: اتفاقيات أمنية وعسكرية، تبادل معلومات استخباراتية، شراء طائرات مسيرة وأنظمة تجسس.
  • مشاريع الحصار: المشاركة في مخططات اقتصادية وعسكرية إقليمية تهدف لتطويق الجزائر.

سلاح المخدرات: حرب غير معلنة

المخزن لا يكتفي بالتحالفات العسكرية، بل يخوض ضد الجزائر حرباً اجتماعية عبر إغراقها بالمخدرات:
  • المغرب هو المنتج الأول عالمياً للحشيش، بأكثر من 55 ألف هكتار مزروعة وفق الأمم المتحدة.
  • في 2024، حجزت الجزائر 450 طناً من الحشيش المغربي على حدودها الغربية.
  • 70% من الحشيش في أوروبا مصدره المغرب، بطرق تهريب منظمة تحميها شبكات مقربة من القصر.

حقيقة اليد الممدودة

خطاب الملك ليس دعوة صادقة للسلام، بل أداة استراتيجية لتحقيق ثلاثة أهداف:
  • تحسين صورة المغرب دولياً عبر تقديم نفسه كـ«وسيط سلام».
  • تحميل الجزائر مسؤولية الجمود الدبلوماسي.
  • كسب الوقت لفرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية وتعزيز التحالفات العدائية.

الخلاصة

أيها الجزائريون،
أيها الأحرار من تلمسان إلى تبسة، ومن وهران إلى تمنراست،
التاريخ يكتب أمام أعيننا، والمخزن يعيد نفس السيناريو الذي بدأه أجداده قبل ستين سنة: خطاب منمّق على المنابر، وخنجر مسموم في الظل.
إن ما يجري اليوم ليس دعوة إلى السلام، بل محاولة خبيثة لجرّ الجزائر إلى فخ سياسي يفتح الباب أمام تصفية حسابات جيوسياسية على حساب قضيتنا المركزية: الصحراء الغربية، وأمننا القومي، ووحدة ترابنا.
لقد جرّبنا يد المخزن، ونعرف ملمسها البارد… يد مصافحة أمام الكاميرات، ويد أخرى تعبث بالخرائط وتحرك العملاء وتغرق حدودنا بالمخدرات.

لهذا نقولها بوضوح:
  • لن نقبل أي حوار تحت الضغط أو التهديد أو الابتزاز.
  • لن نساوم على ذرة من ترابنا أو سيادتنا أو قرارنا الحر.
  • لن ننخدع بابتسامات دبلوماسية تخفي خنجراً في خاصرة الوطن.

نداؤنا إلى أبناء الجزائر:

كونوا على وعي كامل بأن معركتنا اليوم ليست فقط على حدودنا، بل في كل ميدان يحاولون فيه ضرب وحدتنا الوطنية، سواء عبر المخدرات، أو الإعلام المأجور، أو المؤامرات الدبلوماسية.

ونداؤنا إلى جيشنا الشعبي الوطني، سليل جيش التحرير:
كونوا كما عهدناكم، سداً منيعاً في وجه كل تهديد، وحصناً للوطن ضد كل من تسوّل له نفسه المساس بسيادتنا.

رسالتنا للمخزن وحلفائه:

الجزائر التي هزمت الاستعمار الفرنسي بعد 132 عاماً من الاحتلال، والتي حررت أرضها بدماء مليون ونصف المليون شهيد، لن تنحني أمام أي قوة، ولن تبيع كرامتها في سوق المساومات الدولية.

الجزائر باقية… والمخزن زائل.
الجزائر حرة… ومن يمد لها يداً بخنجر، سنكسر خنجره قبل أن نقطع يده.


✍️ بلقاسم مرباح

وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب. لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع العلاقات القنصلية مع المغرب في أسرع وقت ممكن ، لأن الغالبية العظمى من الشعب المغربي يشتركون في نفس الأطروحات التوسعية مثل ن...

دعم فرنسي للخطة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية

 أعربت الجزائر، يوم الخميس، عن "استنكارها الشديد" للقرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وقد وصف هذا الموقف بأنه "غير متوقع، وغير مناسب، وغير مجدي" من قبل وزارة الخارجية الجزائرية. وقد أكدت الحكومة الجزائرية بوضوح أنها ستستخلص جميع العواقب المترتبة عن هذا القرار، محملة الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة. وقد أثار الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تُعتبر إضفاءً للشرعية على السيادة المتنازع عليها للمغرب على الصحراء الغربية، رد فعل حاد في الجزائر. ونددت وزارة الخارجية الجزائرية بهذا القرار باعتباره عملاً داعماً "لفعل استعماري"، يتعارض مع مبادئ إنهاء الاستعمار التي تدعمها المجتمع الدولي. ويعتبر هذا الموقف أكثر إثارة للجدل بالنظر إلى أنه صادر عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي من المفترض أن يحترم ويعزز الشرعية الدولية. وتعتبر الجزائر هذا القرار عائقاً أمام الحل السلمي لقضية الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي المغربية قد أدت إلى مأزق مستمر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً. وأعربت الوزارة عن أ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...