التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجزائر في وجه الوهم المغربي: مناورات “الأسد الأفريقي” ودروس في السيادة الوطنية

كيف لعقول المَخزَن الساذجة أن تصدق ولو لوهلة أن الجيش الوطني الشعبي الجزائري سيُسهم في مناورات “الأسد الأفريقي” التي تشارك فيها إسرائيل؟ جواب الجزائر كان حاسماً وقاطعاً: لا ولن يكون!


فهذا الرفض لم يأتِ وليد اللحظة، بل هو تتويجٌ لموقفٍ ثابتٍ؛ فالجزائر منذ البداية أبَت أن تخلط بين استراتيجيتها العسكرية وسياساتٍ يُخطط لها بعيداً عن مصالحها السيادية، ولا شك أن استدعاء من وصفتهم بـ “الجيش النازي” بقيادة بنيامين نتنياهو لم يزد المناورة سوى وصمة عار.

وهم المخزن وتَلقين الجزائر درساً دبلوماسياً

أملَت الرباط في أن تفرض على الجزائر الحضور تحت ضغوط واشنطن، ذلك “الراعِي الأكبر” الذي لطالما بارك اعترافاً مشوهاً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. كل ما كان يريده المخزن هو استثمار مشاركة الجزائر إعلامياً لإيهام الرأي العام بعودة “الدفء” بين الجارتين، في حين العلاقات مقطوعةٌ منذ أغسطس 2021، إثر استفزازات متكررة:
  • إغلاق الحدود البرية منذ 1994
  • منع التحليق فوق الأجواء الجزائرية
  • إعادة تأشيرة الدخول للمغاربة
لكن الجزائر لطالما رفضت هذا الابتزاز وأصرت على تمسكها بسيادتها.

الدعاية المغربية: محاولة لإنقاذ ماء الوجه

سرعان ما عملت آلة الدعاية بالمخزن على تصوير الجزائر على أنها “منعزلة دولياً”، لكن الحقائق تتحدث عن نفسها:
  • مقعد الجزائر في مجلس الأمن، حيث تُساهم بفاعلية في قضايا فلسطين وأفريقيا.
  • شراكات استراتيجية مع الصين وروسيا وتركيا ودول الساحل وأوروبا غير المنحازة.
  • دبلوماسية التوازن التي جعلت من الجزائر لاعباً محترماً على الساحة الدولية.


الجيش الوطني الشعبي: قوة احترافية وتحصين السيادة

لا تحتاج الجزائر إلى “العُرْض” ضمن مناورات يقودها الآخرون ليثبت جدارته؛ فهي تنظم بانتظام تمارين وطنية ضخمة تشمل الدبابات والطيران والمدفعية والدفاع السيبراني، بهدف رسالة واضحة إلى كل من يختبر صلابتها.

وعلى الرغم من التعاون مع البنتاغون في مكافحة الإرهاب بالساحل، فإن هذه الشراكة ثنائية متوازنة، تُجسِّدها الزيارات المتكررة لوفود أمريكية رفيعة إلى الجزائر، ضمن احترامٍ تام للسيادة الوطنية.

المخزن المُحبط وإخفاق خططه المكشوفة

الجزائر، برفضها الحازم، فضحت مخطط الرباط الهادف إلى صنع “انطباع” مصطنع عن توافق؛ فالبلد الذي لوَّح بسيف المقاطعة، أثبت مرة أخرى أنه يسير بخطى مستقلة، مستقرة، لا يلتفت إلى رياح التملق.

الجيش الوطني الشعبي ملتزم بمبادئه: السيادة خط أحمر، والكرامة لا تُباع ولا تُهدَّد.

خاتمة: دروس السيادة والثبات

هذا الفصل الجديد يُعزّز دور الجزائر كقلعةٍ للسيادة والمقاومة في شمال إفريقيا. بعيداً عن الأوهام والائتلافات الانتهازية، تواصل الجزائر مسارها بثبات، مؤمنة بشعبها وتاريخها وجيشها، دون أن تنحني لأي ضغطٍ كان.




✍️ بلقاسم مرباح





المراجع:



بيانات وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية (2021–2024)
تقارير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الجزائر
بيانات القيادة العامة للجيش الوطني الشعبي
أخبار زيارات قادة “أفريكوم” إلى الجزائر (الجزيرة، الاذاعة الجزائرية، رويترز)
دراسة: Algeria’s Diplomacy in Africa، مؤسسة تشاتام هاوس (2023)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...