زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب يوم 28 أكتوبر أثارت تحليلات ونقاشات حول انعكاساتها على العلاقات الثنائية الفرنسية الجزائرية، وسط اتهامات من بعض الأطراف الجزائرية بأن باريس تتخذ موقفاً أكثر قرباً من المغرب على حساب الجزائر. تأتي هذه الزيارة بعد سنوات من التوتر بين فرنسا والمغرب، وتحمل دلالات جديدة على التحول في السياسة الفرنسية تجاه ملف الصحراء الغربية، حيث أعلنت فرنسا تأييدها للسيادة المغربية على هذا الإقليم المتنازع عليه (Le Monde, 2023).
تتجسد أهمية هذا التحول الفرنسي في تغيير موقفها من النزاع في الصحراء الغربية الذي يعتبر من القضايا الحساسة لدى الجزائر، إذ تدعم هذه الأخيرة جبهة البوليساريو وتعتبر أي اعتراف دولي بسيادة المغرب على المنطقة انتهاكًا لمبدأ تقرير المصير المعترف به دولياً. وفي هذا السياق، تشير التحليلات إلى أن الدعم الفرنسي للمغرب سيزيد من التوترات الإقليمية، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد في العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتي شهدت محاولات تهدئة متكررة منذ تولي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مهامه (BBC, 2023).
وتجدر الإشارة إلى أن الخطاب الرسمي الفرنسي يسعى إلى تبرير هذه التحولات من خلال تأكيد الروابط التاريخية بين باريس والرباط، مما يعكس توجهاً فرنسياً يرى في المغرب شريكاً استراتيجياً في مواجهة التحديات الأفريقية المشتركة مثل الهجرة والأمن، وهو ما أكده ماكرون خلال خطابه أمام البرلمان المغربي حيث أوضح أن موقف فرنسا تجاه الصحراء "ليس عدائياً تجاه أي طرف" في إشارة غير مباشرة إلى الجزائر (France 24, 2023).
ورغم هذه التأكيدات، يواجه ماكرون انتقادات داخل فرنسا من قبل بعض المحللين والشخصيات الأكاديمية، التي ترى أن هذه السياسة غير متوازنة وتؤدي إلى مزيد من العزلة لفرنسا في شمال إفريقيا. وقد أشار الباحث جيل دلافون من معهد توماس مور إلى أن المغرب يمثل نموذجاً اقتصادياً "ديناميكياً" يسعى للاستثمار في الأسواق الأفريقية، في حين ينتقد الجزائر بسبب السياسات الاقتصادية المتعثرة (LCI, 2023).
من جانب آخر، تعكس تصريحات المحللين مثل جيل ويليام غولدناديل ميلاً لبعض الأطراف الفرنسية للتقارب مع المغرب على حساب الجزائر، وهو ما أثار انتقادات حادة لدى الجزائر التي ترى في هذه التوجهات انحيازاً صارخاً لصالح المغرب دون اعتبار لتوازن العلاقات الثلاثية الفرنسية-الجزائرية-المغربية. وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من إعادة ترتيب الأولويات الفرنسية في المغرب العربي بما يعكس مصالح سياسية وأمنية خاصة، مما يثير تساؤلات حول احترام فرنسا للقرارات الدولية المتعلقة بالنزاع في الصحراء الغربية (Reuters, 2023).
وفي خضم هذه النقاشات، تشير بعض المصادر الجزائرية إلى احتمال اتخاذ الجزائر تدابير انتقامية ضد ما وصفته "بالسياسة الاستفزازية" لفرنسا، والتي يعتبرها بعض المسؤولين الجزائريين تأكيداً على رغبة باريس في تعزيز علاقاتها مع المغرب على حساب المصالح الجزائرية (El Watan, 2023).
بلقاسم مرباح
صافي اصبحتو تطلبو التوازن هههه اين حجرة تبون المعين
ردحذف