التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

نحو تسوية منسجمة مع القانون الدولي لقضية الصحراء الغربية: الإطار المعياري، التشخيص، والبدائل العملية

  ملخّص — يدرس هذا المقال، في ضوء القانون الدولي وممارسة الأمم المتحدة، المسارات المتفقة مع الشرعية الدولية لحل قضية الصحراء الغربية. وبعد عرض الإطار القانوني (ميثاق الأمم المتحدة، قرارات الجمعية العامة 1514 (د-15) و1541 (د-15)، الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 1975، صفة “الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي”، وتفويض بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية – المينورسو)، يضع “مبادرة الحكم الذاتي” المغربية لسنة 2007 في سياقها ويبيّن لماذا لا تستجيب، بصيغتها الحالية، لمقتضيات حق تقرير المصير كما كرّسته الأمم المتحدة. ثم يقترح المقال جملة بدائل متوافقة مع القانون الدولي: استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة يتيح كل خيارات الوضع النهائي، خارطة طريق بضمانات أمنية وحقوقية، نظام انتقالي لإدارة الموارد قائم على موافقة الشعب الصحراوي، وتدابير لبناء الثقة. وتُستحضر سوابق ناميبيا وتيمور‑الشرقية لإبراز نماذج انتقالية قابلة للتكييف. 1) مقدّمة تُعدّ الصحراء الغربية من آخر قضايا إنهاء الاستعمار غير المُستكملة على جدول أعمال الأمم المتحدة. فمنذ عام 1963، أُدرج الإقليم ضمن قائمة “الأقاليم...

17 أكتوبر 1961 — يومٌ كتب الجزائريون فيه بالدم معنى الكرامة

في مساءٍ باردٍ من أمسيات باريس، خرج أبناء الجزائر، حفاةَ القلب لكن شامخي الرأس، يحملون راية الوطن في صمتٍ مهيب، يهتفون للحياة والحرية والكرامة. لكن المستعمر الذي ضاق بصوت الحق، أطلق رصاصه على الجموع، فاهتزّت ضفاف السين بدمٍ طاهرٍ عربيٍّ أمازيغيٍّ جزائريٍّ لا يُنسى. سقطوا شهداء، لا في ساحات الوطن، بل في قلب عاصمةٍ ادّعت الحضارة، لتغسل بدمائهم وجهها الملطّخ بالنفاق. سقطوا وهم يرددون في سرّهم: تحيا الجزائر… ولن تموت. يا من أُلقيتم في نهر السين كأنكم أرقام، أنتم في قلوبنا رايات. أنتم النور الذي لا ينطفئ في ذاكرة الجزائر، أنتم الجسر بين المنفى والوطن، بين الألم والنصر. دماؤكم كانت الوضوء الذي طهّر تراب الاستقلال، وصراخكم في ليل باريس كان الأذان الأول لحرية الجزائر. سبعة عشر أكتوبر لم يكن يوماً من التقويم، بل صفحةً من البطولة، وشاهداً على أن الجزائري لا يركع إلا لله. ومن باريس إلى الجزائر، ظلّ النداء واحداً: لن ننسى… ولن نغفر… وسنبقى أوفياء لدم الشهداء. المجد والخلود لشهداء 17 أكتوبر 1961، ولتحيا الجزائر حرةً أبيةً، كما أرادوها. ✍️ بلقاسم مرباح وطني جزائري، حرّ في قلمه كما في مواقفه. العريضة...

زيارة بوريطة إلى موسكو… فشل دبلوماسي في تسويق “الأمر الواقع” بالصحراء الغربية

تُظهر الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى موسكو أن الدبلوماسية المغربية تواجه طريقاً مسدوداً في محاولاتها إقناع القوى الكبرى بقبول الأمر الواقع في الصحراء الغربية، والاعتراف بـ”السيادة المغربية” على الإقليم. فعلى الرغم من الطابع الرسمي والمجاملات الدبلوماسية التي طبعت اللقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلا أن فحوى التصريحات الصادرة بعد المؤتمر الصحفي المشترك كشفت بوضوح حدود هذه الزيارة، بل وإخفاقها في تحقيق الأهداف التي راهن عليها المغرب. ■ الموقف الروسي: القانون الدولي أولاً في تصريحاته، حاول بوريطة أن يُظهر نوعاً من التفاهم مع موسكو، فقال: “نتفق مع روسيا على أن الحل يجب أن يكون منسجماً مع القانون الدولي.” هذه الجملة وحدها كافية لتختصر المأزق المغربي في التعامل مع الموقف الروسي. فروسيا، التي تتمسك بمبدأ تقرير المصير وشرعية الأمم المتحدة كإطار وحيد لتسوية النزاعات الإقليمية، لم تغيّر قيد أنملة من موقفها التاريخي من قضية الصحراء الغربية. وبهذا، فإن إقرار بوريطة بمرجعية القانون الدولي يعني ضمنياً تبني نفس المبدأ الذي تدافع عنه الجزائر منذ عقود، والمتمثل في ضر...

الوساطة السعودية… استنساخ فاشل لتجربة الثمانينيات: الجزائر لا تعيد أخطاءها

تثير بعض المنابر الإعلامية المغربية، على غرار هسبريس، في الآونة الأخيرة موضوع ما تسميه «الوساطة السعودية بين الجزائر والمغرب» ، في محاولة لإضفاء شرعية جديدة على تحرك دبلوماسي يخدم مصالح الرباط ويُعيد إنتاج خطابها القديم حول “اليد الممدودة” و”الصفحة الجديدة”. غير أن المتابع الموضوعي لتاريخ العلاقات الجزائرية المغربية يدرك أن هذه العناوين الملساء ليست سوى واجهة لخطابٍ توسّعيٍ متجدد، يتستر خلف المبادرات الخليجية والأمريكية لفرض أمرٍ واقع في الصحراء الغربية. تجربة الثمانينيات… دروس من وساطةٍ مُضلِّلة من يتحدث اليوم عن “الوساطة السعودية” ينسى – أو يتناسى – أن الجزائر جربت هذا المسار سابقًا في نهاية الثمانينيات، حين لعبت الرياض دور الوسيط بين الشاذلي بن جديد والحسن الثاني. كانت النوايا المعلنة آنذاك هي “فتح صفحة جديدة بين الإخوة”، لكنها انتهت – كما يعلم الجميع – بتمكين المغرب من مكاسب اقتصادية وسياسية على حساب الأمن القومي الجزائري. فقد فتحت الجزائر حدودها سنة 1988، وتم التوقيع على اتفاقيات تعاون واسعة، أبرزها تمرير أنبوب الغاز الجزائري عبر الأراضي المغربية نحو أوروبا، في خطوة فسّرها آنذاك ا...

الجزائر وطائرة “سو-57”: قفزة استراتيجية نحو التفوق الجوي والسيادة العسكرية

أبرمت الجزائر، وفقاً لتقارير متطابقة، صفقة دفاعية كبرى مع روسيا لاقتناء مقاتلات “سو-57” الشبحية متعدّدة المهام من الجيل الخامس، في خطوة تُعدّ من أبرز عمليات التحديث العسكري في تاريخ القوات الجوية الجزائرية الحديثة. وتُقدّر قيمة الصفقة بنحو 1.6 مليار دولار، وتشمل، إلى جانب الطائرات نفسها، حزمة متكاملة من الأسلحة الحديثة، وأنظمة الحرب الإلكترونية، وقطع الغيار، وبرامج التدريب والتأهيل للطيارين وفرق الصيانة. ترسانة متكاملة ومتقدمة تشير المعطيات المتاحة إلى أنّ العقد يتضمّن مجموعة واسعة من المنظومات القتالية المتطورة المصمّمة لتعظيم القدرات العماليتية لطائرات “سو-57”، من بينها: صواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز R-37M بمدى يتجاوز 300 كيلومتر، تمنح الجزائر قدرة تفوّق في الاشتباكات الجوية بعيدة المدى؛ صواريخ R-77M متوسطة المدى لمواجهة الأهداف في مختلف الظروف القتالية؛ صواريخ R-74M قصيرة المدى لتأمين السيطرة في القتال القريب؛ صواريخ كروز جو-أرض من طراز Kh-59 وKh-69 للضربات الدقيقة ضد الأهداف الحيوية البرية والبحرية؛ صواريخ مضادّة للإشعاع Kh-58UShK لتدمير الرادارات ومنظومات الدفاع الجوي المعادية؛...

الانهيار الأخلاقي للغرب: ازدواجية المعايير بعد السابع من أكتوبر

منذ السابع من أكتوبر، والعالم يشهد، إمّا بصمتٍ أو بتواطؤ، إحدى أبشع المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث. غزة تُقصف ليلًا ونهارًا، تُهدم الأحياء فوق ساكنيها، تُمحى المستشفيات والمدارس، ويُنتشَل الأطفال من تحت الركام — دون أن تهتزّ في العواصم الغربية ضمائرٌ طالما ادّعت الدفاع عن القيم الإنسانية. لقد انهارت تلك “المبادئ الكونية” المزعومة عند أول امتحانٍ حقيقي، حين كان الضحايا فلسطينيين. أخلاقٌ على مقاس المصالح منذ اليوم الأول، ارتفع الصوت نفسه في العواصم الغربية: «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها». ومنذ ذلك الحين، تتابعت المجازر، وسقط عشرات الآلاف من المدنيين، ولا يزال الخطاب الرسمي يصف ما يحدث بأنه “ردّ مشروع”. لكن ماذا لو كان الأمر معكوسًا؟ ماذا لو ارتكبت دولةٌ أخرى ضد شعبٍ غربيٍّ واحدًا بالمئة مما يُرتكب اليوم في غزة؟ عندها كان العالم سيستنفر، وستُطلَق كلمة “إبادة” من كل منصة، وستتحرك العدالة الدولية بكل ثقلها. غير أن المشهد يختلف عندما تكون الضحية فلسطينية. هنا يصبح الصمت سياسة، والازدواجية قاعدة، والتواطؤ تبريرًا باسم “الأمن”. هذه الازدواجية ليست صدفة، بل نظامٌ أخلاقي متكامل يصنّف الأ...

مناورات “الشّرقي”: قراءة جيوسياسية وجيوستراتيجية لاستعراض عسكري فرنسي-مغربي على تخوم الجزائر

في وقت يشهد فيه المغرب العربي إعادة تشكّل توازناته الإقليمية نتيجة التحولات في منطقة الساحل والتنافسات الدولية، أثارت المناورات العسكرية المشتركة بين فرنسا والمغرب، المعروفة باسم «الشّرقي»، ردود فعل قوية في الجزائر. ورغم تقديمها رسمياً على أنها تدريبات لتعزيز القدرات العملياتية والتنسيق بين القوات، فإن موقعها وتوقيتها وتسميتها يحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية أعمق. تم تنفيذ هذه المناورات في المنطقة الشرقية للمغرب، قرب الحدود الجزائرية، وهي ترسل رسائل متعددة: سياسية إلى الجزائر، وجيوستراتيجية فيما يتعلق بإعادة التموضع الفرنسي في شمال إفريقيا، ورمز سياسي عن دور المغرب كشريك أمني غربي مفضل. يقدم هذا المقال قراءة جيوسياسية وجيوستراتيجية لمناورات الشّرقي، من خلال تحليل خلفياتها وأهدافها الضمنية وانعكاساتها الإقليمية. أولاً: الإطار الجيوسياسي – التوترات المستمرة وإعادة تشكيل التحالفات 1. المغرب العربي على حافة التوتر منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب في 2021، أصبحت الحدود البرية خط تماس دائم وهادئ الحدة لكنه شديد الحساسية. القضايا المتعلقة بالصحراء الغربية، واتهامات التجسس عبر...