التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اقتناء الجزائر للمقاتلة سوخوي Su-35: تحول استراتيجي في ميزان القوى بشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط

يمثل اقتناء الجزائر لمقاتلة التفوق الجوي سوخوي Su-35 نقطة تحول استراتيجية في توازن القوى العسكرية في شمال إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. يتيح هذا الخيار التكنولوجي للجيش الوطني الشعبي (ANP) تحسين قدراته الجوية بشكل كبير، في مواجهة القوات الجوية المجاورة المجهزة بطائرات غربية. هذه الطفرة في القوة قد تعيد تعريف موازين القوى الإقليمية وتؤثر على العقائد العسكرية للدول المجاورة.

1. سوخوي Su-35: مقاتلة تفوق جوي قوية

يعد Su-35 تطورًا عن Su-27، تم تطويره من قبل روسيا لمواجهة تحديات القتال الجوي الحديث. هذه المقاتلة من الجيل 4.5 مزودة بتقنيات متقدمة، من بينها:

قدرة فائقة على المناورة بفضل محركات الدفع الموجه AL-41F1S.
رادار قوي (Irbis-E) قادر على اكتشاف الأهداف على مدى يصل إلى 400 كلم.
أنظمة حرب إلكترونية متطورة مع بصمة رادارية منخفضة (RCS بين 1 و3 م²).
تشكيلة واسعة من الأسلحة: صواريخ جو-جو بعيدة المدى، صواريخ كروز، وقنابل موجهة.

بفضل هذه الميزات، يمكن لـ Su-35 مواجهة الطائرات الغربية من الجيل نفسه، مثل رافال الفرنسية، F-16V وF-15 الأمريكيتين.

2. لماذا اختارت الجزائر Su-35؟

تسعى الجزائر إلى تحديث قواتها الجوية، التي تعتمد تقليديًا على الطائرات الروسية مثل Su-30MKA وMiG-29. يوفر Su-35 تحسينات كبيرة في قدرات القتال، والمدى، والتنوع في المهام. من بين الأسباب التي دفعت الجزائر لهذا الاختيار:

التوافق مع الأسطول الحالي: تمتلك الجزائر بالفعل Su-30MKA وMiG-29، مما يسهل دمج Su-35.
التفوق التكنولوجي ضد الخصوم المحتملين: تمتلك مصر مقاتلات رافال، بينما يسعى المغرب لاقتناء F-35 بعد حصوله على F-16V.
الحفاظ على التفوق الجوي: تم تصميم Su-35 للسيطرة على المجال الجوي في البيئات المتنازع عليها ومواجهة التهديدات الحديثة.

3. تأثير Su-35 على ميزان القوى في شمال إفريقيا

وصول Su-35 إلى الترسانة الجزائرية يغير بشكل كبير التوازن الاستراتيجي في المنطقة:

🔹 مقابل المغرب: قام المغرب بتحديث قواته الجوية بـ F-16V ويسعى للحصول على F-35. بينما تحتفظ الجزائر بتفوق نوعي، خاصة في القتال الجوي القريب والتفوق الجوي بعيد المدى.

🔹 مقابل مصر: تمتلك القاهرة رافال، لكن الجزائر قد تتميز بتفوق التدريب والتكامل الأفضل للطائرات الروسية.

🔹 مقابل قوات الناتو: مع تصاعد التوترات في البحر المتوسط (بسبب الوجود الفرنسي والأمريكي)، يمكن أن تستخدم الجزائر Su-35 كرادع لأي اختراق جوي لمجالها الاستراتيجي.

4. العواقب الجيوسياسية في البحر المتوسط

اقتناء Su-35 لم يمر دون أن يلفت انتباه القوى الدولية:

1️⃣ توتر مع الغرب: تتابع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن كثب تسلح الجزائر، خاصة في إطار المنافسة مع المغرب، الحليف الرئيسي للناتو.

2️⃣ تعزيز الشراكة مع روسيا: توثق الجزائر علاقاتها العسكرية مع موسكو، مما قد يمهد لصفقات مستقبلية مثل Su-57 وS-500.

3️⃣ تأثير الدومينو الإقليمي: قد تسعى تونس وليبيا إلى تحديث قواتهما الجوية لموازنة التفوق الجزائري.

ختامًا

يمثل Su-35 مرحلة جديدة للقوات الجوية الجزائرية، مما يعزز مكانتها كواحدة من أقوى القوات الجوية في إفريقيا. هذا التحديث العسكري يعيد تشكيل توازن القوى في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، ويفرض تحديات استراتيجية جديدة على الدول المجاورة والقوى الغربية. يبقى المستقبل مرهونًا بمدى نجاح الجزائر في دمج هذه المقاتلات ضمن عقيدة عسكرية متماسكة، ومدى استجابة الدول الإقليمية لهذا التصعيد في القوة الجوية.

✍️ بلقاسم مرباح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب. لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع العلاقات القنصلية مع المغرب في أسرع وقت ممكن ، لأن الغالبية العظمى من الشعب المغربي يشتركون في نفس الأطروحات التوسعية مثل ن...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...

دعم فرنسي للخطة المغربية للحكم الذاتي للصحراء الغربية

 أعربت الجزائر، يوم الخميس، عن "استنكارها الشديد" للقرار الفرنسي الأخير بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. وقد وصف هذا الموقف بأنه "غير متوقع، وغير مناسب، وغير مجدي" من قبل وزارة الخارجية الجزائرية. وقد أكدت الحكومة الجزائرية بوضوح أنها ستستخلص جميع العواقب المترتبة عن هذا القرار، محملة الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة. وقد أثار الاعتراف الفرنسي بخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تُعتبر إضفاءً للشرعية على السيادة المتنازع عليها للمغرب على الصحراء الغربية، رد فعل حاد في الجزائر. ونددت وزارة الخارجية الجزائرية بهذا القرار باعتباره عملاً داعماً "لفعل استعماري"، يتعارض مع مبادئ إنهاء الاستعمار التي تدعمها المجتمع الدولي. ويعتبر هذا الموقف أكثر إثارة للجدل بالنظر إلى أنه صادر عن عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي من المفترض أن يحترم ويعزز الشرعية الدولية. وتعتبر الجزائر هذا القرار عائقاً أمام الحل السلمي لقضية الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن خطة الحكم الذاتي المغربية قد أدت إلى مأزق مستمر منذ أكثر من سبعة عشر عاماً. وأعربت الوزارة عن أ...