التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المخزن في مأزق أمام الصعود القوي لمحاربي الصحراء

 شهدت الأيام الأخيرة حالة من الارتباك داخل النظام المغربي، وذلك بعد العودة القوية للمنتخب الجزائري إلى الواجهة القارية. فبعد فترة قصيرة من الشكوك، استطاع "الخُضر" استعادة هيبتهم، ما أعاد الأمل لجماهيرهم وأثار القلق لدى القائمين على الكرة المغربية. هذه الطفرة الجزائرية لم تكن مجرد انتصار رياضي، بل جاءت لتكشف هشاشة المخططات المغربية التي كانت تهدف إلى احتكار تنظيم كأس أمم إفريقيا بأي ثمن.

معطيات جديدة تُربك المغرب

راهن المخزن على تنظيم كأس أمم إفريقيا في وقت كانت الظروف مواتية له، خصوصًا بعد الأداء التاريخي للمنتخب المغربي في كأس العالم 2022. ولكن منذ ذلك الحين، تغيرت المعادلة، وأصبح الفريق المغربي يحقق انتصارات صعبة وغير مقنعة أمام فرق متواضعة، ما أثار الشكوك حول قدرته على المنافسة على اللقب القاري.

وفي الوقت نفسه، تعاني البنية التحتية الرياضية في المغرب من تأخرات كبيرة، حيث لا تزال الملاعب محدودة العدد وتعاني من التقادم، وهو ما يضعف ملفه لتنظيم البطولة. وعلى النقيض، جاءت مباراة الجزائر في ملعب تيزي وزو لتبرز الوجه الحقيقي للاستعدادات الجزائرية: ملعب حديث، حضور جماهيري كثيف وأداء كروي راقٍ. هذه العوامل جعلت العالم ينبهر، وأثارت مخاوف المسؤولين في الرباط بشأن قدرتهم على استضافة البطولة بنفس المستوى الذي قدمته الجزائر.

فشل استراتيجي للمخزن

حينما نجح المغرب، بمساعدة رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، في إقصاء الجزائر من سباق تنظيم كأس أمم إفريقيا، كان يظن أنه قد ضمن السباق. آنذاك، كان المنتخب الجزائري يمر بفترة انتقالية بعد سلسلة انتصارات تاريخية بقيادة المدرب جمال بلماضي. ولكن ما لم يكن في حسبان المخزن هو أن الجزائر ستعود بقوة، وتعيد بناء فريقها الوطني، وتنجح في تجهيز ملاعبها على أعلى مستوى.

الآن، يجد المغرب نفسه في موقف لا يُحسد عليه، حيث لم يعد قادراً على الادعاء بأنه الخيار الأفضل لاستضافة البطولة. وما يزيد من قلقه هو إمكانية تتويج الجزائر باللقب في عقر داره، وهو سيناريو مرعب للنظام المغربي، خاصة وأن "الخضر" يواصلون التقدم بثبات نحو التأهل لكأس العالم 2026.

تداعيات سياسية تفوق الجانب الرياضي

لم تقتصر الضربة التي تلقاها المخزن على الجانب الرياضي فحسب، بل امتدت إلى البعد السياسي أيضاً. أحد أكبر خسائر الرباط يتمثل في فشلها في الترويج لحركة "الماك" الانفصالية، حيث جاءت مباراة تيزي وزو لتدحض جميع مزاعمها حول الوضع في منطقة القبائل. أكثر من 50 ألف مشجع جزائري، جاؤوا من مختلف أنحاء البلاد، عاشوا أجواءً رائعة وسط سكان تيزي وزو، الذين قدموا لهم مائدة إفطار جماعية، في مشهد أثار إعجاب حتى المغاربة الذين بدأوا يدركون أن إعلامهم الرسمي يضللهم بشأن الجزائر.

هذا الحدث كشف بشكل واضح عن التلاعب الذي يمارسه النظام المغربي في الداخل، حيث يُبقي شعبه في عزلة إعلامية، وسط واحدة من أعلى نسب الأمية في العالم. ومع تزايد الوعي بين الشباب المغربي، يصبح من الصعب على المخزن الاستمرار في الترويج لأكاذيبه بشأن الجزائر.

المخزن أمام تحدٍ صعب

الآن، يشعر النظام المغربي بالضغط المتزايد. فالمنتخب الجزائري يحقق انتصارات متتالية، والبنية التحتية الرياضية في الجزائر تتفوق، والجماهير الجزائرية تقدم درسًا في الوحدة الوطنية والتماسك. في المقابل، يحاول الإعلام المغربي تأجيج الأجواء وإثارة الفتن بين الجماهير، أملًا في خلق أجواء غير مستقرة قد تعيق نجاح الجزائر في الفوز باللقب القاري.

ولكن المعطيات على الأرض تُشير إلى أن "الخضر" يسيرون بثبات نحو تحقيق إنجاز كبير، وإذا تحقق السيناريو الكابوسي بالنسبة للمخزن، وفازت الجزائر بالكأس في قلب الرباط، فستكون تلك أكبر ضربة يتلقاها النظام المغربي في تاريخه الحديث.

المغرب يجد نفسه الآن في مفترق طرق: بين منتخب يفقد بريقه، وتنظيم بطولة قارية يبدو أكبر من قدراته، وجمهور بدأ يدرك الحقيقة بعيدًا عن البروباغندا الرسمية. وفي هذه الأثناء، تواصل الجزائر تقدمها بثبات، ليس فقط في عالم كرة القدم، بل على المستوى الإقليمي أيضًا، وهو ما يجعل المخزن في موقف لا يُحسد عليه.



✍️ بلقاسم مرباح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...