تصعيد القوة الجوية بخطة مدروسة
بدأت المفاوضات حول هذه الصفقة الكبرى منذ عام 2019 خلال معرض الطيران MAKS في موسكو. وقادت الوفد الجزائري آنذاك اللواء بومعيزة، قائد القوات الجوية، الذي قام بتقييم أداء Su-57 عن كثب عبر المحاكاة. وبصفته طيارًا سابقًا لمقاتلات MiG-29، كان لخبرته دور حاسم في اختيار هذه الطائرة من الجيل الخامس.
مع هذه الصفقة، تنضم الجزائر إلى مجموعة حصرية من الدول التي تمتلك أسطولًا جويًا متطورًا ومتعدد المهام. وبحلول منتصف عام 2026، ستتمكن القوات الجوية الجزائرية من تشغيل:
- سرب من مقاتلات Su-57، طائرة شبحية من الجيل الخامس
- سرب من مقاتلات Su-35، مقاتلة تفوق جوي متطورة
- سربين من مقاتلات Su-30MKA، قيد الخدمة بالفعل
- سرب من مقاتلات MiG-29M2
- سربين من قاذفات Su-24 المطورة وسرب من قاذفات Su-34 للمهام الهجومية
- طائرات Yak-130 لتدريب الطيارين
قرار يعكس تطورات المشهد الإقليمي
لطالما درست الجزائر خيارات متعددة، بما في ذلك تحديث أسطولها من Su-30MKA أو تغيير شريكها في التسلح. لكن التطورات الإقليمية الأخيرة سرعت من اتخاذ القرار، ومن بين العوامل الرئيسية:
- تعزيز سلاح الجو المغربي عبر شراء 25 مقاتلة F-16 Viper
- إدخال مقاتلات F-35 إلى الخدمة في سلاح الجو الإيطالي، مما زاد الضغط العسكري في المنطقة
- النجاح العملياتي لقاذفة Su-34 في سوريا، الذي أثبت كفاءتها وجعلها خيارًا مفضلًا للجزائر
كما رفضت الجزائر النسخة التصديرية Su-32، مفضلةً طرازًا أكثر تقدمًا يعتمد على الخبرة القتالية الميدانية.
Su-57: مقاتلة متطورة بتكنولوجيا حديثة
تم تطوير Su-57 من قبل شركة سوخوي لمنافسة الطائرات الحربية الغربية مثل F-35 الأمريكية وJ-20 الصينية، وهي تتميز بعدة تقنيات متقدمة:
- الشبحية والحرب الإلكترونية لتقليل بصمتها الرادارية
- قدرات المناورة الفائقة والطيران بسرعة تفوق الصوت دون الحاجة إلى الحارق اللاحق
- حمولة قتالية كبيرة تشمل صواريخ جو-جو وجو-أرض، مثل صاروخ Kh-69
- القدرة على العمل في بيئة قتالية شبكية، مع إمكانية التكامل مع الدرون القتالي S-70 Okhotnik-B
ورغم أن روسيا استخدمت بعض مقاتلات Su-57 في العمليات العسكرية بأوكرانيا، إلا أنها تجنبت إدخالها في الأجواء المعادية بشكل مباشر لحماية سمعة الطائرة وتقليل المخاطر التقنية والتسويقية.
إعلان رسمي بعد سنوات من التكهنات
على مدى سنوات، تداولت التقارير الإعلامية أخبارًا عن صفقة Su-57 الجزائرية. وفي نوفمبر 2024، صرّح ألكسندر ميكييف، مدير شركة Rosoboronexport الروسية، بأن هناك عقدًا أوليًا تم توقيعه مع "عميل غامض". وازدادت هذه التكهنات قوة في يناير 2025، عندما كشف قناة Telegram Russian Arms أن وفدًا روسيًا رفيع المستوى زار الجزائر لإتمام الصفقة.
وأخيرًا، في 11 فبراير 2025، أكدت التلفزيون الجزائري الرسمي توقيع العقد، مشيرة إلى أن الطيارين الجزائريين يخضعون حاليًا لتدريب في روسيا على قيادة هذه المقاتلات الحديثة. ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم الأولى خلال هذا العام، رغم عدم تحديد العدد النهائي للطائرات التي سيتم استلامها.
تعزيز التفوق الجوي في ظل توترات إقليمية
تمثل هذه الصفقة خطوة مهمة في تحديث القوات الجوية الجزائرية، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع المغرب. فبينما يفضل المغرب تحديث أسطوله الحالي من F-16 وMirage F1، قررت الجزائر الاستثمار في جيل جديد من الطائرات الشبحية، مما يمنحها تفوقًا تكنولوجيًا واضحًا في المنطقة.
من خلال اقتناء Su-57، تؤكد الجزائر سياستها الدفاعية المتقدمة وسعيها للحفاظ على التفوق الجوي طويل الأمد، مما يرسخ مكانتها كواحدة من أقوى القوى العسكرية في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط.
بــلقـــاســم مــربــاح
تعليقات
إرسال تعليق