تواصل الجزائر تعزيز قدراتها العسكرية من خلال تنويع مصادر تسليحها وتطوير قواتها البحرية. وقد أفادت تقارير بأن وزارة الدفاع الجزائرية قد طلبت ست كورفيتات من طراز Type 056 من الصين. وبعد تسليم السفينة الأولى، التي أُطلق عليها اسم "المتصدّي"، في عام 2023، أبدت البحرية الجزائرية رضاها عن الأداء، ما دفعها إلى التخطيط لإنتاج هذه السفن محليًا بترخيص صيني. إذا تحقق هذا المشروع، فسيكون بمثابة قفزة نوعية في مجال التصنيع العسكري الجزائري، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الردع البحري للبلاد.
كورفيتات Type 056: إضافة نوعية للأسطول الجزائري
تم تطوير كورفيتات Type 056 من قبل شركة Hudong-Zhonghua Shipbuilding Group، وهي واحدة من أكبر الشركات الصينية المتخصصة في صناعة السفن الحربية. وتعد هذه السفن، التي يبلغ وزنها حوالي 1,500 طن، من بين أحدث القطع البحرية العسكرية في أفريقيا والعالم العربي.
قدرات قتالية متطورة
تم تصميم هذه السفن لمهام الدفاع الساحلي، والحرب المضادة للغواصات، والعمليات القتالية غير المتكافئة. وهي مزوّدة بترسانة تسليحية قوية تشمل:
- 12 خلية إطلاق عمودية (VLS) تحتوي على:
- 4 صواريخ كروز مضادة للسفن من طراز YJ-83، بمدى يصل إلى 180 كم.
- 8 صواريخ دفاع جوي قصيرة المدى من طراز HHQ-10، لحماية السفينة من الهجمات الجوية.
- أنابيب طوربيد ثلاثية 324 ملم، مخصصة لمكافحة الغواصات.
توفر هذه الأنظمة قدرات دفاعية وهجومية عالية، مما يجعل كورفيتات Type 056 إضافة قوية للأسطول الجزائري.
تكامل مع القطع البحرية الروسية والصينية في الخدمة
إلى جانب كورفيتات Type 056، تعتمد البحرية الجزائرية على مجموعة من السفن الحربية المتطورة، من بينها:
- كورفيتات Steregushchiy الروسية (مشروع 20380)، بوزن 2,200 طن، والمزودة بصواريخ كاليبر وزيركون بعيدة المدى.
- كورفيتات Classe C28A الصينية، التي يبلغ وزنها 3,000 طن، والمسلحة بصواريخ C-802 المضادة للسفن وأنظمة دفاع جوي حديثة.
يُظهر هذا التنوع في التسليح استراتيجية الجزائر لتحديث أسطولها البحري بالاعتماد على التكنولوجيا الروسية والصينية، مما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة.
تنامي الشراكة العسكرية بين الجزائر والصين
تشهد العلاقات العسكرية الجزائرية الصينية تطورًا متزايدًا، حيث أصبحت الصين واحدة من أهم موردي الأسلحة للجزائر. ومن بين أبرز المعدات التي حصلت عليها الجزائر من بكين:
- صواريخ كروز YJ-12B وCX-1 المضادة للسفن
- طائرات مسيّرة CH-4 وWJ-700
- أنظمة مدفعية صاروخية WM-80 ومدافع ذاتية الدفع PLZ-45
- صواريخ مضادة للدبابات HJ-12
- أنظمة حرب إلكترونية CHL-906
- أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى HQ-9B (بحسب بعض التقارير)
وفي أغسطس 2023، ترددت تقارير تفيد بأن الجزائر تفكر في شراء دبابات VT-4 الصينية، والتي تتميز بأنظمة حماية نشطة وتقنيات متقدمة، ما سيشكل نقلة نوعية في أسطول الدبابات الجزائري.
هل تسعى الجزائر للحصول على مدمرات بحرية؟
ظهرت مؤشرات على أن الجزائر تدرس إمكانية شراء مدمرات Type 052D الصينية، والتي يبلغ وزنها 7,500 طن، وتتميز بأنظمة دفاع جوي متقدمة ورادار مماثل لنظام Aegis الأمريكي. إذا تمت هذه الصفقة، فستمنح البحرية الجزائرية قدرة إسقاط القوة على نطاق واسع في البحر الأبيض المتوسط.
السياق الجيوسياسي: تعزيز القوة العسكرية لمواجهة التحديات الإقليمية
منذ التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا عام 2011، كثّفت الجزائر جهودها لتعزيز قواتها المسلحة، خوفًا من سيناريو مماثل يستهدفها. وتعتبر الجزائر أن تصاعد التدخلات الغربية والتركية في المنطقة يشكل تهديدًا لاستقرارها.
وفي ديسمبر 2023، سيطرت جماعات مدعومة من الغرب وإسرائيل على العاصمة السورية دمشق، وهو ما أثار مخاوف الجزائر من احتمال تصاعد محاولات زعزعة استقرارها، خاصة وأنها آخر جمهورية عربية كبيرة خارج النفوذ الغربي.
تحالفات استراتيجية جديدة مع الصين وBRICS
كجزء من سياستها لتعزيز العلاقات مع القوى الصاعدة، اتخذت الجزائر خطوات مهمة في تعزيز شراكتها مع الصين:
- في مايو 2023، تقدمت بطلب للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، وهي تكتل عسكري بقيادة الصين وروسيا.
- في سبتمبر 2023، انضمت إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة BRICS، مما يعزز علاقاتها الاقتصادية مع الدول الناشئة.
هذه التحركات تؤكد أن الجزائر تسعى إلى تنويع تحالفاتها الاستراتيجية بعيدًا عن النفوذ الغربي، معتمدة على الصين وروسيا كشركاء رئيسيين.
ختامًا: بحرية جزائرية أقوى من أي وقت مضى
يعد حصول الجزائر على كورفيتات Type 056، إلى جانب خطط إنتاجها محليًا، خطوة مهمة في تحديث أسطولها البحري. ومع استمرارها في اقتناء معدات عسكرية متطورة من الصين وروسيا، أصبحت البحرية الجزائرية واحدة من أقوى القوات البحرية في إفريقيا والعالم العربي.
وإذا مضت الجزائر قدمًا في شراء مدمرات Type 052D، فقد يكون ذلك بمثابة تحول استراتيجي كبير في ميزان القوى البحرية في المنطقة.
بفضل هذا التوجه، تبدو الجزائر مصممة على تعزيز سيادتها العسكرية وحماية مصالحها الوطنية في مواجهة التحديات الإقليمية المتزايدة.
بلقاسم مرباح
تعليقات
إرسال تعليق