ألقى الرئيس عبد المجيد تبون خطابًا وصف بـ"التاريخي" أمام غرفتي البرلمان يوم 29 ديسمبر. حمل الخطاب رسائل متعددة المستويات: داخليًا، بتحديد خريطة طريق لولاية ثانية؛ وخارجيًا، برسائل مباشرة إلى الأعداء الثلاثة للجزائر: فرنسا، المغرب، وإسرائيل. تمحور الخطاب حول رؤية استراتيجية للسنوات القادمة، مع التركيز على التنمية الاقتصادية، الاستقرار السياسي، والدفاع عن السيادة الوطنية.
1. خريطة طريق لولاية ثانية: التنمية كأولوية
- الاكتفاء الذاتي والتصدير:
- تحقيق فائض قدره 12,000 ميغاواط من الكهرباء، ما يعزز قدرة الجزائر على التصدير لدول الجوار.
- التحول من استيراد الإسمنت إلى تصديره، مما يعكس طفرة في الصناعة الوطنية.
- السكن ككرامة للمواطن:أكد تبون أنه لن يسمح بوجود الأحياء القصديرية، مؤكدًا أن توفير السكن حق أساسي يمثل كرامة المواطن الجزائري.
2. تعزيز الحوار والإصلاح السياسي
تبنى الرئيس تبون نهجًا يقوم على فتح أبواب الحوار السياسي كوسيلة لتحقيق الاستقرار.
- مراجعة قوانين الجماعات المحلية:أكد الرئيس أن الإصلاحات المرتقبة ستركز على تمكين الإدارة المحلية وتعزيز دور البلديات في تحسين الخدمات العامة.
- حوار هادئ وبعيد عن المزايدات:أوضح تبون أن الحوار السياسي في الجزائر لن يكون ساحة للمزايدات، بل منصة لتعزيز الديمقراطية وتحقيق الإصلاحات الضرورية.
3. مواصلة الحرب على الفساد: ركيزة للنهضة
جدد الرئيس تبون التزامه بمكافحة الفساد، معتبرًا أن اجتثاث هذه الظاهرة شرط أساسي لاستعادة ثقة المواطنين في الدولة.
- الفساد كعائق للتنمية:أوضح الرئيس أن الممارسات المافيوية التي ترسخت لعقود قد ألحقت ضررًا كبيرًا بالجزائر، ما أدى إلى تآكل ثقة الشعب في المؤسسات السياسية.
- إعادة بناء الثقة:أكد تبون أن الحرب ضد الفساد ليست مجرد شعار، بل استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى خلق بيئة نظيفة للاستثمار والتنمية.
4. رسائل صريحة للأعداء الخارجيين: سيادة الجزائر خط أحمر
أ. فرنسا: مواجهة الماضي الاستعماري
في لهجة صارمة، أعاد الرئيس تبون فتح ملف الجرائم الاستعمارية، مؤكدًا أن الجزائر لن تتنازل عن حقها في الاعتراف الرسمي بفظائع الاستعمار.
- المجازر النووية ومجازر مايو 1945:دعا فرنسا إلى تنظيف مواقع التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، مشيرًا إلى أن هذه التجارب تركت آثارًا مدمرة على البيئة والسكان.
- الإبادة الجماعية:أشار الرئيس إلى تقليص عدد سكان الجزائر من أربعة ملايين إلى تسعة ملايين فقط خلال الاستعمار، واصفًا ذلك بالإبادة الجماعية.
ب. المغرب وإسرائيل: التصدي للمخططات العدائية
وجه الرئيس تبون رسائل مباشرة للمغرب وإسرائيل، محذرًا من محاولات زعزعة استقرار الجزائر.
- التلاحم الوطني كحصن دفاعي:شدد الرئيس على أهمية تماسك الجبهة الداخلية كعنصر أساسي في التصدي للمؤامرات الخارجية.
- التعاون العسكري والمؤسسي:أشار تبون إلى أن الانسجام بين الجيش والمؤسسات المدنية يمثل صمام أمان للجزائر، مؤكدًا أن هذا التعاون يقلق الأطراف التي تسعى لاختراق الجزائر.
5. قضية بوعلام صنصال: حماية أمن الدولة
تناول الرئيس قضية الكاتب بوعلام صنصال، المتهم بتهديد أمن الدولة. واصفًا إياه بـ"المحتال"، أكد تبون أن الجزائر لن تتسامح مع أي تهديد داخلي أو خارجي يمس بوحدتها وسيادتها.
6. الشهداء كرمز للوطنية والصمود
اختتم الرئيس خطابه باستحضار أسماء شهداء الثورة الجزائرية، مؤكدًا أن دماءهم الطاهرة هي مصدر إلهام وقوة للشعب الجزائري.
- تكريم الشهداء:أسماء مثل مصطفى بن بولعيد، العقيد عميروش، وديدوش مراد كانت حاضرة في الخطاب، ما يعكس ارتباط القيادة الجزائرية بقيم التضحية والوطنية.
- رسالة للأعداء:أكد تبون أن الجزائريين لا يمزحون عندما يتعلق الأمر بوطنهم، وأن التضحيات التي قدمها الشهداء تجعل الجزائر عصية على أي محاولة للمساس بسيادتها.
الخاتمة: الجزائر في طريق النهضة
جاء خطاب الرئيس تبون ليؤكد أن الجزائر تسير بثبات نحو مستقبل واعد، مستندة إلى رؤية استراتيجية تتكامل فيها التنمية الاقتصادية، الإصلاح السياسي، والتصدي للتهديدات الخارجية. بإرادة سياسية قوية وقيادة مصممة، تواصل الجزائر تأكيد مكانتها كدولة ذات سيادة عصية على التهديدات.
بلقاسم مرباح
تعليقات
إرسال تعليق