التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحليل خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية: الشرعية الدولية، إدارة الموارد وآفاق الديمقراطية

 تعتمد خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، التي قُدِّمت في عام 2007، على فرضية قانونية مثيرة للجدل، وهي أن المغرب يتمتع بالسيادة على هذا الإقليم. ومع ذلك، تُعتبر الصحراء الغربية وفقًا للأمم المتحدة إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1963، ولا يُعترف للمغرب بوضعه كسلطة إدارية بموجب القانون الدولي. في غياب هذه السيادة، فإن أي مبادرة تُقدَّم ضمن الإطار الدستوري المغربي تفتقر إلى الأساس القانوني. هذا التعارض الأساسي يضعف مصداقية الخطة ويثير تساؤلات جوهرية حول مشروعيتها.


1. خطة الحكم الذاتي والشرعية الدولية

1.1. الصحراء الغربية: إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي

تم إدراج الصحراء الغربية ضمن قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي للأمم المتحدة منذ عام 1963. وتنص المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة على أن شعوب هذه الأقاليم تمتلك حقًا غير قابل للتصرف في تقرير المصير، والذي يشمل الخيارات التالية: الاستقلال، الاندماج مع دولة أخرى، أو الحكم الذاتي في إطار الاستقلال.

1.2. حدود الخطة المغربية

تفرض الخطة المغربية سيادة المغرب كنقطة انطلاق لأي مفاوضات، وهو ما يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، لا سيما القرار 1514 (د-15) بشأن إنهاء الاستعمار، والذي يتطلب عملية تقرير مصير حرة وشفافة تشمل جميع الخيارات. غياب خيار الاستقلال في الخطة يجعلها تتناقض مع المعايير الدولية ويقلل من مصداقيتها كحل دائم.

2. إدارة الموارد الطبيعية: استغلال مثير للجدل

2.1. ثروات استراتيجية

تتمتع الصحراء الغربية بثروات طبيعية هامة، تشمل الفوسفات، الثروة السمكية، وربما احتياطيات نفطية وغازية. تُشكّل هذه الموارد محور النزاع، حيث تمثل مصدر دخل حيوي للسكان المحليين من جهة، وللاقتصاد المغربي من جهة أخرى.

2.2. استغلال غير متوافق مع القانون الدولي

تُخصص الخطة المغربية جزءًا من عائدات الموارد الطبيعية لتطوير الإقليم، لكنها تحتفظ بسيطرة مركزية للدولة المغربية على استغلال هذه الموارد. هذا النهج يتناقض مع مبادئ القانون الدولي التي تنص على أن إدارة موارد الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي يجب أن تتم لصالح سكانها الأصليين وبموافقتهم الصريحة.

2.3. موقف المجتمع الدولي

أصدرت محكمة العدل الأوروبية في 2016 و2018 أحكامًا تُبطل الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب التي تشمل موارد الصحراء الغربية. استندت الأحكام إلى عدم وجود موافقة واضحة من الشعب الصحراوي. الخطة المغربية لا تقدم أي ضمانات لالتزامها بمبدأ الموافقة، مما يُفاقم من المشروعية المفقودة.


3. آفاق الديمقراطية: غياب المصداقية

3.1. السياق الديمقراطي في المغرب

على الرغم من تقديم المغرب نفسه كملكية دستورية، إلا أن النظام السياسي لا يزال يركز السلطة في يد الملك، الذي يحتفظ بسلطات واسعة تشمل الدفاع والدبلوماسية والشؤون الدينية. تُعد المؤسسات البرلمانية والقضائية ضعيفة الاستقلالية، وتُواجه الحريات الأساسية مثل حرية التعبير والتجمع قيودًا كبيرة.

3.2. وعود ديمقراطية غير واقعية في الخطة

تنص خطة الحكم الذاتي على إنشاء مؤسسات إقليمية منتخبة لإدارة شؤون الإقليم، مثل برلمان إقليمي وحكومة محلية. ومع ذلك، تبقى هذه المؤسسات خاضعة لإشراف صارم من الدولة المغربية، حيث يُعيّن الملك رئيس الحكومة الإقليمية (المادة 20 من الخطة)، وتخضع القوانين الإقليمية للدستور المغربي (المادة 24). في ظل هذه القيود، تبدو الوعود الديمقراطية في الخطة غير قابلة للتنفيذ.

3.3. مسألة التمثيل الصحراوي

تفشل الخطة في توضيح كيفية إشراك اللاجئين الصحراويين، خاصة أولئك الموجودين في مخيمات تندوف بالجزائر، في العملية الديمقراطية الإقليمية. غياب هؤلاء السكان عن العملية السياسية يقوّض شرعية أي ترتيبات إقليمية مستقبلية.

4. تحديات الثقة الدولية

4.1. مبادرة أحادية الجانب

رغم تقديم المغرب للخطة على أنها حل توافقي، إلا أنها تُعتبر من قبل جبهة البوليساريو والعديد من الدول مبادرة أحادية تهدف إلى تكريس الأمر الواقع. إن عدم وجود آليات رقابة مستقلة، مثل الإشراف الأممي، يُضعف الثقة في تنفيذ الخطة.

4.2. البدائل الممكنة

لحل النزاع بشكل دائم، هناك حاجة إلى:

  • إجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة يشمل جميع الخيارات، بما في ذلك الاستقلال.
  • إدارة شفافة وعادلة للموارد الطبيعية، مع ضمان استفادة الشعب الصحراوي بشكل مباشر.
  • ضمانات حقيقية للحكم الذاتي الديمقراطي، مع رقابة دولية لمنع أي انتهاكات.

الخاتمة

تعاني خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية من أوجه قصور كبيرة على المستويات القانونية، الاقتصادية والسياسية. من خلال افتراض السيادة المغربية على الإقليم، تتعارض الخطة مع مبادئ القانون الدولي وحق تقرير المصير. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوعود المتعلقة بالحكم الذاتي الديمقراطي وإدارة الموارد تفتقر إلى المصداقية في ظل القيود المفروضة على الديمقراطية في المغرب. يتطلب حل النزاع نهجًا شاملًا يحترم حقوق الشعب الصحراوي ويضمن عملية شفافة وعادلة تحت إشراف دولي.



بلقاسم مرباح


الحكم الذاتي في الصحراء الغربية

https://www.europarl.europa.eu/meetdocs/2009_2014/documents/dmag/dv/dmag20101130_06-/dmag20101130_06-fr.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

  سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب.  لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ لماذا لا تفرض الدولة الجزائرية تأشيرة دخول على هذا البلد العدو لمراقبة التدفقات السكانية بشكل أفضل بين الجزائر والمغرب؟ نعتقد أن الجزائر يجب أ...

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

ما هي المشاكل بين الجزائر والمغرب ؟ لماذا لن يتم استعادة العلاقات مع المغرب ؟ ولماذا لا تقبل الجزائر أي وساطة مع المغرب ؟

في 24 أغسطس 2021، اتخذت الجزائر قرارًا تاريخيًا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، الذي واصل القيام بأعمال عدائية وغير ودية وخبيثة ضد بلدنا منذ استقلال الجزائر. في هذا المقال لن نتطرق للخيانات المغربية العديدة والممتدة عبر الازمنة و كذلك التي طالت الجزائر قبل الاستقلال (-اختطاف طائرة جبهة التحرير الوطني - خيانة الأمير عبد القادر - قصف مآوي المجاهدين الجزائريين من قاعدة مراكش الجوية - مشاركة المغاربة في مجازر سطيف، قالمة وخراطة عام 1945. الخ)، لأن الموضوع يستحق عدة مقالات ولأن الأفعال الكيدية عديدة، ولا يتسع المجال لذكرها، ومنذ وصول السلالة العلوية عام 1666 في سلطنة مراكش وفاس وهو الاسم الحقيقي للمملكة، قبل أن يقرر الحسن الثاني تغيير اسمها الرسمي بالاستيلاء دون وجه حق، عام1957(بينما كانت الجزائر تحارب الاستدمار الفرنسي) على اسم منطقة شمال إفريقيا: "المغرب" والذي يشمل كل من تونس و ليبيا والجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية وسلطنة فاس ومراكش. 1ــ بماذا تتهم الجزائر المغرب؟ للإجابة على هذا السؤال ودون الخوض فى الخيانات المغربية العديدة قبل استقلال الجزائر، فإن الوثيقة الأكثر ا...