التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طائفة العكاكزة: الطقوس والتوسع في المغرب

طائفة العكاكزة، التي عُرفت أيضًا باليوسفيين، هي إحدى الطوائف الصوفية التي نشأت في المغرب خلال القرن السادس عشر واستمرت حتى القرن العشرين. لقد لعبت هذه الطائفة دورًا مهمًا في الحياة الدينية والاجتماعية للمجتمع المغربي، ورغم ذلك، لم تحظَ بدراسة كافية من قبل الباحثين. في هذا المقال، سنستعرض بتفصيل أكبر الطقوس التي كانت تمارسها طائفة العكاكزة وتوسعها في المغرب.


الطقوس والممارسات

الطقوس الجماعية

كان من أبرز سمات طائفة العكاكزة ممارستهم لطقوس جماعية فريدة. تضمنت هذه الطقوس جلسات ذكر جماعية وصلاة خاصة، حيث كان الأتباع يجتمعون في الزوايا لأداء هذه الطقوس بشكل جماعي. كانت هذه الجلسات تتسم بالحماس الروحي والإنشاد الديني، مما يعزز من شعور الألفة والانتماء بين الأعضاء.

ممارسات جنسية مثيرة للجدل

تشتهر طائفة العكاكزة بممارسات جنسية كانت تُعتبر غير تقليدية ومثيرة للجدل. من بين هذه الممارسات، كانت هناك تقارير عن ممارسة الجنس الجماعي وزواج الكبيرة من الرضيع. ورغم أن بعض الباحثين يشككون في مصداقية هذه التقارير، إلا أنها كانت جزءًا من الصورة النمطية التي رُسمت عن الطائفة.

الاحتفاء بالعكاز

كان العكاز رمزًا مميزًا لطائفة العكاكزة، إذ ارتبط بشكل وثيق بالشيخ أحمد بن يوسف الراشدي، مؤسس الطائفة. كان الأتباع يحملون العكاز في طقوسهم الدينية كرمز للصمود والقوة الروحية. وقد أعطى هذا الرمز الطائفة اسمها الشائع "العكاكزة".

الأعياد والمناسبات الدينية

احتفلت طائفة العكاكزة بالعديد من الأعياد والمناسبات الدينية التي كانت تتزامن مع الأعياد الإسلامية الكبرى مثل عيد الفطر وعيد الأضحى. بالإضافة إلى ذلك، كان لديهم أعياد خاصة بطائفتهم، حيث يقومون خلالها بزيارة الأضرحة وإقامة الولائم وتوزيع الطعام على الفقراء.


التوسع في المغرب

الانتشار الجغرافي

انتشرت طائفة العكاكزة على مساحة جغرافية واسعة من المغرب، خاصة في المناطق الجبلية والريفية. كانت الزوايا، وهي أماكن العبادة والتجمع الرئيسية للطائفة، منتشرة في هذه المناطق، مما ساعد في توطيد تأثير الطائفة على مستوى محلي واسع. قدرت بعض المصادر أن عدد أتباع الطائفة في أوائل القرن العشرين بلغ حوالي 50 ألفًا.

العلاقة مع السلطة

خاضت طائفة العكاكزة معارك ضارية مع السلطان المولى إسماعيل الذي حاول كسر شوكتها وتقويض نفوذها. رغم ذلك، تمكنت الطائفة من الاستمرار والبقاء بسبب التأييد الكبير الذي حظيت به من قبل القبائل المحلية. كان للصراعات بين الطائفة والسلطة تأثير كبير على التحولات التي شهدتها الطائفة على مر الزمن.

العلاقات مع القبائل

أقامت طائفة العكاكزة علاقات قوية مع العديد من القبائل في المغرب. هذه العلاقات لم تكن فقط على أساس ديني، بل شملت أيضًا جوانب اجتماعية واقتصادية. كانت الزوايا التابعة للطائفة تقدم خدمات متعددة مثل التعليم والرعاية الصحية وتوزيع الزكاة، مما جعلها مركزًا مهمًا في حياة القبائل.

التأثير الفكري والثقافي

تأثرت طائفة العكاكزة بالعديد من الأفكار الصوفية التي كانت منتشرة في المغرب خلال الفترة التي نشأت فيها. رغم ذلك، طورت الطائفة نظامًا فكريًا خاصًا بها تميز ببعض المعتقدات والممارسات الفريدة. كان لهذا النظام الفكري تأثير كبير على الثقافة المحلية، حيث انعكست أفكار الطائفة في الأدب والفن والموسيقى المحلية.

خاتمة

كانت طائفة العكاكزة واحدة من الطوائف الصوفية الأكثر تأثيرًا في تاريخ المغرب، ورغم ذلك، بقيت دراستها غير كافية. من خلال استعراض طقوسها وممارساتها وتوسعها الجغرافي، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل الدور الذي لعبته هذه الطائفة في الحياة الدينية والاجتماعية للمجتمع المغربي. تستحق طائفة العكاكزة دراسة أعمق لفهم تأثيرها الكامل وأبعادها الفكرية والثقافية.

المراجع

  1. نجمي، عبد الله. "التصوف والبدعة بالمغرب، طائفة العكاكزة ق16-17". رسالة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ، 1999.
  2. محمد، حسن. "تاريخ الزوايا الصوفية في المغرب". دار الكتب العلمية، 2010.
  3. موليراس، أوجيست. "المغرب المجهول". دار النشر المغربية، 1906.
  4. الغربي، عبد الرحمن. "الطرق الصوفية في المغرب الأقصى". دار الفكر، 2005.
  5. صالح، أحمد. "الصوفية في المغرب: دراسة تاريخية". جامعة القرويين، 1980.
  6. علي، يوسف. "المجتمع المغربي والتحولات الفكرية". جامعة محمد الخامس، 1995.
  7. حسن، عبد العزيز. "المقدس والمدنس في التصوف الإسلامي". دار الجيل، 1988.
  8. فاطمة، الزهراء. "التحولات الفكرية والعقائدية في المغرب". دار النهضة العربية، 2015.
بلڨاسم مرباح



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...