التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجزائر – نواكشوط : آفاق واعدة

 تعرف العلاقات الجزائرية الموريتانية، زخما شبيها بذلك الذي عرفته في أواخر الستينيات وفترات من السبعينيات من القرن الماضي.


وإلى جانب المبادلات السياسية رفيعة المستوى، تشهد العلاقات الاقتصادية نموا مطردا، إذ انتقل ترتيب الجزائر من المرتبة 19 على قائمة شركاء نواكشوط إلى مراتب متقدمة، فقفزت المبادلات التجارية بين البلدين حسب إحصائيات رسمية من 24 مليون دولارا في 2019 إلى 180 مليون دولار أمريكي خلال الـ10 أشهر الأخيرة من سنة 2022، وهي مرشّحة للزيادة في المستقبل في أفق فتح طريق بري معبّد، وبعث الخط البحري، مع فتح فرع بنكي جزائري للتصدير ومعرض تجاري دائم، ثم إنشاء منطقة للتبادل الحر سيتم تدشينها في قادم الأيام.


ورغم نمو المبادلات البينية، فهي لا ترقى لطموحات الشعبين ولا لحجم العلاقات السياسية بين البلدين، وفق ما صرح به المسؤولون الجزائريون خلال لقاءاتهم بنظرائهم في موريتانيا في الأشهر الماضية.


وتراهن الجزائر على انفتاح أكبر في علاقتها مع موريتانيا التي تبحث بدورها على تنويع شركائها الاقتصاديين وعدم البقاء في تبعية لأسواق مهيمنة ترهن خياراتها في ضمان أمنها الغذائي واستقلالها السياسي.

وتعتمد الجزائر في الفترة الأخيرة على مقاربة جديدة في علاقتها مع دول الجوار، تقوم على تقاسم جزء من ثرواتها مع هذه الدول، وهو شيء غفلت عنه في عقود سابقة بسبب انشغالها بأزماتها الداخلية ووجود نخبة في القرار اختارت التوجّه نحو الضفة الشمالية أو أقصى شرق آسيا.


وفيما تعمل موريتانيا على البحث عن خيارات مستقلّة أكثر في اختيار مورديها، ستجد في الجزائر مسهّلا لتحقيق أهدافها وخياراتها، بعيدا عن فكر الوصاية والهيمنة أو منطق المحاور والتحالفات المؤقتة.


كان التعاون بين البلدين بلغ أوج ازدهاره في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حسب مختصين. ففي 1966 تم التوقيع على بروتوكول اتفاق فتح مجالات التعاون بين البلدين على مصراعيه وعمل مختلف القطاعات الثقافية الصحية، البريدية، وتحال الطيران والأمن والتجارة الخارجية الجزائرية نحو الدول الإفريقية عبر المعابر الحدودية.


وفي بداية السبعينيات توسّع التعاون بين البلدين وتدعّم بميلاد اللجنة المختلطة الجزائرية الموريتانية، وبتوقيع المزيد من الاتفاقيات في الميادين العلمية والتقنية والثقافية والاقتصادية، واستقبلت الجزائر بموجبها 200 طالب موريتاني، بينما استضافت موريتانيا إطارات جزائريين لتقديم الدعم التقني في حالات التعليم، الإدارة والتخطيط، كما موّلت الجزائر بناء مستشفيين في موريتانيا ووفّرت لهما التأطير الطبي.


ومنحت الجزائر في سنة 1971 ما يعادل 300 مليون فرنك إفريقي من العتاد العسكري دعما للجيش الموريتاني. وفي 1972 وقّع البلدان على اتفاقية تجارية وجمركية التزما بموجبها بتنمية مبادلاتهما التجارية، من خلال استيراد الجزائر للحديد الموريتاني واستيراد موريتانيا النسيج والفواكه الجزائرية، وكان من نتائج هذا التعاون تطور وسائل النقل، البحرية القوية والبرية بين البلدين، حيث قامت شركة النقل البحري الجزائرية، بفتح خط عربي منتظم يربط الجزائر مع مختلف موانئ غرب إفريقيا ومنها نواكشوط.


ومن أبرز نتائج التعاون الجزائري الموريتاني، هو ذلك الذي مكّن موريتانيا من الحصول على استقلالها النقدي، بإصدار عملتها الوطنية الأوقية، بضمانة جزائرية التي فتحت حساب سلفة بالعملة الصعبة مبلغ 3 ملايير فرنك إفريقي، فضلا عن تكليف البنك المركزي الجزائري بتكوين مسيري مؤسسة إصدار العملة الموريتانية.


ومنذ عام 2018 تزايد التواصل الثنائي الذي ترجمته حزمة المشاريع والتكاملية والإندماجية، بينها تدشين المعبرين الحدوديين، والمشروع الاستراتيجي لإنشاء الطريق البري تندوف-الزويرات لتسهيل حركة الأشخاص والسلع ومضاعفة التبادل التجاري إلى السوق الموريتانية، ومنها إلى السنغال ودول إفريقيا الغربية، ثم تدشين وكالتين لأول بنك جزائري في موريتانيا، وإقامة أول معرض دائم للمنتجات الجزائرية، إضافة إلى مشروعات في مجالات تكنولوجيا الإعلام والاتصال والتجارة والفلاحة والصيد البحري ومشاريع أخرى.

المصدر : جريدة الخبر

تعليقات

  1. مزيدا من التعاون بين البلدين لبلوغ الأهداف المرجوة لكلا البلدين إن شاء الله 🇲🇷💚🇩🇿

    ردحذف
  2. هذه الخطوة من شأنها انعاش النشاط التجاري بين البلدين علاوة على خلق تنمية وبيئة حيوية ومناصب شغل في المناطق الحدودية

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...