في التزامي بمبادئي، لا أعتاد على الاستيلاء على أفكار الآخرين أو الانخراط في السرقة الفكرية. لذا، أجد من الضروري التوضيح أن موضوع هذا المقال ليس نتاج تفكيري الشخصي، بل هو ثمرة أفكار صديق عزيز، خبير في الشؤون العسكرية والأمنية، كنت قد تبادلت معه النقاش مؤخرًا. وبما أنني لا أملك إذنه لذكر اسمه، سأحترم خصوصيته. ومع ذلك، لا يسعني إلا أن أعبر له عن امتناني العميق لوطنيته الراسخة وعمق تحليلاته. وأشعر بأسف بالغ لأن القادة السياسيين والعسكريين في بلدنا لا يولون اهتمامًا أكبر للعقول المستنيرة كهذه، التي لا تقدر نصائحها بثمن.
منذ عقود، يحاول النظام المغربي رسم صورة الضحية في نزاع الصحراء الغربية، متقناً فن البكاء على الأطلال وتقديم نفسه كحصن ضد الإرهاب، الانفصال، والجماعات المسلحة.
لكن خلف هذه المظلومية المصطنعة، يختبئ نظام يحترف التضليل الإعلامي، ويستخدم نفس الأساليب الدعائية المستهلكة، متشبهاً بشخصية كاساندرا الإغريقية التي كانت تتنبأ بالمصائب دون أن يصدقها أحد.
ما لا يدركه المغرب هو أن الإكثار من الشكاوى والاتهامات العشوائية سيجعله رهينة صورته الضحية، لأن العالم في النهاية يملّ من النحيب المتواصل... وهنا تكمن نقطة ضعف قاتلة يمكن للجزائر استغلالها بذكاء.
تكتيك "كاساندرا"... استراتيجية منتهية الصلاحية
منذ بداية النزاع الصحراوي، يكرر المغرب نفس الأسطوانة:
- في بداية الألفية: اتهم البوليساريو بالتعاون مع تنظيم القاعدة في الساحل.
- خلال موجة اللاجئين في أوروبا: قال إن المخيمات في تندوف بؤرة لتهريب البشر.
- مع صعود النفوذ الإيراني: بدأ يروج لأكذوبة أن الجزائر تدعم البوليساريو عبر حزب الله وإيران.
- واليوم، مع انتشار حملات حقوق الإنسان ضد تجنيد الأطفال في إفريقيا، عاد المغرب ليزعم أن الصحراويين يجندون الأطفال.
كلما برزت قضية دولية جديدة، يسارع الإعلام المغربي إلى الصقها بالجزائر والبوليساريو دون أي دليل.
لكن هذه الدعاية المفرطة جعلت النظام المغربي يبدو مثل تاجر الإشاعات الذي يردد نفس الأكاذيب حتى أصبح هو نفسه فاقداً للمصداقية أمام المجتمع الدولي.
الذكاء في الرد... الصمت القاتل
الحل ليس الرد، بل التجاهل الكامل.
"إذا رأيت كلباً ينبح... لا تنبح معه بل أطعمه عظمة تخرسه."
لكن هذا الصمت يجب أن يكون جزءاً من تكتيك شامل، حيث يتم ترك المغرب يصرخ وحده في الفراغ، بينما تتحرك الجزائر في الظل لتغيير قواعد اللعبة على الأرض.
كيف يمكن قلب الطاولة؟
1. عدم الرد على أي دعاية مغربية إعلامياً
كلما نشر المغرب إشاعة جديدة، يجب أن تلتزم الجزائر بالصمت التام... وتترك المغرب يغرق في أكاذيبه.
2. تسليح نوعي للبوليساريو في صمت
بدلاً من إصدار بيانات وشعارات، يجب التركيز على دعم الجبهة بأسلحة نوعية تُستخدم دون إعلان، مثل:
- الصواريخ Rezvan (بمدى 350 كم): قادرة على ضرب القواعد المغربية خلف الجدار دون تفعيل إنذارات الرادار.
- الصواريخ الإيرانية 358: مصممة لإسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيرة من نوع Hermes 900 التي تراقب الصحراء.
- الطائرات المسيرة Arash-2: طائرات انتحارية طويلة المدى، مثالية لتحييد البطاريات المضادة للطائرات المغربية.
- عربات 4x4 Buggy الصينية المسلحة برشاشات ثقيلة: مثالية للغارات السريعة عبر ثغرات الجدار.
- أنظمة التشويش الإلكتروني: لجعل الرادارات الإسرائيلية المنتشرة من قبل المغرب غير فعالة.
الهدف: انهيار الجدار الدفاعي في 6 أشهر
منذ توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، يعتمد المغرب بشكل كبير على الدعم التكنولوجي الإسرائيلي في الصحراء الغربية، خصوصاً عبر الطائرات بدون طيار وأنظمة التجسس.
لكن الأنظمة التي يقدمها الصهاينة مكلفة للغاية وضعيفة أمام تقنيات التشويش الإيرانية.
بضربة ذكية، يمكن للجزائر أن تسلح البوليساريو بأسلحة منخفضة الكلفة لكنها فعالة ضد التكنولوجيا الإسرائيلية.
في ظرف ستة أشهر فقط، سيبدأ الجدار الرملي المغربي في الانهيار التدريجي، دون أن يعرف أحد كيف حدث ذلك.
الصمت الذي يحرق... لا الذي يدفن
عندما يبدأ البوليساريو في إسقاط الطائرات الإسرائيلية واستهداف القواعد العسكرية دون أي إعلان مسبق، سيهرول النظام المغربي إلى وسائل الإعلام، يصرخ ويتهم الجزائر وإيران.
لكن هذه المرة... لن يصدقه أحد.
لأن العالم كله يعرف أن المغرب أصبح كاساندرا الباكية... يتنبأ بالمؤامرات ولا أحد يصدقه.
اللعبة النفسية
الهدف ليس فقط إسقاط الجدار العسكري... بل إسقاط الجدار النفسي.
الصبر هو السلاح الأشد فتكاً
على الجزائر أن تتحلى ببرود أعصاب الأسد:
- المغرب يصرخ... الجزائر تصمت.
- المغرب يتهم... الجزائر تنكر.
- المغرب يشتكي... الجزائر تزود البوليساريو بالأسلحة سراً.
وفي النهاية، حين تسقط أول قاعدة عسكرية مغربية، لن يكون هناك من يستمع لصوت كاساندرا.
الدرس الأخير
"الدعاية عندما تستخدم أكثر من اللازم... تصبح سلاحاً ضد صاحبها."
المغرب يظن أنه يحاصر الجزائر بالتصريحات الإعلامية، لكنه في الحقيقة يحاصر نفسه داخل قفص من الأكاذيب.
الذكاء ليس في مجاراته... بل في جعله يموت ببطء داخل ضجيجه الفارغ.
الجزائر ليست في عجلة... والزمن دائماً يقف مع الصامتين.
حين يسقط أول برج مراقبة مغربي بصاروخ مجهول المصدر، لن تحتاج الجزائر إلى إعلان أي شيء...
سيكفي أن تبتسم في صمت.
تعليقات
إرسال تعليق