التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الدعم الجزائري للشعب الصحراوي: موقف تاريخي، استراتيجي وغير قابل للمساومة في وجه الدعاية الإعلامية المغربية

 تحاول بعض المنابر الإعلامية المغربية، مثل صحيفة هسبريس، تشويه موقف الجزائر الثابت تجاه قضية الصحراء الغربية من خلال مقالات مليئة بالمغالطات والدعاية المضللة. تسعى هذه الحملات الإعلامية إلى تصوير دعم الجزائر لجبهة البوليساريو كعبء اقتصادي وسياسي يضر بمصلحة الشعب الجزائري، في محاولة مكشوفة لبث الفتنة داخل الرأي العام الجزائري.

إلا أن هذه الدعاية المغرضة تتجاهل أن الموقف الجزائري ينبع من مبادئ راسخة في السياسة الخارجية الجزائرية منذ الاستقلال، والتي تقوم على دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، إضافة إلى أن القضية الصحراوية ترتبط بشكل وثيق بأمن الجزائر القومي في مواجهة الأطماع التوسعية المغربية.

1. موقف جزائري ثابت مستند إلى المبادئ التحررية

الجزائر حصن الشعوب المضطهدة منذ الاستقلال

منذ نيل استقلالها عام 1962 بعد حرب تحريرية بطولية ضد الاستعمار الفرنسي، جعلت الجزائر من دعم حركات التحرر عبر العالم جزءًا لا يتجزأ من عقيدتها الدبلوماسية. هذا الموقف ليس وليد اللحظة أو مرتبطًا بحسابات سياسية ظرفية، بل هو التزام أخلاقي نابع من تجربة الجزائر المريرة مع الاستعمار.

التزام تاريخي بدعم حركات التحرر

الجزائر كانت دائمًا في الصفوف الأمامية لدعم حركات التحرر في العالم، من بينها:

  • دعم المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) في جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري.
  • مساندة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
  • دعم حركة تحرير أنغولا (MPLA).
  • دعم حركة تحرير الموزمبيق (FRELIMO).
  • تأييد نضال شعب ناميبيا ضد الاستعمار.

في هذا السياق، يعتبر دعم الجزائر للشعب الصحراوي امتدادًا طبيعيًا لمواقفها الثابتة في نصرة الشعوب المستضعفة.

التزام قانوني وفقًا للشرعية الدولية

على عكس الروايات المغربية التي تصف جبهة البوليساريو بـ"الانفصالية"، فإن الجزائر تستند إلى قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الصحراء الغربية إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1963. كما أن الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية سنة 1975 أكد بشكل قاطع عدم وجود أي روابط سيادية بين المغرب والصحراء الغربية.

بالتالي، فإن دعم الجزائر للصحراويين ليس موقفًا عدائيًا تجاه المغرب، بل هو تطبيق صارم للشرعية الدولية.

2. البعد الأمني والاستراتيجي: دفاع عن السيادة الجزائرية

الأطماع التوسعية المغربية تهديد مباشر للأمن القومي الجزائري

لا يمكن فصل قضية الصحراء الغربية عن الأطماع التاريخية للمغرب في المنطقة. منذ استقلال الجزائر، رفع النظام المغربي شعار "المغرب الكبير" الذي يزعم أن أجزاء من الأراضي الجزائرية مثل تندوف وبشار تابعة للسيادة المغربية.

حرب الرمال 1963: بداية المشروع التوسعي المغربي

لم تتردد المملكة المغربية في استخدام القوة العسكرية ضد الجزائر في بداية استقلالها، من خلال شن عدوان على الحدود الجزائرية في ما عرف بـحرب الرمال عام 1963. هذه الحرب كشفت عن حقيقة الأطماع المغربية في الأراضي الجزائرية.

لهذا السبب، تعتبر الجزائر أن انتصار المغرب في معركة الصحراء الغربية سيمهد الطريق أمام تجديد المطالب التوسعية تجاه أراضيها.

الصحراء الغربية: عمق استراتيجي للجزائر

إذا نجح المغرب في فرض سيادته على الصحراء الغربية، سيجد نفسه مباشرة على الحدود الجزائرية في مناطق حساسة مثل تندوف، مما سيشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الجزائري.

الدعم الجزائري لجبهة البوليساريو ليس مجرد دعم رمزي، بل هو حزام أمني استراتيجي يضمن حماية الحدود الجزائرية من التهديدات المحتملة.

3. حرب إعلامية فاشلة: محاولة يائسة لبث الفتنة داخل الجزائر

يحاول الإعلام المغربي تصوير أن الدعم الجزائري للصحراويين يأتي على حساب رفاهية الشعب الجزائري. هذه الحملة الدعائية تهدف إلى إحداث شرخ بين الدولة الجزائرية وشعبها، مستغلة بعض الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وعي الشعب الجزائري بحقائق القضية

على عكس ما يتوهم الإعلام المغربي، فإن الشعب الجزائري يعي تمامًا الخلفيات التاريخية والسياسية للقضية الصحراوية. الجزائريون يدركون أن التخلي عن القضية الصحراوية سيعني السماح للمغرب بتهديد أمنهم القومي.

الشعب الجزائري يعتبر قضية الصحراء الغربية قضية وطنية بامتياز وليست مجرد مسألة دبلوماسية خارجية.

منطق المصالح الاقتصادية لا يعلو على المبادئ

الجزائر دولة ذات سيادة وليست دولة انتهازية تقوم ببيع مواقفها السياسية مقابل مصالح اقتصادية آنية. من يروج لفكرة أن الجزائر يجب أن تتخلى عن القضية الصحراوية مقابل تعاون اقتصادي مع المغرب يجهل أن مبادئ الجزائر لا تخضع للمساومة.

4. الجزائر لن تنحني أمام الضغوط الأجنبية

الضغوط التي تمارسها بعض القوى الأوروبية مثل فرنسا لن تغير موقف الجزائر، لأن القضية الصحراوية جزء من العقيدة الدبلوماسية الجزائرية التي لا تخضع للإملاءات الخارجية.

الجزائر أثبتت عبر التاريخ أنها لا تبيع مواقفها ولا ترضخ للابتزاز، مهما كانت العواقب.

الخلاصة: موقف راسخ غير قابل للمساومة

الدعم الجزائري للشعب الصحراوي ليس خيارًا سياسيًا ظرفيًا، بل هو التزام تاريخي وأخلاقي وأمني. الجزائر تدافع عن مبدأ تقرير المصير ليس فقط في الصحراء الغربية، بل في أي بقعة من العالم.

كل محاولات الإعلام المغربي لتشويه الموقف الجزائري لن تؤدي إلا إلى تعزيز وحدة الصف الوطني الجزائري. الشعب الجزائري يدرك أن الحرية لا تتجزأ، وأن الدفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة هو جزء من هويته الوطنية.

الجزائر مع الشعوب المظلومة أمس، اليوم وغدًا

لا تنازل عن حق الشعوب في تقرير مصيرها
لا للمشاريع التوسعية على حساب الشعوب
نعم للاستقلال والحرية لكل الشعوب المستعمَرة

بــلقـــاســم مــربــاح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...