التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاريع الجزائرية في إفريقيا: واقعية وربحية مقابل المشاريع الخيالية المغربية

على مر العقود، أثبتت الجزائر قدرتها على إطلاق وإنجاز مشاريع كبرى في إفريقيا، تتميز بالواقعية والربحية، معتمدةً بشكل رئيسي على التمويل الذاتي. على النقيض، يقترح المغرب مشاريع طموحة ولكن غير واقعية بتمويل غامض، يخفي وراءها دوافع سياسية بدلاً من نوايا تنموية حقيقية.


1. خط أنابيب الغاز عبر الصحراء (TSGP)

وصف المشروع: خط أنابيب الغاز عبر الصحراء هو مشروع رئيسي يربط نيجيريا بالجزائر عبر النيجر، لنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا من واري (نيجيريا) إلى حاسي الرمل (الجزائر)، حيث سيتم نقله بعد ذلك إلى أوروبا.

المزايا:

  • الواقعية والإمكانية: المشروع قابل للتنفيذ تقنيًا، وقد اجتاز مراحل دراسات الجدوى والفرص .
  • التمويل: يتم تمويل المشروع بشكل رئيسي من قبل الجزائر ونيجيريا، وهما دولتان لديهما القدرات المالية والموارد اللازمة .
  • الأمن: تم تحقيق تقدم كبير لتأمين المنطقة الشمالية من نيجيريا ضد جماعة بوكو حرام. بالإضافة إلى ذلك، ستضمن الجزائر، بخبرتها في مكافحة الإرهاب، أمن خط الأنابيب الذي يعبر النيجر .
  • الخبرة التقنية: تمتلك الجزائر خبرة واسعة في صناعة الغاز، مما يضمن الإدارة الفعالة لخط الأنابيب .

2. الطريق العابر للصحراء

وصف المشروع: الطريق العابر للصحراء هو مبادرة لربط الجزائر بنيجيريا عبر النيجر، يبلغ طوله 4500 كيلومتر، ويهدف إلى تسهيل التجارة والتكامل الإقليمي مع تعزيز التبادلات الاقتصادية بين الدول المعنية.

المزايا:

  • الواقعية والإمكانية: يقترب المشروع من الاكتمال، حيث أن العديد من القطاعات قيد التشغيل بالفعل .
  • التمويل: يتم تمويله بشكل رئيسي من الموارد الجزائرية، مع مساهمات من نيجيريا والنيجر، وكذلك الدعم المالي الدولي .
  • الأثر الاقتصادي: سيعزز الطريق التجارة البينية الأفريقية، ويفتح المناطق الداخلية، ويعزز التنمية الاقتصادية للدول الصحراوية .

3. طريق تندوف-زويرات

وصف المشروع: طريق تندوف-زويرات هو مشروع استراتيجي يهدف إلى ربط مدينة تندوف الجزائرية بزويرات في موريتانيا، بطول 800 كيلومتر، لتسهيل التجارة بين البلدين وتحسين الاتصال الإقليمي.

المزايا:

  • التمويل: يتم تمويل المشروع بنسبة 100% من الجزائر، مما يظهر التزام البلاد بالتنمية الإقليمية .
  • الواقعية والإمكانية: يجري بالفعل تنفيذ البناء، حيث تعبأ الجزائر الموارد اللازمة لضمان نجاح المشروع .
  • الأثر الاقتصادي والاجتماعي: سيسهل الطريق نقل البضائع، ويقلل من تكاليف اللوجستيات، ويعزز الروابط الاقتصادية بين الجزائر وموريتانيا .

4. مشروع تحلية مياه البحر في موريتانيا

وصف المشروع: استثمرت الجزائر في مشاريع تحلية مياه البحر في موريتانيا لمعالجة نقص المياه وتحسين ظروف المعيشة المحلية.

المزايا:

  • الواقعية والإمكانية: الجزائر تتقن تكنولوجيا التحلية، مع العديد من المحطات التشغيلية داخل البلاد .
  • التمويل: يتم تمويل هذه المشاريع من الجزائر، مما يظهر الإدارة المالية الحكيمة والشراكات الفعالة .
  • الأثر الاجتماعي: يحسن الوصول إلى مياه الشرب من الصحة العامة ويدعم التنمية الاقتصادية .

مشاريع المغرب الخيالية: خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب والمبادرة الأطلسية

على النقيض من المشاريع الجزائرية، اقترح المغرب مشاريع طموحة ولكن غير واقعية في كثير من الأحيان بسبب صعوبة التنفيذ والتمويل غير الواضح. تكمن وراء هذه المبادرات دوافع سياسية تهدف إلى تقويض الجزائر والتأثير على قضية الصحراء الغربية.

1. خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب

وصف المشروع: يتصور هذا المشروع خط أنابيب غاز تحت الماء بطول 6000 كيلومتر يربط نيجيريا بالمغرب، ويمر عبر عدة دول في غرب إفريقيا.

المشكلات:

  • الإمكانية التقنية: يمثل خط أنابيب تحت الماء بهذا الحجم تحديات تقنية كبيرة لم يتم التغلب عليها أبدًا على هذا النطاق .
  • التمويل: لم يتمكن المغرب بعد من تأمين 100 مليون دولار اللازمة لدراسة الجدوى، ناهيك عن 50 مليار دولار اللازمة لاستكمال المشروع .
  • عدم الاستقرار السياسي: يمر خط الأنابيب عبر 13 دولة، بعضها غير مستقر سياسياً، مما يشكل مخاطر كبيرة على أمن خط الأنابيب .

الدوافع السياسية:

  • قضية الصحراء الغربية: يستخدم المغرب هذه المشاريع كأدوات سياسية لكسب الدعم في قضية الصحراء الغربية، على أمل أن تؤدي مثل هذه المبادرات إلى تأخير المشاريع الجزائرية وإضعاف موقفها .
  • حسن الثاني والتكامل الإفريقي: أشار الملك الراحل حسن الثاني إلى منظمة الوحدة الأفريقية (OAU) على أنها "منظمة دول الطمطم"، مما يظهر عدم احترام واضح للتكامل الأفريقي الحقيقي . ينعكس هذا الموقف في المبادرات المغربية الحالية، والتي تفتقر إلى الإخلاص بشأن التنمية الحقيقية جنوب-جنوب.

2. المبادرة الأطلسية لفتح دول الساحل

وصف المشروع: تهدف هذه المبادرة إلى تطوير البنية التحتية للنقل لفتح دول الساحل، وربط المناطق الداخلية بالساحل الأطلسي.

المشكلات:

  • التمويل: لم يوضح المغرب بعد كيفية تمويل هذا المشروع الكبير، الذي يتطلب مليارات الدولارات لبناء الطرق والجسور والأنفاق الضرورية .
  • الواقعية والإمكانية: المشروع يواجه تحديات جيوسياسية ومالية كبيرة، تجعل من الصعب تنفيذه بنجاح .

الدوافع السياسية:

  • تعطيل المشاريع الجزائرية: يبدو أن الهدف الوحيد للمغرب هو تعطيل المشاريع الجزائرية من خلال الإيهام بوجود مشاريع بديلة ذات مصداقية .
  • استخدام الطرق الدبلوماسية غير النزيهة: نظم المغرب مؤتمرات في مراكش مع قادة أفارقة مشكوك في أخلاقهم ومستواهم الفكري، مما يشير إلى دوافع سياسية أكثر من كونها تنموية .

العلاقة الجزائرية-الموريتانية كنموذج للتعاون الإفريقي

تُعد العلاقة الجزائرية الموريتانية مثالاً ممتازاً على التباين بين المقاربتين الجزائرية والمغربية في العلاقات مع الدول الأفريقية:

  • المساعدة في الهيكلة العسكرية: ساعدت الجزائر موريتانيا في هيكلة جيشها وموّلت شراء الأسلحة بمبلغ 300 مليون فرنك أفريقي في عام 1971 .
  • دعم العملة الوطنية: دعمت الجزائر موريتانيا للخروج من الفرنك الإفريقي، وساعدت في إنشاء العملة الوطنية الموريتانية، الأوقية، وضمنت لفترة طويلة الأوقية من خلال إنشاء حساب في بنك الجزائر بقيمة 3 مليار فرنك إفريقي .
  • تأميم مناجم الحديد الخام: ساعدت الجزائر موريتانيا على تأميم مناجم الحديد الخام، وقامت بتدريب الفنيين والمهندسين الموريتانيين .
  • مشروع طريق تندوف-زويرات: أطلقت الجزائر مشروعًا لبناء طريق بطول 800 كلم على الأراضي الموريتانية (طريق تندوف-زويرات) .
  • صناعة الحديد: تعمل الجزائر مع موريتانيا لتمكين الشريك الموريتاني من الاستفادة من صناعة الحديد الجزائرية: فبدلاً من تصدير خام الحديد، سيتمكن الموريتانيون من معالجة خام الحديد في المصانع الجزائرية، ومن ثم تصدير منتجات ذات قيمة مضافة عالية .

الاستنتاج

على الرغم من الجهود الدعائية للمغرب، سيكون من الصعب جعل الأفارقة يصدقون أن المغرب يمكن أن يكون بديلاً موثوقاً للجزائر عندما يتعلق الأمر بتنمية إفريقيا. الأفارقة يدركون طبيعة النظام المغربي بوصفه تابعاً لفرنسا وينفذ أجندتها، بينما الجزائر تواصل العمل بلا هوادة لتحقيق أحلام الآباء المؤسسين للوحدة الإفريقية. 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نداء لطرد المغاربة المقيمين بشكل غير قانوني في الجزائر

وقع على العريضة إذا كنت توافق https://www.mesopinions.com/petition/politique/appel-solennel-expulsion-marocains-situation-irreguliere/232124   السيد الرئيس، أيها المواطنون الأعزاء، نحن نواجه وضعًا حرجًا يتطلب استجابة حازمة وحاسمة. إن وجود أكثر من 1.2 مليون من المواطنين المغاربة في وضع غير قانوني على أراضينا يشكل تهديدًا للأمن القومي، والاقتصاد، والتماسك الاجتماعي لبلدنا. يجب علينا أن نتحرك بعزم لحماية أمتنا وضمان مستقبل آمن ومزدهر لجميع الجزائريين. الأمن القومي في خطر تم الكشف عن وجود علاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والمغرب. وتشير التقارير إلى أن الموساد يقوم بتجنيد واسع النطاق في الجالية المغربية، لا سيما في فرنسا. لا يمكننا استبعاد إمكانية حدوث أنشطة مشابهة على أرضنا، مما يهدد أمننا القومي. كدولة ذات سيادة، لا يمكننا التسامح مع وجود أفراد يمكن أن يعرضوا أمننا واستقرارنا للخطر. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية تشكل تدفقات العملة الصعبة بشكل غير قانوني نحو تونس ليتم تحويلها إلى المغرب عبر البنوك المغربية هروبًا غير مقبول لرؤوس الأموال. بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط بعض أعضاء ...

عبد العزيز رحابي يحلل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي

 في مقابلة مع TSA Algérie ، تحدث عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق، عن توقيع اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (EU)، ودور الدبلوماسية الجزائرية وتأثير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. النقاط الرئيسية في المقابلة مشاكل اتفاقية الشراكة الجزائر-الاتحاد الأوروبي : انتقد رحابي اتفاقية الشراكة موضحًا أنها لم تحقق الأثر المتوقع للجزائر. وأعرب عن أسفه لعدم وجود حوار حقيقي بين الجزائر وأوروبا حول القضايا الحيوية مثل الأمن الإقليمي، الإرهاب، الهجرة والتهديدات الاقتصادية والاستراتيجية. شدد على أن الجزائر خسرت ما يقرب من 16 مليار دولار نتيجة التفكيك التدريجي للتعريفات الجمركية المنصوص عليه في الاتفاقية، في حين أن الاستثمارات الأوروبية في الجزائر ظلت ضعيفة. دور الحكم الرشيد والدبلوماسية : أكد رحابي على أهمية الحكم الرشيد لتجنب توقيع الجزائر على اتفاقيات تجارية غير مواتية. انتقد الإدارة الجزائرية لافتقارها للإصلاحات واعتمادها على اقتصاد الريع، مما يعرقل جهود التحديث والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية. مفاوضات الاتفاقية : أشار رحابي إلى أن فكرة التعاون الأورو...

الطموحات التوسعية للمغرب خلال حرب التحرير الوطني: تحليل وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي لعام 1957

 تكشف وثيقة من جهاز الاستخبارات الفرنسي، مؤرخة في 16 ديسمبر 1957، عن الطموحات التوسعية للمغرب تجاه الجزائر في خضم حرب الاستقلال. تلقي هذه الوثيقة ضوءًا جديدًا على العلاقات المعقدة بين البلدين وتتناقض جزئيًا مع السرد التاريخي الذي يتم تدريسه في الجزائر، والذي يشير إلى دعم غير مشروط من المغرب للثورة الجزائرية. في النسخة الرسمية لتاريخ حرب التحرير الوطني، كما يتم تقديمها في المدارس الجزائرية، يُصوَّر المغرب، تحت حكم الملك محمد الخامس، كحليف قوي في النضال من أجل استقلال الجزائر. يبرز هذا السرد وحدة الشعبين المغربي والجزائري في كفاحهما ضد الاستعمار الفرنسي. ومن الصحيح أن الثوار الجزائريين رأوا في بداية الأمر أن نضالهم جزء من حركة تحرير مغاربية أوسع (تونس – الجزائر – المغرب). على سبيل المثال، هجوم شمال قسنطينة في أغسطس 1955، الذي تم تنفيذه ردًا على نفي السلطان المغربي إلى مدغشقر، يوضح هذه التضامن الإقليمي. ومع ذلك، كانت سنة 1956 نقطة تحول حاسمة في العلاقات بين الجزائر والمغرب. خلال هذه الفترة، حصل المغرب وتونس على استقلالهما بعد مفاوضات مباشرة مع فرنسا، تاركين الجزائر تواصل نضالها المسلح...