منذ عقود طويلة، يُعتبر المخزن أداة تنفيذية تخدم أجندات إسرائيل في المنطقة المغاربية والشرق الأوسط. انطلاقًا من حقبة الملك الحسن الثاني وصولاً إلى الوقت الحاضر، تتكشف سلسلة من الوقائع التي تثبت الدور المغربي في زعزعة استقرار العالم العربي، وتنفيذ خطط الموساد الإسرائيلية. هذه الوقائع ليست مجرد اتهامات عابرة، بل تستند إلى وثائق مسربة وتصريحات صادرة عن أطراف إسرائيلية تؤكد تورط القيادة المغربية في خيانة القضايا العربية.
بداية الخيانة: الحسن الثاني والموساد
تعود أولى فصول هذه الخيانة إلى الستينيات، حين تورط الملك الحسن الثاني في نقل معلومات حساسة إلى إسرائيل. كان أبرز هذه الوقائع تسريب تسجيلات صوتية لاجتماعات القمة العربية التي انعقدت في الدار البيضاء عام 1965. في تلك القمة، اجتمع قادة العالم العربي لمناقشة تشكيل قيادة موحدة لمواجهة إسرائيل. إلا أن الحسن الثاني، بدلاً من الدفاع عن المصالح العربية، قام بتزويد الموساد الإسرائيلي بتسجيلات تكشف عن خطط القادة العرب ونقاط ضعفهم العسكرية والسياسية.
هذه التسجيلات، وفقًا لتقارير إسرائيلية، ساهمت بشكل مباشر في تحضير إسرائيل لحرب الأيام الستة عام 1967، التي انتهت بانتصار إسرائيلي ساحق. اعترف الإسرائيليون لاحقًا بأن "لولا المغرب، ربما لم تحقق إسرائيل الانتصار في تلك الحرب"، مؤكدين أن الحسن الثاني لعب دورًا مركزيًا في هذا الانتصار عبر تقديم معلومات استخباراتية حاسمة.
استمرار الخيانة: المخزن في العصر الحديث
بعد ستة عقود من خيانة الحسن الثاني، لا يزال المخزن يسير على نفس النهج. العلاقات بين المغرب وإسرائيل أصبحت علنية وأكثر وضوحًا، مع توقيع اتفاقيات تطبيع في السنوات الأخيرة. لكن الأمر لا يتوقف عند حدود التعاون العلني، بل يمتد إلى مؤامرات تُحاك في الخفاء ضد دول عربية أخرى.
مؤخرًا، كشفت تسريبات سرية عن تحركات مشبوهة للسفارة المغربية في القاهرة، حيث تبين أن المخابرات المغربية تعمل بتنسيق مع "صحفيين" مصريين مقربين من جماعة الإخوان المسلمين. هؤلاء الصحفيون، أمثال محمد ناصر ومعز مطر، يتلقون دعمًا من المخابرات المغربية بهدف إثارة الاضطرابات في الشارع المصري ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
الوثائق المسربة: دليل آخر على التواطؤ
وفقًا لوثائق سرية تم تسريبها، فإن السفارة المغربية في القاهرة قامت بنقل معلومات "بالغة الحساسية" إلى هؤلاء الصحفيين، الذين ينشطون من تركيا وقطر عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأشارت الوثائق إلى أن الإعلام المصري "مقيد"، لذلك تم الاعتماد على هؤلاء الوسطاء لنشر المعلومات وتحريض الشارع المصري ضد الحكومة.
الدور الإقليمي: من الجزائر إلى مصر وسوريا
لم يكن المخزن يركز جهوده فقط على مصر. فقد كشفت تقارير أخرى عن دور نشط للمغرب في حملات تشويه ضد الجزائر ومحاولات لزعزعة استقرارها داخليًا وخارجيًا. بالإضافة إلى ذلك، ظهر دور المخزن جليًا في تسهيل وصول عملاء إسرائيليين إلى مواقع حساسة في الشرق الأوسط، مثل سوريا، حيث تمكن أحمد الشرع، زعيم إرهابي موالٍ لإسرائيل، من الوصول إلى السلطة دون مقاومة.
التطبيع: غطاء لتمرير أجندات خفية
التطبيع الرسمي بين المغرب وإسرائيل جاء كخطوة لتكريس هذا التحالف التاريخي بين المخزن والموساد. لكن هذا التطبيع ليس مجرد علاقات دبلوماسية واقتصادية، بل هو واجهة تُستخدم لتوسيع نفوذ إسرائيل في المنطقة. ويبدو أن المخزن يلعب دورًا رئيسيًا في تسهيل هذه الأجندة، سواء عبر الحملات الإعلامية أو تقديم الدعم الاستخباراتي.
خلاصة: المخزن بين الخيانة والمصلحة الذاتية
يثير الدور المغربي في دعم إسرائيل والتآمر على دول عربية عديدة تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الخيانة الممتدة. هل هو مجرد رغبة في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب الوحدة العربية؟ أم أنه انعكاس لسياسة استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى ضمان بقاء النظام المغربي عبر تحالفات خارجية مشبوهة؟
في كلتا الحالتين، يظهر المخزن كأداة تخدم المصالح الإسرائيلية، ما يضع المغرب في موقع العداء الواضح لعدد من الدول العربية التي لا تزال تحارب من أجل الحفاظ على سيادتها واستقرارها.
بلقاسم مرباح
تعليقات
إرسال تعليق