التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا لا تعلن الجزائر المنطقة الحدودية مع المغرب منطقة عسكرية محظورة على المدنيين؟

  وباعتبار الجزائر بلداً من بلدان شمال أفريقيا، فهي قريبة جغرافياً من عدد من البؤر الساخنة للاتجار بالمخدرات، ولا سيما في منطقتي الساحل والمغرب العربي. وعلى الرغم من أن الجزائر لا تُعتبر في كثير من الأحيان مركزاً رئيسياً للاتجار بالمخدرات على المستوى العالمي، إلا أنها ليست بمنأى عن التحديات المرتبطة بالتداول غير المشروع للمواد المخدرة.



وقد تشمل بعض العوامل التي تسهم في الاتجار بالمخدرات في الجزائر القرب الجغرافي من البلدان المنتجة أو مناطق العبور، والمشاكل الاقتصادية، والفقر، والثغرات المحتملة في الترتيبات الأمنية. وقد وضعت السلطات الجزائرية تدابير لمكافحة هذه الظاهرة من خلال تعزيز الرقابة على الحدود والتعاون مع المنظمات الدولية وتعزيز قدرات قواتها الأمنية.


تأثير تجارة المخدرات في المغرب على الجزائر


إن تأثير الاتجار بالمخدرات في المغرب على الجزائر معقد ومتعدد الأوجه. فالمغرب هو أحد أكبر منتجي القنب في العالم، وقد يكون بعض هذا الإنتاج موجهاً إلى الأسواق الدولية، بما في ذلك البلدان المجاورة مثل الجزائر. وفيما يلي بعض جوانب تأثير الاتجار بالمخدرات في المغرب على الجزائر:
  • الاتجار عبر الحدود: تُستخدم الحدود بين المغرب والجزائر كطرق عبور للاتجار بالمخدرات، ولا سيما القنب. ويتحايل المهربون على التدابير الأمنية باستخدام طرق سرية عبر هذه المناطق الحدودية.
  • الأمن القومي: يؤثر الاتجار بالمخدرات على الأمن القومي الجزائري. فهو يرتبط بأنشطة غير مشروعة أخرى مثل التهريب وغسل الأموال وحتى تمويل المنظمات الإجرامية أو الإرهابية. وهذا له تأثير على الاستقرار والأمن الإقليميين.
  • الضغط على السلطات: تواجه السلطات الجزائرية تحديات إضافية في مجال إنفاذ القانون بسبب تهريب المخدرات من المغرب. ومما يزيد من صعوبة هذا الوضع أن السلطات المغربية لا تتعاون مع الجزائر للحد من هذا الاتجار.
  • الاستهلاك المحلي: بعض المخدرات المنتجة في المغرب موجهة أيضاً للاستهلاك المحلي في الجزائر. وهذا له عواقب على الصحة العامة والمجتمع ورفاهية الأفراد.


لماذا لا تتخذ الجزائر إجراءات جذرية لمكافحة هذه الآفة؟

وقد تعالت أصوات عديدة في الجزائر تطالب السلطات الجزائرية باتخاذ إجراءات جذرية ضد مهربي المخدرات من خلال إعلان المنطقة الحدودية مع المغرب منطقة عسكرية محظورة على المدنيين، وتطبيق عقوبة الإعدام ضد مهربي المخدرات، كما هو الحال في دول مثل المملكة العربية السعودية والفلبين.
قد تكون هناك عدة أسباب تجعل دولة مثل الجزائر تواجه تحديات في تنفيذ تدابير جذرية ضد تهريب المخدرات. وقد تشمل بعض هذه الأسباب ما يلي:
  • المسائل الأمنية: يمكن أن تنطوي مكافحة الاتجار بالمخدرات على مسائل أمنية معقدة. فالجماعات الإجرامية الضالعة في الاتجار بالمخدرات يمكن أن تكون قوية ومسلحة تسليحاً جيداً، ويمكن أن تتطلب مواجهتها جهوداً كبيرة من حيث الموارد البشرية والمادية والمالية.
  • التعاون الدولي: غالباً ما يكون الاتجار بالمخدرات ظاهرة عابرة للحدود الوطنية، وتتطلب جهود مكافحتها تعاوناً دولياً. وقد تكون جهود الجزائر محدودة إذا كان التعاون مع الدول الأخرى في المنطقة أو على المستوى العالمي غير كافٍ، وهذا هو الحال بالضبط مع المغرب الذي يعتبر بلد يعتمد بشكل كبيرفي اقتصاده على الاتجار بالمخدرات (اكثر من 20 مليار دولار سنوياً) و يتم حماية هذه التجارة برعاية الملك نفسه.
  • محدودية الموارد: يمكن أن تعيق قيود الميزانية ومحدودية الموارد قدرة البلد على تنفيذ تدابير جذرية. فالاستثمارات في التدريب والمعدات والتنسيق بين الوكالات الحكومية ضرورية لمكافحة الاتجار بالمخدرات بشكل فعال.
  • الاستقرار الاجتماعي: قد يكون للتدابير الجذرية في بعض الأحيان عواقب اجتماعية واقتصادية غير مرغوب فيها. يجب على الحكومات أن توازن بين مكافحة الاتجار بالمخدرات والأولويات الأخرى، مثل الاستقرار الاجتماعي، لتجنب التداعيات السلبية على السكان.
  • تعقيد المشكلة: غالباً ما يرتبط الاتجار بالمخدرات بمشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية أخرى. وتتطلب الحلول الفعالة اتباع نهج شامل يعالج هذه المشاكل الأساسية بطريقة متماسكة.

الخلاصة

تتطلب مكافحة الاتجار بالمخدرات في الجزائر، كما هو الحال في أي بلد آخر، اتباع نهج شامل ومتكامل. وفيما يلي بعض الحلول التي يمكن أن تسهم في مكافحة المخدرات في الجزائر على نحو أكثر فعالية:
  • تعزيز أمن الحدود: تحسين مراقبة الحدود وأمنها للحد من الاتجار غير المشروع بالمخدرات.
  • التعاون الدولي: تعزيز التعاون مع البلدان الأخرى في المنطقة والمنظمات الإقليمية والهيئات الدولية لمكافحة الاتجار بالمخدرات بطريقة تعاونية.
  • بناء القدرات في مجال إنفاذ القانون: توفير ما يكفي من التدريب والموارد والمعدات الحديثة لوكالات إنفاذ القانون لتعزيز فعاليتها في منع وقمع الاتجار بالمخدرات.

  • تشديد التشريعات: مراجعة وتعزيز قوانين مكافحة المخدرات، وفرض عقوبات أشد على المتاجرين والمتواطئين معهم.
  • الوقاية والتثقيف: تنفيذ برامج للوقاية من المخدرات في المدارس والمجتمعات المحلية لزيادة الوعي بمخاطر المخدرات وتثبيط التعاطي.
  • إعادة التأهيل والعلاج: تطوير برامج العلاج وإعادة التأهيل للأشخاص المتضررين من إدمان المخدرات، مع التركيز على إعادة الإدماج الاجتماعي.
  • حملات التوعية: تنظيم حملات توعية على الصعيد الوطني لإطلاع الجمهور على مخاطر الاتجار بالمخدرات وتعاطيها.
  • التنسيق بين الوكالات: تعزيز التنسيق بين مختلف الوكالات الحكومية، بما في ذلك أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات والعدالة والخدمات الاجتماعية.
  • معالجة الأسباب الكامنة: معالجة الأسباب الكامنة وراء الاتجار بالمخدرات، مثل الفقر والبطالة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التي يمكن أن تسهم في تعرض الناس للمخدرات.
  • إشراك المجتمع المحلي: إشراك المجتمع المحلي بنشاط في مكافحة المخدرات من خلال التشجيع على الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة وتعزيز التضامن المجتمعي.
وتعتمد فعالية هذه التدابير على التنفيذ المتسق والالتزام المستمر من جانب السلطات والمجتمع المدني وعامة الناس. ويُعتبر النهج الشامل الذي يجمع بين الوقاية والقمع والعلاج وإعادة التأهيل هو الأكثر فعالية بشكل عام.







المصادر:
  • تقرير صادر عن مركز الرصد الأوروبي للمخدرات وإدمان المخدرات: ISBN 978-92-92-9497-838-7
  • المكتب الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها (الجزائر): الجهود التي تبذلها الجزائر لخفض المعروض من المخدرات، بقلم/ م. أ. بن حلة، المدير العام - المكتب الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها (22 أكتوبر 2018)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون

 سيدي الرئيس، أتمنى أن تصلكم هذه الرسالة و أنتم بصحة جيدة. أكتب إليكم اليوم بقلب مثقل لأعبر عن قلقي العميق واستيائي لوجود أكثر من 1.2 مليون مغربي في أرض الجزائر الطاهرة. كمواطن مسؤول ومعني ، أشعر أنه من واجبي أن أوجه انتباهكم إلى هذا الأمر. أود أولاً أن ألفت انتباهكم إلى الروابط بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والمغرب.  لقد تم الكشف أن الموساد يجند بشكل كبير في الجالية المغربية في فرنسا. هل لدينا ضمانة أن الكيان الصهيوني لا يفعل الشيء نفسه في الجزائر؟ هذه القضية مصدر كرب وإحباط لمواطني بلادنا الذين يفقدون الأمل في التمثيلية الوطنية التي يفترض أن تدافع عن المصلحة العليا للوطن. لماذا يجب أن نبقي على أرضنا رعايا دولة معادية؟ لماذا لا نعيد هؤلاء إلى وطنهم لتفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لبلد يتآمر ضد مصالحنا ويغرق بلدنا بأطنان من المخدرات؟ لماذا يجب أن نتسامح مع وجود اليوتيوبرز المغاربة في الجزائر الذين يسخرون يوميا من الشعب الجزائري؟ لماذا لا تفرض الدولة الجزائرية تأشيرة دخول على هذا البلد العدو لمراقبة التدفقات السكانية بشكل أفضل بين الجزائر والمغرب؟ نعتقد أن الجزائر يجب أن تقطع الع

ما هي المشاكل بين الجزائر والمغرب ؟ لماذا لن يتم استعادة العلاقات مع المغرب ؟ ولماذا لا تقبل الجزائر أي وساطة مع المغرب ؟

في 24 أغسطس 2021، اتخذت الجزائر قرارًا تاريخيًا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، الذي واصل القيام بأعمال عدائية وغير ودية وخبيثة ضد بلدنا منذ استقلال الجزائر. في هذا المقال لن نتطرق للخيانات المغربية العديدة والممتدة عبر الازمنة و كذلك التي طالت الجزائر قبل الاستقلال (-اختطاف طائرة جبهة التحرير الوطني - خيانة الأمير عبد القادر - قصف مآوي المجاهدين الجزائريين من قاعدة مراكش الجوية - مشاركة المغاربة في مجازر سطيف، قالمة وخراطة عام 1945. الخ)، لأن الموضوع يستحق عدة مقالات ولأن الأفعال الكيدية عديدة، ولا يتسع المجال لذكرها، ومنذ وصول السلالة العلوية عام 1666 في سلطنة مراكش وفاس وهو الاسم الحقيقي للمملكة، قبل أن يقرر الحسن الثاني تغيير اسمها الرسمي بالاستيلاء دون وجه حق، عام1957(بينما كانت الجزائر تحارب الاستدمار الفرنسي) على اسم منطقة شمال إفريقيا: "المغرب" والذي يشمل كل من تونس و ليبيا والجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية وسلطنة فاس ومراكش. 1ــ بماذا تتهم الجزائر المغرب؟ للإجابة على هذا السؤال ودون الخوض فى الخيانات المغربية العديدة قبل استقلال الجزائر، فإن الوثيقة الأكثر ا

وكالة المخابرات المركزية ترفع السرية عن وثيقة تسلط الضوء على الدوافع الحقيقية للمغرب في حرب الرمال عام 1963

  رفعت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مؤخرًا السرية عن وثيقة مؤرخة في 23 أغسطس 1957، وهي وثيقة تفصّل المناطق المنتجة للنفط في الجزائر وتحدد الخطط الفرنسية للجزائر ما بعد الاستقلال. تحتوي هذه الوثيقة على المعلومات التالية: كانت فرنسا ترغب بالاحتفاظ بالصحراء الجزائرية بأي ثمن، وكانت تخطط لتقسيمها إلى ولاياتان. لم تكن فرنسا تنوي مد أنابيب الغاز أو النفط إلى شمال الجزائر لتجنب التعامل في المستقبل مع الجزائر المستقلة، ولهذا السبب كانت فرنسا تناقش إسبانيا إمكانية تمريرالنفط والغاز الجزائري إلى الصحراء الغربية التي كانت تسيطر عليها إسبانيا. وكان الإسبان متحمسين للغاية بل وقدموا ضمانات للفرنسيين، مؤكدين  نية إسبانيا في عدم مغادرة الصحراء الغربية. تشير الوثيقة أيضاً إلى مشاكل حدودية مع ليبيا، التي كانت لديها مخططات إقليمية على حقول زرزايتين وإدجيليه وتيغنتورين. ويُقال إن فرنسا قدمت رشوة لرئيس الوزراء الليبي في ذلك الوقت، بن حليم، من أجل تسوية قضية الحدود بشكل نهائي.    المثير للاهتمام في وثيقة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هذه هو أن المناطق الحاملة للنفط في جنوب غرب الجزائر تتطابق بش